تجسس الحكومة لصالح إسرائيل.. والتفاوض التكتيكي.. و"السياط" الأوروبية

رصدت الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم السبت 19 يوليو (تموز)، التباين في المواقف تجاه المفاوضات مع الغرب، وتناولت تفاقم أزمة المياه.
رصدت الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم السبت 19 يوليو (تموز)، التباين في المواقف تجاه المفاوضات مع الغرب، وتناولت تفاقم أزمة المياه.
كما وصفت عودة خطيب جمعة طهران، كاظم صديقي، إلى المنبر بالخطوة المستفزة؛ بعد فضيحة اتهام ابنه بالفساد المالي ومثوله أمام القضاء.
ووفق صحيفة "توسعه ايراني" الإصلاحية، فقد تم تفسير هذه العودة على أنها تحدٍ صارخ للرأي العام، حتى الشخصيات المقربة من النظام، مثل محسن مقصودي وعزت الله ضرغامي، عارضت هذه الخطوة، مما يعكس مدى السخط والانقسام الداخلي.
وعلى صعيد آخر، اهتمت الصحف بتصريحات علي لاريجاني، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام مستشار المرشد الإيراني، على خامنئي، بمستقبل المفاوضات؛ حيث نقلت عنه صحيفة "كيهان"، المقربة من خامنئي، قوله: "لا يجب التسرع في شأن المفاوضات. المفاوضات تكتيك، ودعونا نترك للقائد الثوري أن يستخدم هذا التكتيك عندما يرى ذلك ضروريًا".
ووفق صحيفة "جمله" الإصلاحية، قد توحي هذه التصريحات، إذا قورنت ببعض التصريحات الرسمية، بأن المفاوضات مع أميركا قد وصلت إلى طريق مسدود، أو عدم رغبة الطرفين في استئنافها".
وحملت هذه التصريحات، حسبما نقلت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، عن محللين وخبراء، رسائل متعددة المستويات، ومنها: "أن التيارات الداخلية تحذر من التسرع في المطالبة بالمفاوضات، دون مراعاة الظروف الميدانية والأمنية، وإخطار الولايات المتحدة الأميركية بأن إيران ستتفاوض فقط من موقف قوة، وليس بدافع الحاجة أو الثقة، والتأكيد على استمرار استراتيجية المقاومة الفعالة وتنسيق العمل بين الميدان والدبلوماسية".
وفي السياق ذاته كتبت صحيفة "خراسان": "كان لاريجاني داعمًا للدبلوماسية والحوار، وحل قضايا السياسة الخارجية للبلاد، خاصة الملف النووي، عبر التفاوض والوصول إلى اتفاق مع الغرب. لكن في الأيام التي توقعنا فيها أن يحمل راية الدفاع عن إيران أولئك الذين عارضوا دائمًا المفاوضات، كان هو من ظهر على شاشات التلفزيون في الأيام الأولى، ليبدأ بتهديد الغرب، خاصة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي".
ولا تزال أزمة المياه تحظى باهتمام الصحف الإيرانية، فلم تعد طهران تعاني أزمات تلوث الهواء والطقس فقط، وإنما تقف، بحسب صحيفة "عصر رسانه" الإصلاحية، على أعتاب أزمة لم تعد مجرد تحذير بيئي، بل تحولت إلى قضية اجتماعية، وهي أزمة المياه".
ونقلت صحيفة "ستاره صبح" الإصلاحية، عن الخبير في مجال الطاقة، محمد إبراهيم رئيسي، قوله: "إن طهران من بين 50 مدينة تعاني إجهادًا مائيًا، وهي أزمة لها أبعاد اجتماعية كبيرة؛ فمشكلة توفير المياه مرتبطة بالكثافة السكانية. حاليًا مستوى تخزين السدود الأربعة في طهران انخفض بنحو 43 في المائة، مقارنة بالعام الماضي".
وحذرت صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية، من التقسيم الطبقي للمياه، ونقلت عن المحاضر الجامعي والخبير القانوني، محمد إمامي كرنده، قوله: "مشكلتنا الأساسية تكمن في ثقافة الاستهلاك غير الصحيحة. رفع سعر المياه إجراء يتعارض تمامًا مع مبادئ الدستور، وتصنيف المياه مثل الإنترنت الطبقي، هو أيضًا مخالف لمبادئ الدستور".
