وقد أثارت الجريمة موجة غضب واسعة على وسائل التواصل، بينما عبّرت كل من الناشطة الإيرانية، نرجس محمدي، وولي عهد إيران السابق، الأمير رضا بهلوي عن إدانتهما الشديدة للحادث.
وقد أعلنت السلطات الإيرانية، يوم السبت 19 يوليو (نموز)، أن "قوات الحماية التابعة لأحد المراكز العسكرية" في محافظة مركزي، اشتبهت مساء أمس الأول الخميس، بسيارتين عابرتين، فأطلقت النار عليهما، مما أسفر عن مقتل ثلاثة مواطنين.
وبعد ساعات، أُعلن أن عدد القتلى ارتفع إلى أربع ضحايا، هم: محمد حسين شيخي، ومحبوبه شيخي، وابنتهما الطفلة رُها، وفرزانة حيدري، والتي يُعتقد أنها زوجة ابن العائلة.
وأشارت بعض المصادر إلى أن الطفلة رُها كانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات.
وفي أعقاب انتشار الخبر، أعلن إبراهيم كميزي، المدعي العام والثوري في مدينة خمين، أنه تم فتح ملف قضائي، وأن "المتورطين في الحادث محتجزون حاليًا".
ولم تذكر السلطات الإيرانية اسم الجهاز، الذي ينتمي إليه هؤلاء العناصر، لكن عددًا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك حساب "إنستغرام" يُنسب إلى أحد أفراد عائلة شيخي، أكدوا أن العناصر المنفذة من ميليشيا الباسيج، وأن إطلاق النار تم في نقطة تفتيش أمنية.
وأشار بعض المستخدمين إلى أن ابن فرزانة حيدري أيضًا يرقد في غيبوبة بسبب إصابات بالغة.
ردود الأفعال على مقتل الطفلة
انتشرت صور رُها على وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر كثيرون أن مقتلها يعيد إلى الأذهان مقتل الطفل كيان بيرفلك خلال احتجاجات عام 2022.
وجدير بالذكر أن كيان بيرفلك، الطفل البالغ من العمر 9 سنوات من مدينة إيذه، قُتل مساء يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 إثر إطلاق نار من قِبل قوات الأمن على السيارة التي كانت تقله مع أسرته.
وحاولت سلطات النظام الإيراني حينها تبرئة قواتها بتحميل مجاهد كوركور، أحد المعتقلين في انتفاضة "المرأة.. الحياة.. الحرية" مسؤولية مقتل الطفل كيان.
ونشرت والدة كيان، ماه منير مولايي راد، صورًا ومشاركات إلى جانب والدة كوركور، مؤكدة أن السلطات تسعى إلى التستر على دور قواتها في مقتل ابنها.
ورغم ذلك، أقدمت السلطات الإيرانية، في 10 يونيو (حزيران) الماضي، وهو يوم ميلاد كيان، على تنفيذ حكم الإعدام بحق مجاهد كوركور بتهم "المحاربة والإفساد في الأرض".
ووصف عشرات المستخدمين مقتل رُها بأنه "تكرار" لعملية قتل كيان بيد سلطات النظام الإيراني.
ومن جانبه كتب ولي عهد إيران السابق، الأمير رضا بهلوي، على منصة "إكس": "الأيدي القذرة لمرتزقة الحرس والباسيج التابعين لخامنئي، قتلت كيان بيرفلك بالأمس، واليوم قتلت رُها شيخي. جريمة خُمين ومجزرة عائلة شيخي تُظهر طبيعة هذا النظام الفاسد والعاجز، الذي لا يستطيع حتى حماية زعمائه المجرمين، لكنه يُفرغ انتقامه من الشعب وأطفاله العزل".
وكتبت أيضًا الناشطة الإيرانية، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، نرجس محمدي: "قُتلت هذه العائلة بأسلحة حربية. سُحق صوت الطفلة بين ذراعي والديها تحت وابل من الرصاص، ومزّق صدرها برصاص عناصر دوريات الأمن التابعة للنظام".
كما أشارت محمدي إلى حوادث مشابهة، مثل مقتل نساء من قرية كونيج في خاش، وعدة شباب في مدينة همدان على يد قوات الأمن في نقاط تفتيش، وكتبت: "بذريعة الأمن، سلبوا الأمان من الأبرياء.. لا توجد قنابل ولا صواريخ، لكن الرصاص ينهمر. لا حرب هناك، لكن النيران تتساقط".
ويُشار إلى أنه منذ بداية الحرب، التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، لجأ النظام الإيراني إلى تعزيز القبضة الأمنية، وأقامت قواته نقاط تفتيش تابعة للحرس الثوري والباسيج في معظم المدن والطرق الرئيسة في إيران.
وبعد انتهاء الحرب، التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، تغير نمط اعتداءات القوات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام الإيراني على المدنيين.
وأقرت وكالة فارس للأنباء، التابعة للحرس الثوري، يوم 2 يوليو الجاري، بمقتل شابين على يد قوات النظام في همدان، مشيرة إلى أن الحادث وقع نتيجة إطلاق "قوات العمليات الأمنية" النار على سيارة تقل ثلاثة ركاب.
والشابان اللذان قُتلا في هذا الحادث، هما مهدي عبائي وعلي رضا كرباسي، وكانا في رحلة للتنزه في ضواحي همدان. وردد المشاركون في جنازتهما هتاف: "سأقتل من قتل أخي".
ورغم وعود مسؤولي النظام بالتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الحوادث، لم يُقدَّم أي تقرير للرأي العام بشأن معاقبة المتورطين أو تفاصيل التحقيق. وعلى العكس، أصبح الضغط على أهالي الضحايا لثنيهم عن المطالبة بالعدالة أو التحدث علنًا، نمطًا متكررًا لدى السلطات الإيرانية.