السلطات الإيرانية تحوّل مقابر سياسيين أعدمتهم في الثمانينيات إلى "موقف سيارات"

أعلنت بلدية طهران أنها حوّلت مقابر السجناء السياسيين الذين أُعدموا في ثمانينيات القرن الماضي داخل مقبرة بهشت زهراء إلى "موقف سيارات".
أعلنت بلدية طهران أنها حوّلت مقابر السجناء السياسيين الذين أُعدموا في ثمانينيات القرن الماضي داخل مقبرة بهشت زهراء إلى "موقف سيارات".
داوود كودرزي، نائب رئيس بلدية طهران، قال يوم الثلاثاء 19 أغسطس (آب): "القطعة 41 كانت مهملة، وكنا بحاجة إلى موقف للسيارات في القطعة 42، فحصلنا على الترخيص من المسؤولين، وحوّلناها إلى موقف سيارات".
وأضاف مشيرًا إلى أن في هذه القطعة مدافن ضحايا ومعدومي منظمة مجاهدي خلق: "حصلنا على التراخيص اللازمة لتجهيز هذا المكان وتحويله إلى موقف سيارات، والأعمال تجري بشكل صحيح وذكي".
وتُعدّ القطعة 41 من بهشت زهراء من أشهر أماكن دفن معارضي ومنتقدي النظام الإيراني؛ حيث دُفن العديد من السجناء السياسيين المعدومين خلال العقود الماضية، وخاصة أعضاء منظمة مجاهدي خلق إيران.
ويُطلق عليها اسم "قطعة المعدومين"، ويُقال إن فيها إلى جانب مقاتلي مجاهدي خلق عددًا من المتورطين في "انقلاب نوجه"، وكذلك بعض رجال الأعمال الذين أُعدموا في السنوات الأولى بعد الثورة.
هذه القطعة واجهت منذ السنوات الأولى بعد ثورة 1979 حملات تخريب متكررة وإهانات وقيود صارمة على زيارات عائلات الضحايا وذويهم.
محاولة لطمس آثار الجريمة
خلال الأسابيع الماضية، نشرت بعض عائلات المعدومين منشورات عبر شبكات التواصل الاجتماعي تحدثت عن تخريب القطعة 41 من بهشت زهراء، واعتبرتها محاولة من النظام الإيراني لطمس آثار جرائمه.
وعلى مدى السنوات الماضية، ظهرت تقارير عديدة عن محاولات النظام الإيراني لتخريب قبور المعدومين في ثمانينيات القرن الماضي، مما زاد المخاوف من محو تدريجي لآثار الضحايا.
موقع "هرانا" الحقوقي نشر عام 2017 صورًا من القطعة 41، وكتب: "هذه القطعة خلافًا لغيرها من قطع بهشت زهراء الخضراء والمرتبة، تُركت عمدًا قاحلة، لا تُجمع نفاياتها ولا تُنظف، قبورها غالبًا بلا شواهد أو بشواهد محطمة، وحتى الذين يزورونها يشعرون بثقل الأجواء الأمنية".
كما طالبت عائلات الضحايا مرارًا خلال العقود الماضية بمساءلة المسؤولين عن إعدام أحبّائهم، وتسليم وصاياهم، وتحديد أماكن دفنهم بدقة.
إعدامات الثمانينيات
في صيف عام 1988، وبعد انتهاء الحرب الإيرانية- العراقية، وبناءً على فتوى وأمر روح الله الخميني، أُعدم آلاف السجناء السياسيين وأصحاب الرأي سرًا في سجون مختلفة بإيران، منها إيفين وغوهردشت، ودُفنوا في مقابر جماعية ومجهولة.
لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المعدومين في ما يُعرف بـ"مجزرة 1988"، لكن بعض التقديرات تشير إلى ما بين 3 إلى 5 آلاف ضحية، فيما يرى آخرون أن العدد أكبر.
كثير من هؤلاء السجناء كانوا قد خضعوا للمحاكمة، وبعضهم كان يقضي أحكامًا بالسجن بالفعل.
جاويد رحمن، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران، نشر في 22 يوليو (تموز) 2024 تقريرًا أكد فيه أن مرور الزمن لا يجب أن يؤدي إلى إفلات الجناة من العقاب.
رحمن شدد في تقريره على أن النظام الإيراني وقادته يجب ألا يُعفوا من المسؤولية عن "جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية"، مشيرًا إلى أدلة على تلك الجرائم في إيران، بما في ذلك اضطهاد البهائيين، والسجناء السياسيين، والمواطنين الأكراد.
كما قال المقرر الخاص للأمم المتحدة في يونيو (حزيران) 2024، خلال الجلسة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان، إن آلاف السجناء السياسيين في ثمانينيات القرن الماضي- خاصة في عام 1981 وصيف 1988- أُعدموا بفتوى وموافقة الخميني، ومن خلال ما عُرف بـ"لجنة الموت".