وفي أحدث تصريحات بهذا الشأن، قال الأمين العام لحزب "الديمقراطية الشعبية" والنائب السابق في البرلمان الإيراني، مصطفى كواكبيان، مساء يوم الخميس 10 يوليو (تموز)، خلال برنامج تلفزيوني على قناة "صدا وسیما" الإيرانية الرسمية، إن الباحثة كاثرين شكدم أقامت علاقات جنسية مع 120 شخصية "مهمة جدًا" في النظام. وأضاف: "حين نتحدث عن المندسين، فإن اختزال القضية في مهاجرين أفغان هو تقليل من خطورة القضية؛ لأن الاختراق الحقيقي قد وقع في المستويات العليا من النظام".
وأوضح كواكبيان أن "المندسين" هم أولئك الذين يتحدثون أكثر من غيرهم عن "الثورة" ويدافعون عنها.
مَن هي كاثرين شكدم؟
كاثرين بيريز شكدم، باحثة في الشؤون الإسلامية، أقامت علاقات وثيقة مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في إيران، بين عامي 2011 و2021، بعد اعتناقها الإسلام. وفي وقت لاحق، أُثيرت روايات غير رسمية تشير إلى أنها كانت تتجسس على هؤلاء الأشخاص، وترافقت هذه المزاعم مع اتهامات بإقامة علاقات جنسية مع بعض المسؤولين، لم تُؤكد رسميًا.
وتحدثت بعض المصادر عن وجود ما يصل إلى 100 علاقة من هذا النوع.
صحيفة "هم میهن" صباحًا.. و"كواكبيان" مساءً
في حين أثار كواكبيان مساءً قضية شكدم على شاشة التلفزيون الرسمي الإيراني، كانت صحيفة "هم میهن" الإصلاحية قد نشرت صباح الخميس 10 يوليو، افتتاحية بعنوان "المندسون التحليليون"، اتهمت فيها التيار الذي وصفته بـ "المتطرف" بوجود اختراق من نوع "تحليلي"، وكتبت: "أثبتت التجربة أن الاختراق التحليلي بين المتطرفين وصل إلى أعلى المستويات. الأمثلة كثيرة، ولم ننسَ كاثرين شكدم. خطر الاختراق التحليلي خطر وجودي، ويتجاوز بكثير خطر الاختراق الأمني والاستخباراتي. لا تستهينوا به".
المندسون بجانبكم
في السياق نفسه، نشرت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، التي يترأس مجلس إدارتها إلياس حضرتي (وهو حاليًا رئيس مجلس الإعلام الحكومي)، تصريحات لمؤسس جمعية الدفاع عن حقوق السجناء، عماد الدين باقي، والتي قال فيها: "في الحقيقة، المندسون موجودون بالقرب منكم تمامًا (في إشارة إلى الأصوليين)، ويتصرفون بطريقة تجعلكم تعتقدون أنه لا يوجد من هو أكثر ولاءً وإيمانًا منهم".
مطالبات بالتوضيح
وفي يوم 7 يوليو الجاري، طالبت رئيسة "جبهة الإصلاحات"، آذر منصوري، الأجهزة الأمنية الإيرانية بتوضيح كيف تمكنت جهات معادية من استهداف كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في يوم واحد. واتهمت التيار "المتطرف" بأنه يسعى إلى خلق انقسام في المجتمع.
وأضافت منصوري، في تصريحات مشابهة لما قاله كواكبيان، أن حصر قضية "الاختراق" في الأجانب، هو مجرد "تمويه" للمشكلة الحقيقية.
خيانة واختراق
يتعرض الإصلاحيون، منذ انتشار شائعات عن محاولتهم تقديم الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، كبديل لخامنئي، خلال فترة غيابه أثناء الحرب التي استمرت 12 يومًا، لاتهامات شديدة من الأصوليين بالخيانة والتجسس.
وفي المقابل، يرد الإصلاحيون باتهام خصومهم بالاختراق الأمني. ويذكّر الأصوليون باعتقال علي رضا أكبري، المسؤول السابق الذي أُدين بالتجسس، لتأكيد اتهاماتهم للإصلاحيين.
استخدام اللاجئين الأفغان في صراع السلطة
استخدم الطرفان: الأصولي والإصلاحي، ملف المهاجرين الأفغان في سجالاتهما بحسب ما تقتضيه الحاجة السياسية. ففي 29 يونيو (حزيران) الماضي، قال رئيس المحكمة العليا في محافظة يزد، حسن طهماسبی، إن العديد من جواسيس إسرائيل كانوا من آسيا الوسطى وبعض الدول الأوروبية، لكنه أشار إلى أن اللاجئين الأفغان "تعاونوا بشكل جيد في كشف شبكات التجسس".
ورغم مواقف بعض الشخصيات الإصلاحية، مثل منصوري وباقي، ورغم انتقادات صحف مثل "هم میهن"، فإن موقع "فراز" الإصلاحي نشر عدة تقارير مؤيدة لاعتقال المهاجرين الأفغان. بل إن الموقع ذاته كان قد نشر سابقًا عشرات المقالات المؤيدة لطرد اللاجئين من إيران.
وفي المقابل، يواصل خطيب جمعة مشهد، أحمد علم الهدی، وأحد أبرز الشخصيات في التيار الأصولي، الدفاع عن وجود اللاجئين الأفغان في البلاد.
ويُظهر ذلك أن تأييد أو معارضة وجود اللاجئين لا ينتمي بالضرورة إلى تيار سياسي محدد، لكن بعد الحرب الأخيرة، يسعى كل من التيارين إلى توظيف هذا الملف لمصلحته.
صراع قديم
يعيد الجدل الحالي إلى الأذهان تصريحات وزير الاستخبارات الإيراني السابق، علي يونسيفي، في يوليو 2021، عندما حذر من اختراق إسرائيل للأجهزة الأمنية في إيران، وقال آنذاك: "يجب على جميع المسؤولين أن يقلقوا على حياتهم".
وقد أثارت هذه التصريحات حينها غضب صحيفة "كيهان" المتشددة، التابعة للمرشد الإيراني، علي خامنئي، التي شنت هجومًا شديدًا على يونسي، متهمة التيار الإصلاحي بأنه أنكر خطر الاختراق طوال 20 عامًا، ومشيرة إلى حالات اعتبرت أنها دليل على علاقات مباشرة أو غير مباشرة بين الإصلاحيين وإسرائيل.
وبعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، عاد المناخ السياسي المتوتر داخل النظام الإيراني ليمنح كل جناح فرصة لتوجيه الاتهامات للآخر، مستغلاً قضايا مثل "النفوذ"، "الخيانة"، و"الهجرة" كأدوات في صراع النفوذ الداخلي.