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"كيهان": الحكومة "تتجسس" لصالح إسرائيل
اتهم حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد على خامنئي، بشكل غير مباشر الحكومة الإيرانية بالتجسس لصالح إسرائيل؛ حيث سلط الضوء على حدثين يستحقان التأمل، لارتباطها بأمن البلاد، الأول: رفع الحكومة الحظر عن تطبيق "واتساب" عام 2024، ثم اكتشاف استخدام الصهاينة للتطبيق كأداة للتجسس. وتساءل: هل ثمة صلة بين استخدام العدو للتطبيق ورفع الحظر؟ حتى لو كان الاحتمال ضعيفًا (0.5 في المائة)، فلا يجوز إهماله لخطورة الموضوع".
وأضاف: "أما الحدث الثاني، فهو قيام الحكومة، في فبراير (شباط) الماضي، بتقديم مشروع قانون باستعجال مزدوج يثير شبهات، خاصة بعد تحذيرات من أهدافه المشبوهة. وكشفت وزارة الدفاع لاحقًا عن قبولها بندين من الاتفاقية بتحفّظ، لكن جوهرها يبقى مُلتبسًا. وبعد الضغط، سُحب المشروع، في ظروف مريبة".
وتابع: "هذان المثالان وغيرهما قد لا يرتبطان بالهجوم الأميركي- الإسرائيلي الأخير، لكن احتمال وجود خدعة معادية، ولو ضئيل، يجب أن يظل تحت مجهر أجهزة المخابرات، فالأمن لا يحتمل التهاون".
"جوان": منطق التفاوض التكتيكي
أوضح تقرير لصحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، أن "قضية المفاوضات لا تزال في مرحلة ما بعد الحرب تثير جدلاً واسعًا بين من يعتبرها خيانة مطلقة، رغم تأكيد القيادة على الجمع بين الخيارين العسكري والدبلوماسي حين تقتضي الضرورة، ومن يدفعون نحوها بلا شروط، وهم غالبًا منغمسون في عقلية التبعية للغرب، معتقدين أنها ضمانة للسلام والرفاه".
وأضاف التقرير: "في هذا الإطار، يبرز موقف علي لاريجاني، مستشار المرشد، والذي أكد أن المفاوضات تكتيك تحدد القيادة توقيته بحكمة. هذه التصريحات تكشف جزءًا من سوء الفهم السائد حول المفاوضات؛ فالدخول فيها لا يعبر عن ضعف، والإصرار عليها ليس دليل قوة.
المفاوضات أداة تكتيكية خاضعة للتقييم، وليست غاية مقدسة".
وتابع التقرير: "تأتي هذه التحركات في ظل رسائل أميركية غير مباشرة لإحياء المفاوضات، والتي يبدو أن طهران تتعامل معها بحذر، خاصة بعد تجربة الحرب وفقدان الثقة بواشنطن. والواضح أن السياسة الإيرانية تقوم على التعامل من موقع القوة، وربط أي تفاوض بمحاسبة الطرف الآخر، لا بالتنازلات الأحادية".
"هم ميهن": آلية الزناد.. السوط الأوروبي الثالث على إيران
تساءل الكاتب والباحث الإيراني، على آهنكر، في مقال بصحيفة "هم ميهن" الإصلاحية، عن جدوى التعامل مع الدول الأوروبية، وكتب: "تعرضت إيران لثلاثة سياط أوروبية خلال القرن الماضي، الأول: في الحرب العالمية الأولى؛ حيث تعرضت- رغم حيادها- للاحتلال من روسيا وبريطانيا والدولة العثمانية، وترتب على ذلك مجاعة قاسية بسبب سيطرة البريطانيين على الموارد.
والثاني: في الحرب العالمية الثانية، حيث احتُلت إيران مرة أخرى وتعرضت للدمار والفقر، بينما تجاهلها المنتصرون في مؤتمري يالطا وبوتسدام".
وأضاف:" أما السوط الثالث فهو آلية الزناد في الاتفاق النووي؛ حيث يسعى الأوروبيون لإعادة عقوبات الأمم المتحدة بحجة استخدام طائرات إيرانية مُسيّرة في الحرب الأوكرانية. هذه السياسة تعكس النظرة الأوروبية التاريخية لإيران كـ (مشكلة) يجب حلها، لا كشريك يستحق الاحترام".
وتساءل: "هل كان الحياد الإيراني خيارًا صائبًا؟ وهل كان التعامل مع الأطراف المتحاربة بطريقة أكثر توازنًا يحقق مصلحة إيران؟ فالسوط الثالث يؤكد أن السياسة الأوروبية ما زالت تعامل إيران كهدف للعقاب، لا كدولة ذات سيادة".