رغم حصولها على النفط منهما بأسعار رخيصة.. الصين تتجاهل إيران وروسيا في استثماراتها

توجه الصين استثماراتها ومساراتها التجارية الجديدة نحو منافسي إيران وروسيا، بينما تستمر في شراء النفط الرخيص منهما، وفقاً لما تُظهره البيانات الرسمية الصينية.
توجه الصين استثماراتها ومساراتها التجارية الجديدة نحو منافسي إيران وروسيا، بينما تستمر في شراء النفط الرخيص منهما، وفقاً لما تُظهره البيانات الرسمية الصينية.
تتدفق مليارات الدولارات من رأس المال نحو آسيا الوسطى والقوقاز والعالم العربي، بينما يتم استبعاد حلفاء بكين في طهران وموسكو من المشاريع التحتية الكبرى.
تُظهر أحدث إحصاءات "مبادرة الحزام والطريق" الصينية (BRI) أبعاد هذا التحول. في النصف الأول من عام 2025، وقّعت بكين استثمارات بقيمة تزيد عن 57 مليار دولار وعقوداً بقيمة 66 مليار دولار ضمن هذا المشروع، لكن اسم إيران وروسيا غائب عن هذه القائمة.
بالنسبة لإيران، هذا يعني أن ما يقرب من عقد من الزمن مر دون أي استثمار كبير من الصين. كان آخر عقد مهم في عام 2016، عندما تدخلت شركة "سي إن بي سي" الصينية (CNPC) لتطوير المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي، لكنها انسحبت من المشروع مع عودة العقوبات الأميركية.
على الرغم من أن طهران وموسكو وبكين غالباً ما تُظهر نفسها ككتلة مناهضة للغرب من خلال عقد قمم مشتركة ومناورات عسكرية وإصدار بيانات، إلا أن نهج الصين أكثر براغماتية بكثير.
في واشنطن والعواصم الأوروبية، غالباً ما تُعتبر هذه الدول الثلاث حلفاء استراتيجيين، لكن بكين لا تُظهر رغبة كبيرة في الانخراط في نزاعات إيران أو روسيا ولا تقدم استثمارات فعلية لدعمهما.
مسارات جديدة
تدعم الصين كوريدورات النقل التي تستبعد كلا البلدين من مسارات التجارة الأوراسية. ارتفع حجم الشحن في مسار آسيا الوسطى- القوقاز- تركيا- أوروبا بنسبة 68 بالمائة العام الماضي ليصل إلى 4.5 مليون طن، بينما انخفضت حركة النقل العابر عبر روسيا في كلا الاتجاهين بأكثر من 45 في المائة.
تمتلك بكين الآن 51 بالمائة من مشروع سكة حديد قرغيزستان-أوزبكستان بقيمة 4.7 مليار دولار، والذي يربط أيضاً قزخستان والقوقاز. تمر جميع هذه المسارات عبر جمهورية أذربيجان، التي من المقرر أن تُطلق "كوريدور زنغزور" على طول الحدود مع إيران، بعد اتفاق مع أرمينيا وبوساطة أميركا.
عند اكتماله، يمكن أن يضاعف هذا الكوريدور حجم الشحن العابر عبر أذربيجان بحلول عام 2027، وهو رقم يعادل ضعف إجمالي الشحن الخارجي لإيران في عام 2024.
تقليص نفوذ إيران في الطاقة
تُقلل أذربيجان أيضاً من اعتمادها على إيران في مجال الغاز. أنهى خط أنابيب تركيا- نخجوان الجديد، الذي بدأ تشغيله في مارس (آذار)، اعتماد هذه المنطقة على نقل الغاز عبر إيران.
كما تُقلص خطط تصدير الغاز الأذربيجاني إلى أرمينيا ونخجوان وتركيا من دور إيران بشكل أكبر، بما في ذلك في خطة محدودة لتبادل "الغاز مقابل الكهرباء" مع يريفان.
استثمرت الصين العام الماضي 39 مليار دولار في الشرق الأوسط، وفي النصف الأول من عام 2025، ضخت أكثر من 19 مليار دولار أخرى في المنطقة—لم يكن أي منها في إيران.
ويتقدم جيران إيران العرب بمشاريع ضخمة: تطوير ميناء الفاو في العراق بقيمة 17 مليار دولار حتى الحدود التركية، ومشاريع الربط عبر البحر الأحمر بقيادة السعودية، واستثمارات في الطاقة المتجددة والنفط في تركمانستان وأذربيجان وقزخستان وأوزبكستان.
جعلت العقوبات وعدم الاستقرار السياسي والعلاقات المتوترة مع الغرب من إيران وروسيا خيارات محفوفة بالمخاطر للمشاريع التحتية طويلة الأجل. وقد عزز عقد من عدم الاستثمار الصيني من تهميش إيران.
ومع تعزيز شبكات التجارة والطاقة والدبلوماسية بين الصين والدول العربية وجيران آسيا الوسطى، يتزايد خطر تخلف إيران أكثر- سواء اقتصادياً أو جيوسياسياً- ما لم تعيد طهران تعريف مكانتها لتجد مكاناً لها في خريطة الربط الإقليمي الجديدة.