وأرسل عشرات المواطنين رسائل ومقاطع فيديو إلى "إيران إنترناشيونال"، يؤكدون فيها استمرار انقطاع المياه، ولمدة 24 ساعة كاملة أحيانًا.
ووصف مواطن من مدينة كرج، غرب طهران، في مقطع فيديو أرسله إلى "إيران إنترناشيونال"، الوضع الحالي بأنه "الرمق الأخير للنظام الإيراني".
وأكد نائب بوشهر في البرلمان الإيراني، جعفر بوركبكاني هذه الشكاوى، قائلًا: "إن السكان في بوشهر يحصلون على الماء لساعتين فقط كل 48 ساعة".
وأضاف: " الناس أرهقوا تمامًا"، مشيرًا إلى الانقطاعات الواسعة للكهرباء في حرارة تتعدى 48 درجة مئوية ورطوبة 98 في المائة.
وقال مواطن آخر من مدينة الأهواز، جنوب غرب إيران، إن "المدينة تشهد حرارة تفوق 50 درجة مئوية، ولا ماء ولا كهرباء".
أزمة مياه في 24 محافظة
قال المتحدث باسم قطاع المياه، عيسى بزرك زاده، يوم الاثنين 21 يوليو، إن 24 محافظة تعاني أزمة مائية حادة، على رأسها طهران والبرز، حيث يقطن أكثر من 20 مليون نسمة.
كما تعاني مدن مثل: أصفهان، وأراك، وساوة، وتبريز، وبانه، وبندر عباس أوضاعًا مشابهة.
وأشار بزرك زاده إلى أن معدلات الأمطار انخفضت بنسبة 40 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وقال مدير عام شركة المياه والصرف الصحي الإيرانية، هاشم أميني، إن أكثر من 53 مدينة تعاني أزمة مياه بسبب دخول البلاد عامها الخامس على التوالي من الجفاف.
وأضاف أميني أن المياه الجوفية هي أحد مصادر مياه الشرب والصرف الصحي، وقال: "يجب علينا استخدامها".
كان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد وصف أزمة المياه، في 19 يوليو (تموز) الجاري، بأنها "أخطر بكثير مما يُعلن رسميًا"، محذرًا من أن التأخر في اتخاذ الإجراءات سيجعل الحل مستحيلاً في المستقبل.
انخفاض حاد في مخزون السدود
تُظهر التقارير الرسمية انخفاضًا بنسبة 43 في المائة في كميات المياه، التي تدخل سدود البلاد.
قال بزرك زاده إن محافظات مثل سيستان وبلوشستان، وهرمزغان، وبوشهر، وخوزستان شهدت أكثر من 50 في المائة انخفاضًا في الأمطار.
وأضاف أن نسبة امتلاء السدود في طهران، بلغت 21 في المائة فقط.
وحذر مدير شركة المياه في هرمزغان من أن المخزون في السدود الرئيسة مثل "استقلال ميناب، وسرني، وشامل، ونيان شرق بندر عباس" قد وصل إلى الصفر، وهي السدود التي توفّر المياه لنحو مليون شخص.
كما حذّر مدير البيئة في محافظة أذربيجان الغربية من خطر جفاف تام في الجزء الشمالي من بحيرة أرومية؛ حيث لم يتبقَ سوى طبقة رقيقة من المياه بسمك 4 إلى 5 سم تغطي مساحة 100 كيلومتر مربع.
انقطاع المياه عن 47 ألف مشترك في طهران وإلقاء اللوم على المواطنين
رغم أن المسؤولين الحكوميين نفوا سابقًا انقطاع المياه عن العاصمة، فإن المتحدث باسم قطاع المياه اعترف بأن المياه قُطعت مؤقتًا عن 47535 مشتركًا وصفهم بـ "سيّئي الاستهلاك" في طهران، خلال الأشهر الأربعة الماضية.
كما أشار إلى وجود نحو 3000 مؤسسة حكومية في طهران عليها خفض استهلاك المياه بنسبة 25 في المائة، مع تهديد باتخاذ إجراءات ضد من لا يلتزم بذلك.
ورغم اعترافه بعدم القدرة على عدم فصل العدادات عن "سيّئي الاستهلاك"، حمّل بزرك زاده الناس المسئولية عن الاستهلاك المفرط.
البيانات تكشف: الاستهلاك المنزلي لا يتجاوز 10 في المائة
بحسب الإحصاءات الرسمية لوزارة الطاقة، فإن الاستهلاك المنزلي لا يشكل سوى 6 إلى 10 في المائة من إجمالي استهلاك المياه في البلاد، بينما تعود الأزمة أساسًا إلى الإدارة السيئة في القطاعات الأكبر استهلاكًا.
وقالت الخبيرة البيئية، ناهيد فلاحي، لموقع "تجارت نيوز"، إن أزمة المياه ناتجة عن "سوء التخطيط وسوء الإدارة"، مضيفة: "لا تلقوا بالكرة في ملعب المواطنين".
وعلّق أحد المواطنين ساخرًا، في رسالة لـ "إيران إنترناشيونال": "نعيش في بلد لا يرحم شعبه، فكيف له أن يصنع قنبلة نووية ويرحم العالم؟".
تقليص ساعات العمل الرسمية
بسبب الحرارة الشديدة ونقص الماء والكهرباء، قررت الحكومة تقليص ساعات العمل في بعض المحافظات.
وأعلنت الحكومة أن يوم الأربعاء المقبل، 23 يوليو الجاري، عطلة في طهران، كما خُفضت ساعات العمل في كرمانشاه، ومركزي، وسيستان وبلوشستان من الساعة 6 صباحًا حتى 11 صباحًا فقط.
"المضخات والخزانات" سلع أساسية جديدة
قال الخبير في شؤون المياه، سعيد سليماني، إن سياسات وزارة الطاقة فشلت، وأدت إلى "طبقية في الوصول إلى المياه".
وأشار إلى أن أسعار مضخات المياه ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال أيام قليلة بسبب زيادة الطلب، وأن تجهيز منزل صغير بخزان ومضخة قد يكلف 65 مليون تومان.
وقال إن شركة المياه تطلب من الناس تركيب هذه المعدات، لكنها تفرض عليهم غرامات إن فعلوا ذلك.
وختم قائلًا: "سوق بيع المضخات والخزانات في طهران وصل حجم تجارتها إلى المليارات، مما يثير الشبهات، وإن ثبت يومًا أن شركة المياه تستفيد منه، فلن أُفاجأ".
وأشار إلى أن "الحكومة لا تدفع تكلفة مواجهة الجفاف، بل تُحمّل الأسر العبء، مما أدى إلى خلق طبقية في الماء والكهرباء، حيث يدفع المواطنون ثمن الفشل في الإدارة".