تصاعد الغضب الشعبي تجاه "الإنترنت الطبقي" في إيران

تواجه توجيهات حكومية جديدة قد تمنح مجموعات معينة امتيازات في الوصول إلى الإنترنت، ردود فعل غاضبة من الإيرانيين، الذين يرون فيها خطوة لترسيخ امتيازات لفئات مرتبطة بالنظام وتعزيز الرقابة على الجميع.
تواجه توجيهات حكومية جديدة قد تمنح مجموعات معينة امتيازات في الوصول إلى الإنترنت، ردود فعل غاضبة من الإيرانيين، الذين يرون فيها خطوة لترسيخ امتيازات لفئات مرتبطة بالنظام وتعزيز الرقابة على الجميع.
بدأت هذه الضجة بعد نشر قرار مبهم الصياغة من المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، يدعو إلى تشكيل لجنة لحماية الأعمال التجارية على الإنترنت من "التدخلات غير القانونية أو التعسفية".
وقد فسّر العديد من الإيرانيين هذا القرار على أنه تمهيد لمنح إنترنت أسرع وأقل خضوعًا للفلاتر لمجموعات مفضّلة، خصوصًا تلك المرتبطة بالحكومة أو القطاع التجاري.
وكتب الأستاذ البارز في تكنولوجيا المعلومات علي شريفي زارجي على منصة "X": "الإنترنت الطبقي بغض النظر عن الاسم المخادع الذي يتخفى خلفه؛ هو ظلم واضح ضد الشعب الإيراني".
تأتي هذه الانتقادات على خلفية سنوات من القمع الرقمي المتصاعد؛ إذ تحتل إيران مراتب متدنية عالميًا في حرية الإنترنت، ويوجد فعليًا نظام طبقي غير معلن، حيث يتمتع المسؤولون والجهات المرتبطة بالدولة بوصول كامل إلى منصات مثل "X" (تويتر سابقًا)، وهي محظورة رسميًا على عامة الشعب.
وقال المعلّم والناشط الرقمي المعروف أمير عماد ميرمراني (المعروف باسم "جادي"): "قبول الإنترنت الطبقي يعني القبول بإنترنت أسوأ لـ"الآخرين"، يعني أنه سيأتي يوم يُقال لك: أنت تعمل في تلك الوسيلة الإعلامية؟ إذًا لا تستحق الوصول. أو كنتَ تتبنى ذلك الموقف؟ إذًا أنت مستبعَد".
"الأفعال لا الأقوال"
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بتوسيع الوصول إلى الإنترنت، حاول تهدئة الغضب العام.
وكتب على منصة "X" في 16 يوليو (تموز): "الوصول إلى المعلومات الحرة حق لكل المواطنين، وليس امتيازًا لفئة محددة. الحكومة ملتزمة بتوفير إنترنت عالي الجودة، وشامل".
لكن تصريحه- الذي نُشر عبر اتصال غير خاضع للفلاتر كما يُفترض- قُوبل بتشكيك واسع.
وعلّق "جادي" بسخرية في منشور آخر: "الرئيس ومتحدثه الرسمي يستخدمان "إكس" المفتوح للمسؤولين كي يقولوا إنهم ضد الإنترنت الطبقي".
أما الأستاذة الجامعية شيوه آرشته فكانت أكثر وضوحًا: "لا يمكنك أن تعارض الامتيازات، ثم توقّع على قرار يمنح امتيازات لفئات معينة. هناك فجوة بين أقوالك وأفعالك".
الجهة التي أصدرت هذا القرار المثير للجدل، المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، يترأسه شكليًا الرئيس، لكن السيطرة الفعلية فيه بيد شخصيات يُعيّنها المرشد الإيراني علي خامنئي، ومسؤولين من مؤسسات محافظة، بما في ذلك الحرس الثوري ومنظمة الدعاية الإسلامية.
وبالتالي، فإن تأثير الرئيس وحكومته في رسم سياسات الإنترنت محدود، رغم أنه يرأس المجلس اسميًا.
المخاطر على الأعمال والمجتمع المدني
رواد أعمال ومعلمون يحذّرون من تداعيات أعمق. فقد قال رجل الأعمال علي رضا قنادان: "بقاء أي مشروع تجاري يعتمد على الوصول إلى الزبائن، وجزء كبير من أنشطتنا التسويقية وحركة المرور تتم على منصات خاضعة للفلاتر أو المحظورة".
ويؤكد نشطاء المجتمع المدني وخبراء التكنولوجيا أن البنية التحتية للتمييز في الوصول موجودة بالفعل.
فخلال انقطاعات الإنترنت التي فرضتها الدولة في مرات سابقة، تمكّنت الوكالات الحكومية ووسائل الإعلام الرسمية والمستخدمون المرتبطون بها من الحفاظ على وصولهم إلى منصات مثل "واتساب" و"إنستغرام" و"غوغل"، بينما انقطع الاتصال بالكامل عن عامة السكان.