واأشارت الرسالة، التي أُرسلت يوم الاثنين 11 أغسطس (آب)، إلى التحركات الأخيرة للولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية، وطلبت من المؤسسات الاقتصادية "الحساسة" الاستعداد الكامل لاحتمال تفعيل هذه الآلية.
وقالت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي السابق، إنها مستعدة لتفعيل "آلية الزناد"، لإعادة فرض العقوبات تلقائيًا على طهران إذا لم تلتزم بتعهداتها في إطار الاتفاق.
ورغم أن مسؤولين بالنظام الإيراني أكدوا، في الأسابيع الأخيرة، أن "آلية الزناد" ذات طابع نفسي أكثر من كونها عملية، فإن الرسالة السرية لوزارة الاستخبارات في حكومة مسعود بزشكيان تكشف أن النظام يخشى "التهديدات المحتملة" لتفعيلها، خلف الكواليس.
تحذيرات أمنية واجتماعية
تضمنت الرسالة تحذيرًا من "وجود تهديدات اجتماعية ونفسية ناجمة عن الأزمة الاقتصادية، منها: اضطرابات حادة في أسعار الصرف، وتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع البطالة، وتسريح الموظفين، وزيادة الاستياء الشعبي".
وجاءت هذه المخاوف في سياق تحذيرات متكررة خلال السنوات الأخيرة، وحتى قبل الحرب الأخيرة في غزة، من احتمال اندلاع موجة احتجاجات جديدة على غرار انتفاضتي 2019 و2022.
وفي اجتماع طارئ عُقد في يناير (كانون الثاني) الماضي، بحضور رؤساء السلطات الثلاث وأكثر من 60 مسؤولًا بارزًا، أُثيرت مخاوف جدية من احتمال عودة الاحتجاجات وتحول الأزمات الاقتصادية إلى تهديد أمني قد يؤدي إلى إسقاط النظام، وهو ما أقرّت به الرسالة من خلال الإشارة إلى هشاشة البنية التحتية.
كما حذّرت الرسالة من نقص المواد الأولية والمعدات الطبية، واحتمال تعطل استيراد أدوية، مثل الأنسولين وعلاجات السرطان والأمراض المستعصية. وفي القطاع الزراعي، توقعت زيادة تكاليف المستلزمات المستوردة وارتفاع مخاطر الأمن الغذائي للفئات الهشة.
انعكاسات اقتصادية على الشركات الكبرى
أكدت وزارة الاستخبارات أن تفعيل "آلية الزناد" سيعيد العقوبات الدولية وعقوبات الأمم المتحدة، ما سيقيد بشدة صادرات وواردات السلع والخدمات، ويؤدي إلى:
- تجميد الأصول والحسابات بالعملة الصعبة في الخارج.
- إعادة فرض العقوبات على قطاع النفط والبتروكيماويات والبنوك والشحن والتأمين والتقنيات الحساسة.
- وقف مبيعات الأسلحة.
كما حذرت الرسالة من تضرر "السمعة الدولية للعلامات التجارية الإيرانية" وانسحاب الشركاء الأجانب من المشاريع الجارية، إضافة إلى صعوبات في توقيع عقود جديدة، وزيادة مخاطر الاستثمار والتأمين والأمن السيبراني، مع احتمال تصاعد الهجمات الإلكترونية على البنية الاقتصادية.
وفي قطاع النفط والغاز، أشارت الرسالة إلى أن حظر شراء النفط الإيراني سيهدد العقود التطويرية للشركات الكبرى، لافتة إلى أن بعض المصافي الصينية الصغيرة كانت تشتري النفط الإيراني بخصومات كبيرة قبل بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في يناير الماضي، لكن هذا المسار بدأ يتعطل تدريجيًا.
وذكر موقع "أويل برايس" ذكر في 9 أغسطس الجاري أن الصين لم تعد تشتري النفط الإيراني، رغم التخفيضات المغرية، ما أدى إلى تراكم أكثر من 30 مليون برميل قرب ماليزيا، وهو أكبر حجم تخزين عائم منذ أكثر من خمس سنوات.
توصيات وزارة الاستخبارات
في ختام الرسالة، أوصت وزارة الاستخبارات الإيرانية بعدة إجراءات وقائية، منها: مراجعة عاجلة للعقود الدولية، وتحديد نقاط ضعف الشركات أمام العقوبات والمراقبة النشطة للتهديدات السيبرانية، وتصنيف الوثائق الحساسة، واستخدام أدوات التحوط من مخاطر العملة.
كما دعت إلى تنويع سلاسل التوريد، والبحث عن مسارات ومورّدين بديلين في دول، مثل الصين وروسيا والعراق، التي "تتأثر أقل بالعقوبات".
وأشارت الوزارة إلى أن هذه الإجراءات يمكن أن تعزز "مرونة" المجموعات الاقتصادية الإيرانية في مواجهة سيناريو تفعيل "آلية الزناد".