الحكومة الإيرانية تسحب قانون "مكافحة نشر المحتوى الإخباري الكاذب" من البرلمان

سحبت الحكومة الإيرانية مشروع قانون "مكافحة نشر المحتوى الإخباري الكاذب على شبكات التواصل الاجتماعي" من البرلمان. بعد انتشار تقارير تفيد بتهديد هذا المشروع لحرية المواطنين.
سحبت الحكومة الإيرانية مشروع قانون "مكافحة نشر المحتوى الإخباري الكاذب على شبكات التواصل الاجتماعي" من البرلمان. بعد انتشار تقارير تفيد بتهديد هذا المشروع لحرية المواطنين.
وعلى الرغم من أن سلطات النظام الإيراني كانت متحمسة لهذا المشروع إلا أن قدرات النظام على تنفيذه كانت محل شك.
وكتبت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، الأربعاء 29 يوليو (تموز)، على منصة "إكس": "بهدف الحفاظ على الانسجام الوطني وبناءً على تأكيد الرئيس، تمّت الموافقة في جلسة الحكومة اليوم على سحب مشروع قانون الفضاء السيبراني".
كان مشروع "مكافحة نشر المحتوى الإخباري الكاذب على شبكات التواصل الاجتماعي" قد أُعِدّ من قبل حكومة الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، وتمت الموافقة عليه في مجلس الوزراء بتاريخ 21 يوليو (تموز) الجاري بصفة مستعجلة (ذات أولوية مزدوجة)، وأُحيل إلى البرلمان.
وقد صوّت النواب في المجلس يوم الأحد 27 يوليو (تموز) بالموافقة على استعجال النظر في المشروع بـ205 أصوات، وكان من المقرر أن يتم بحثه في اللجان المتخصصة قبل عرضه على المجلس لمناقشة عموميته.
هذا المشروع كان ينصّ على تشديد العقوبات ضد مستخدمي الفضاء الافتراضي، بما يشمل السجن، والغرامات المالية، والحرمان من الحقوق الاجتماعية.
كما نص على أن "نشر المحتوى الكاذب باستخدام حسابات مزيفة، أو عبر روبوتات وأنظمة آلية"، وكذلك "تكرار المخالفة أو النشر خلال أوضاع حرجة مثل الأزمات أو الحرب أو تهديد الأمن القومي"، يعرّض مرتكبيه لعقوبات مشددة.
وكانت مهاجراني قد قالت، يوم الاثنين 28 يوليو، إن هذا المشروع "لا يشكل أي عائق أمام حرية التعبير"، مضيفة: "ما يؤكده المشروع هو مواجهة الأخبار المزيفة والكاذبة التي تُلحق ضررًا بالنفسيات العامة في المجتمع".
انتقام من كسر احتكار وسائل الإعلام الرسمية
وطُرح مشروع القانون بعد فترة قصيرة من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
وخلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، كسر المواطنون والصحفيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي احتكار وسائل الإعلام الرسمية التي كانت تروّج لدعاية النظام بوسائل مختلفة، وتمكّنوا من توثيق أحداث مهمة.
وبموجب هذا المشروع، كانت وزارة الثقافة والإرشاد الإسرانية ستُلزم بإطلاق نظام مركزي لتلقي البلاغات المتعلقة بأنشطة المواطنين في الفضاء السيبراني، وإرسال التحذيرات، وتقديم تقاريرها إلى السلطة القضائية.
وفي المادة الأولى من المشروع، تُعرّف مفاهيم مثل "محرف"، "ناقص"، "مضلل للعرف"، و"مُشوّش لذهن المتلقي" كمقاييس لتحديد المحتوى الكاذب.
هذه المصطلحات، إلى جانب افتقارها للوضوح القانوني، تفتح المجال أمام التفسير القضائي والأمني، مما يسمح للسلطات بتجريم أي محتوى لا يتماشى مع الرواية الرسمية بناءً على إرادة سياسية.
ورغم أن المشروع تضمن بعض النقاط الجديدة مثل تشديد العقوبات ضد المؤثرين أو الموظفين الحكوميين، فإن جوهره يستند إلى قرار المجلس الأعلى للفضاء السيبراني الصادر في ديسمبر (كانون الأول) 2020، بشأن "متطلبات الوقاية ومكافحة نشر المعلومات والأخبار الكاذبة في الفضاء الافتراضي". ويبدو أن النظام الإيراني ليس مقيدا من حيث وجود القوانين الكافية لممارسة الضغط على المستخدمين، بل إن ما ينقصه هو القدرة التنفيذية الواسعة.
ومع ذلك، فإن إعداد المشروع وإرساله إلى البرلمان ثم سحبه لاحقًا، يمكن اعتباره تراجعًا حكوميًا لصالح حرية التعبير، خاصة بعد مطالبة 19 نائبًا إصلاحيًا للرئيس بزشكيان بسحب المشروع.