البيانات التي أرسلها مواطنون من مختلف أنحاء البلاد إلى "إيران إنترناشيونال"، تُظهر أن أسعار مشتقات الحليب شهدت قفزات كبيرة، لدرجة أن سعر عبوة من الجبن أو اللبن تجاوز في بعض المناطق الميزانية اليومية لعائلة كاملة.
وفي العديد من الرسائل التي وردت إلى القناة، أكد عدد كبير من المواطنين أنهم لم يعودوا قادرين على شراء مشتقات الحليب، فيما أشار آخرون إلى أنهم لم يشتروا أي منتج منها منذ شهور، مفضلين الاقتصار على "الضروريات الأرخص فقط".
وتكشف هذه الشهادات أن الألبان باتت تُعتبر سلعة "فاخرة" لدى الكثير من العائلات، رغم تأكيد خبراء التغذية على أنها من الركائز الأساسية للنظام الغذائي السليم.
وبالنسبة للبعض، تُظهر المقارنة بين الألبان وسلع أخرى مدى عمق الأزمة. أحدهم كتب: "أي مشتقات حليب؟ أنا اشتريت كيلو تمر بـ180 ألف تومان، والآن أصبح بـ350 ألفًا". وآخر قال: "لم أعد أشتري الجبن الصناعي أصلاً، نصفه ماء فقط".
وفي رواية أخرى من مدينة "محلات"، أشار أحد المواطنين إلى أن سعر اللبن الذي اعتادوا استهلاكه ارتفع بمقدار 40 ألف تومان في أسبوع واحد فقط، بينما قال شخص من محافظة غيلان إن الأسعار هناك تفوق حتى أسعار طهران.
وتُظهر الرسائل التي تلقتها القناة زيادات واضحة، حيث ارتفع سعر عبوة لبن 750 غرامًا من 66 ألف تومان إلى 105 آلاف، وأحدهم قال إنه كان يشتري اللبن الكيلو بـ8 آلاف تومان، وأصبح اليوم بـ183 ألفًا.
مواطن آخر أفاد بأن سعر أحد أنواع الجبن ارتفع من 240 ألف تومان قبل الحرب الأخيرة إلى 600 ألف حاليًا.
ومن بين أبرز الشكاوى، التقلّب المستمر للأسعار. حيث كتب أحدهم: "كل مرة نشتري، نُفاجأ بسعر جديد. الأسعار تتغير أحيانًا عدة مرات في الأسبوع".
وبحسب شهادات عديدة، فإن ارتفاع الأسعار بلغ حدًّا جعل تكلفة شراء مشتقات الحليب توازي أجر يوم أو ثلاثة أيام عمل عند بعض الأسر ذات الدخل المحدود.
أسعار مرتفعة وجودة متدهورة
وترافق الغلاء مع تراجع لافت في الجودة. أحد المواطنين أشار إلى أن حليب "مهين" ارتفع من 34 ألفًا إلى 59 ألف تومان، في حين أن حليب "بَغاه" اشتراه بـ53 ألفًا ووجده فاسدًا وأشبه باللبن. آخرون اشتكوا من أن عبوات الجبن التي يُفترض أن تكون 400 أو 500 غرام، نصفها ماء فقط. وكتب أحدهم: "الحليب أيضًا يحتوي على 50 في المائة من الماء".
وشكا البعض من فساد الحليب حتى قبل فتح العبوة، أو أن طعمه أصبح حامضًا مثل اللبن.
وفي عدة رسائل، تحدث المواطنون عن انقطاع الكهرباء وضعف ضغط المياه، ما يؤدي إلى فساد الألبان وصعوبة تخزينها. وقال أحدهم: "بسبب انقطاع الكهرباء، لا تُباع مشتقات الحليب، وإذا اشتريناها نجدها فاسدة".
وتشير هذه الشهادات إلى أزمة غذائية حادة تتشكل بصمت، وسط غياب تام للإجراءات الحكومية، ما يُهدد الصحة العامة في البلاد. وإن استمرار غياب مشتقات الحليب من الموائد، خاصة لدى الأطفال وكبار السن، ينذر بتداعيات صحية خطيرة يصعب تعويضها لاحقًا.
وفي ظل غياب سياسات الدعم، لا تُعد أزمة الألبان سوى وجه من وجوه الفقر الغذائي المتفشي في إيران.