كانت هذه العقوبات قد رُفعت في إطار الاتفاق النووي عام 2015، وهو الاتفاق الذي انهار عمليًا في عام 2018 بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، يوم الثلاثاء، أن الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) ستفعّل آلية "العودة التلقائية للعقوبات" المضمّنة في الاتفاق، ما لم يتحقق تقدم ملموس بشأن اتفاق نووي جديد.
وفي افتتاحية نشرتها صحيفة "جهان صنعت"، اليومية الاقتصادية الرائدة في إيران، نقلت فيها عن خبير العلاقات الدولية علي بيكدلي، قوله: "إذا تم تفعيل آلية العودة التلقائية وأُعيد فرض القرارات المعلقة، فسيكون جميع أعضاء الأمم المتحدة- بما في ذلك الصين وروسيا- ملزمين بالتعاون في تنفيذ العقوبات على إيران، ولن يكون بمقدورهم التنصل من الالتزام بها".
تصعيد وغموض
هذا النوع من التحذيرات يُقابل بالاستخفاف من قبل الأصوات الأكثر تشددًا في إيران، والتي ترد بتصعيد الخطاب العدائي بدلاً من ذلك.
فقد حذرت وكالة "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري، يوم الثلاثاء، من أن إيران قد ترفع نسبة تخصيب اليورانيوم من 60 بالمائة إلى 90 بالمائة وربما تستخدم مخزونها من اليورانيوم المخصب لأغراض "عسكرية غير محظورة" حسب تعبيرها.
وقد جرى تداول هذا التقرير على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإيرانية، إلا أنه حُذف بهدوء خلال ساعات.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، قد صرح قبل يوم من ذلك بأن رد طهران على العودة التلقائية للعقوبات سيكون "متناسبًا"، من دون تحديد التفاصيل، ما ترك المتابعين أمام احتمالات مفتوحة.
من جهته، اتهم النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه، الدبلوماسيين الإيرانيين بـ"انعدام الكفاءة"، وانتقد بشدة المتشددين بسبب ما وصفه بـ"السرديات الزائفة".
وقال في مقال بصحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية المعتدلة: "على الرئيس بزشكيان أن ينهي سلبيته في السياسة الخارجية وينقذ المصالح الوطنية من قبضة المتشددين"، موجّهًا في الوقت ذاته انتقادات قاسية للاتفاق النووي لعام 2015 وللذين وقعوه.
ونقلت صحيفة "شرق" الإصلاحية البارزة عن المحلل محمد إيراني تحذيره من "زلزال سياسي" وإغلاق فعلي لباب الدبلوماسية.
وحذر إيراني من أن تفعيل العودة التلقائية للعقوبات من قبل أوروبا، التي تسعى لإعادة تعريف دورها بعد فترة من المراقبة من بعيد، من شأنه أن يُغلق إمكانية التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن.
ومع تصاعد التعليقات، بدأ بعض الكتّاب يُلفتون الانتباه إلى الهشاشة الكامنة في الافتراضات التي يقوم عليها موقف إيران الحالي، وإلى مخاطر الحسابات الخاطئة.
وكتب المحلل مهدي بازوكي في "آرمان ملي": "تُعد العودة التلقائية للعقوبات واحدة من أخطر التحديات التي تواجه إيران سياسيًا واقتصاديًا"، مضيفًا أن هذه المياه المضطربة قد يمكن اجتيازها إذا لجأت طهران إلى "دبلوماسية واقعية واستباقية".
لكن بازوكي حذر من أن "لو" تزداد ثقلاً، نظرًا لتزايد غياب الواقعية في سياسة إيران الخارجية.