وتشير التقارير من إيران ومقاطع الفيديو التي أرسلها المواطنون إلى "إيران إنترناشيونال" إلى زيادة ساعات انقطاع الكهرباء والمياه في طهران ومدن أخرى.
وأظهر مقطع فيديو من بلوشستان تجمع مجموعة من المزارعين في مدينة هيرمَند يوم الإثنين 4 أغسطس (آب) أمام مبنى المحافظة.
وقال أحد المزارعين مخاطبًا المسؤولين: "نعيش في بلوشستان مع رياح سرعتها 110 كيلومترات ودرجة حرارة 55 مئوية. لا كهرباء ولا ماء لدينا. والآن تقطعون عنا الوقود أيضًا؟"
وفي شمال البلاد، تجمع سكان مدينة فريدون كنار أمام مبنى شركة توزيع الكهرباء بسبب انقطاعات الكهرباء المتكررة.
إلى جانب هذه الاحتجاجات، مددت السلطات الحكومية إغلاق المؤسسات العامة والإدارات في طهران وعدد من المحافظات لأيام الثلاثاء والأربعاء لعدة مرات.
تشمل هذه المحافظات أذربيجان الشرقية والغربية، وأردبيل، وأصفهان، والبرز، وإيلام، وخوزستان، وسمنان، وبلوشستان، وقم، وكرمان، وكلستان، وكيلان، ومازندران، وهرمزغان، ويزد، حيث تم إعلان تعطيل كامل أو جزئي للمراكز التعليمية والبنوك والمؤسسات الحكومية في هذه الأيام.
استجواب وزير الطاقة
ووصلت أزمة الكهرباء في إيران إلى مرحلة جديدة. وفقًا لتقرير "تجارت نیوز"، وقّع أكثر من 100 نائب في البرلمان على طلب استجواب عباس علي آبادي، وزير الطاقة.
وأشار محمد بهرامي سيف آبادي، نائب رئيس لجنة الطاقة في البرلمان، إلى أن علي آبادي ألقى في فبراير (شباط) الماضي باللوم على وزارة النفط بسبب عدم توفير الوقود، مدعيًا أنه إذا توفر الوقود الكافي لوزارة الطاقة، فإنها قادرة على تزويد الدول المجاورة، خاصة العراق، بالكهرباء.
ووصف بهرامي هذه التصريحات بأنها "غير مهنية" نظرًا لعدم تحقق الوعود، وقال: "نقص الكهرباء بمقدار 20 ألف ميغاواط ومشكلات البنية التحتية الصناعية لا يمكن حلها بمجرد تخصيص الوقود لمحطات الطاقة. لا نعلم لماذا أطلق الوزير مثل هذا الوعد".
كما وصف مجتبى يوسفي، عضو لجنة العمران في البرلمان، انقطاعات الكهرباء المتكررة بأنها "سرقة من جيوب الشعب"، وأرجع أسباب نقص الطاقة إلى "توقف الاستثمار في العقد 2011-2020".
وقال إن غياب الاستثمار في بناء المصافي ومحطات الطاقة تسبب في نقص الطاقة ومشكلات في القطاعات الصناعية والمنزلية.
وأضاف أن انقطاع الكهرباء عن صناعات الصلب والبتروكيماويات والإسمنت أثر مباشرة على معيشة الناس وزاد من التكاليف.
ومع استمرار الأزمات، عادت قضية استهلاك الكهرباء من قبل مُعدّني العملات الرقمية إلى دائرة الضوء.
وسأل سلمان إسحاقي، نائب في البرلمان، يوم الثلاثاء 5 أغسطس (آب) خلال جلسة البرلمان: "لماذا لا نلاحق مُعدّني العملات الرقمية بدلاً من قطع الكهرباء عن مزارع المواشي وآبار الزراعة؟ من يقف وراء قضية المُعدّنين؟"
ونشرت صحيفة "فرهيختغان" في اليوم نفسه تقريرًا يفيد بأن استهلاك الكهرباء من قبل مُعدّني العملات الرقمية في البلاد يفوق أربعة أضعاف استهلاك محطة بوشهر النووية.
