وفي تقرير تحليلي، ذكرت صحيفة "ذا هيل" الأميركية أن حجم الأضرار، التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، ومنها منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم، لا يزال غامضًا؛ حيث لم تُنشر أي تقارير مستقلة من داخل إيران عن حجم الدمار، ما يعني أن الحقيقة قد تبقى في طي الغموض لعدة أشهر أو حتى سنوات.
وبحسب التقرير، فإن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وصف هذه الضربات بـ "التدمير الكامل"، في حين يرى منتقدوه أن البرنامج النووي الإيراني تأخر فقط بضعة أشهر، مشيرين إلى أن هذا التباين يعكس خلافًا سياسيًا أكثر منه تقنيًا.
كوريا الشمالية.. الشريك الخفي
غير أن ثمة طرفًا فاعلاً آخر يُرجّح أن يكون على دراية كبيرة بما جرى: كوريا الشمالية؛ فمنذ ثمانينيات القرن الماضي، تعاونت بيونغ يانغ مع طهران في المجالات العسكرية والصاروخية والنووية، بدءًا من إرسال قذائف مدفعية خلال حرب إيران والعراق، وصولًا إلى تزويدها بتكنولوجيا الصواريخ المتوسطة وتدريب المتخصصين.
وبحسب الصحيفة، لا تتوفر معلومات عن عدد المستشارين الكوريين الشماليين الموجودين في إيران أثناء ما سُميّ بـ "الحرب الـ 12 يومًا مع إسرائيل"، لكن من المرجح جدًا أن رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، حصل على صورة واقعية عمّا حدث داخل المنشآت النووية الإيرانية، لا سيما أن العديد من الصواريخ، التي أطلقتها طهران على إسرائيل، استُوحي تصميمها من نماذج كورية شمالية.
ويقول الكاتب والخبير في الشؤون العسكرية الخاصة بكوريا الشمالية، بروس بكتول: "لا يزال هناك المئات يعملون في المواقع الصاروخية الإيرانية، وكوريا الشمالية لا تسحب قواتها في حال اندلاع حرب. لذا، إن أرادت إيران استعادة قدراتها، فستفعل ذلك تحت إشراف بيونغ يانغ".
وأضاف تقرير صحيفة "ذا هيل"، نقلاً عن العقيد المتقاعد في الجيش الأميركي، ديفيد ماكسويل: "من المؤكد أن بيونغ يانغ تحاول حاليًا إجراء تقييم دقيق لحجم الدمار في منشآت إيران. إنهم يريدون أن يعرفوا ما إذا كانت القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات قادرة فعلاً على النفاذ إلى أنفاقهم المحصنة".
وقد يدفع هذا التقييم كوريا الشمالية إلى تعزيز تحصينات منشآتها النووية بشكل أكبر، أو حتى تليين خطابها التهديدي تجاه كوريا الجنوبية، تحاشيًا لاستفزاز واشنطن.
ووفقًا للصحيفة: "رغم أن الرد العسكري الأميركي على إيران بدا لافتًا، فإنه يبقى محدودًا نسبيًا، مقارنة بما سيكون مطلوبًا لتدمير ترسانة كوريا الشمالية النووية، والتي تشمل عشرات القنابل، بينما إيران كانت على مشارف امتلاك أول رأس نووي فقط".
ومع ذلك، فإن الضربات، التي تلقتها طهران، قد ترسل رسالة واضحة إلى كيم جونغ أون، مفادها أن الجيش الأميركي قادر نظريًا على تنفيذ ضربات دقيقة ونافذة ضد أي خصم في المنطقة.
ورغم هذه الرسالة، فلا توجد حاليًا مؤشرات على نية واشنطن شن هجوم مباشر على كوريا الشمالية؛ فكل من ترامب الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية، ولي جيه- ميونغ، أبديا رغبة في استئناف الحوار مع بيونغ يانغ.
ومع ذلك، فإن استعراض القوة الأميركي في إيران قد يدفع كوريا الشمالية إلى تجميد التصعيد مؤقتًا، وربما العودة إلى طاولة المفاوضات.
لكن الصحيفة تضيف أن رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، قد يختار العكس تمامًا، عبر الإجراءات الآتية:
* تعزيز تحالفاته مع روسيا والصين.
* زيادة تحصين منشآته العسكرية.
* إخفاء بنيته التحتية بشكل أعمق، بحيث تكون بعيدة عن متناول قاذفات "B2" وصواريخ "توماهوك" الأميركية.
من هنا يمكن استخلاص أنه في ظل غياب معلومات دقيقة حول ما جرى في منشأة "فوردو" النووية وسائر المواقع الإيرانية، ثمة أمر مؤكد واحد، ألا وهو: "كوريا الشمالية تتابع عن كثب ما جرى في إيران، وتتعلم منه".