وفقًا للتقرير، فإن 263 ألف جهاز تعدين تم اكتشافها منذ عام 2019 حتى يوليو (تموز) 2025 استهلكت كهرباء تعادل استهلاك 2.6 مليون منزل شهريًا.
في السنوات الماضية، أثيرت نقاشات حول إصدار تراخيص لإنشاء مزارع استخراج العملات الرقمية من قبل قواعد الباسيج وقوات الحرس الثوري وجهات أخرى مقربة من النظام، ودورها في أزمة الطاقة.
في سبتمبر (أيلول) 2021، أقر مسؤولو وزارة الطاقة وشركة "تأمين الكهرباء" خلال أزمة الكهرباء، التي تسببت بين مايو (أيار) وأغسطس (آب) من ذلك العام في انقطاعات غير معلنة وواسعة النطاق أدت إلى استياء واحتجاجات شعبية، بأن مراكز استخراج العملات الرقمية "غير المرخصة" كانت أحد أسباب نقص الكهرباء.
في تلك الفترة، وبعد سنوات من الإنكار، اعترف مسؤولو النظام الإيراني بمنح "تراخيص" لشركات صينية وبعض الدول الأخرى لإنشاء مزارع استخراج العملات الرقمية وتركيب آلاف أجهزة التعدين.
وكتبت صحيفة "شرق" في 5 أغسطس (آب) تقريرًا يفيد بأن الصناعات تواجه انقطاعات كهرباء لمدة أربعة أيام في الأسبوع، إلى جانب مشكلة نقص المياه.
ونقلت الصحيفة عن نشطاء صناعيين أن الحكومة تطالب المستثمرين بالتعهد رسميًا بعدم توقع توفير المياه والكهرباء والبنية التحتية قبل إنشاء أو توسيع الصناعات.
في هذا الوضع، اضطرت الصناعات إلى إنشاء محطات كهرباء خاصة، لكن بما أن تخزين الكهرباء مكلف للغاية ولا تستطيع الصناعات تحمل تكاليفه، تأخذ الحكومة الكهرباء التي تنتجها الصناعات وتوزعها بشكل غير عادل، مما يؤدي إلى منافسة غير متكافئة.
كما تسبب نقص المياه في اضطرار بعض الصناعات إلى نقل المياه بالصهاريج إلى المصانع، أو أدى إلى ازدهار سوق شراء مياه الصرف الصحي من قبل الصناعات، مما تسبب في نزاعات كثيرة.
تدهور صناعة الصلب
ووصف رضا شهرستاني، عضو مجلس إدارة جمعية منتجي الصلب، حال الصناعات هذا العام بأنه "شديد التعقيد" مقارنة بعام 2024، وقال إن العام الماضي شهد نقصًا في الكهرباء بمقدار 19 ألف ميغاواط، وكانت الانقطاعات تحدث من منتصف يونيو (حزيران) حتى منتصف سبتمبر (أيلول).
وأضاف: "هذا العام، وصل النقص إلى 25 ألف ميغاواط، وبدأت الانقطاعات من مايو/أيار وستستمر حتى نهاية سبتمبر/أيلول".
وأشار إلى أن إنتاج الصلب انخفض العام الماضي من 42 مليون طن إلى 30 مليون طن، ومن المتوقع أن يصل هذا العام إلى 28 مليون طن على أقصى تقدير، وهو ما يعادل مستويات إنتاج عام 2020 أثناء جائحة كورونا.
كما أفاد رسول خليفة سلطاني، أمين عام جمعية منتجي الصلب في إيران، بأن انقطاعات الكهرباء تسببت في أضرار لصناعة الصلب، مشيرًا إلى أن هذه الصناعة تستهلك يوميًا 5500 ميغاواط/ساعة من الكهرباء.
وأوضح أن 73 بالمائة من هذه الكهرباء يتم توفيرها من قبل الشركات نفسها، لكن عندما تواجه البلاد اختلالات في التوازن، يتم تجاهل حتى الكهرباء التي تنتجها شركات الصلب ويتم قطعها.