وبحسب وكالة "رويترز"، فقد أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، الجنرال دانيال كين، في مؤتمر صحافي بعد أيام من الهجوم الإيراني، أن عدد صواريخ "باتريوت"، التي أُطلقت خلال هذا الاشتباك كان الأكبر منذ استخدام المنظومة لأول مرة في حرب الخليج الأولى عام 1991.
وأضاف: "كانت عملية الاعتراض ناجحة، ولحسن الحظ لم تُسجّل أي خسائر بشرية، وكانت الأضرار مادية ومحدودة".
وقد أظهرت صور أقمار صناعية أضرارًا محتملة في قاعدة "العديد" بعد الهجوم الإيراني.
ووقع هذا الاشتباك العسكري في وقت اعتبرت فيه إدارة دونالد ترامب ما حدث تجسيدًا عمليًا لما وصفته بـ "عقيدة عسكرية جديدة"، تقوم- بحسب الرواية الرسمية- على استخدام القوة العسكرية "بشكل أكثر وضوحًا وهدفًا"، ما يُساهم- وفق تعبير الإدارة في استعادة الردع الأميركي أمام خصوم، مثل الصين وروسيا.
وفي السياق ذاته، وصفت واشنطن حملاتها الجوية والبحرية ضد مواقع الحوثيين في اليمن، والتي استمرت 52 يومًا، كمثال إضافي على سياسة "التدخل المحدود والهادف".
لكن عودة الحوثيين لضرب إسرائيل واحتجاز طواقم سفن تُظهر حدود هذه العقيدة الجديدة.
وفي الوقت، الذي استؤنفت فيه هجمات الحوثيين على السفن وعلى إسرائيل، بما في ذلك الهجوم الصاروخي على مطار تل أبيب باستخدام صواريخ إيرانية، كشفت "رويترز" عن انقسامات داخل إدارة ترامب بشأن طريقة استخدام القوة العسكرية الأميركية.
فبينما يُصرّ بعض كبار القادة العسكريين الأميركيين على ضرورة مواصلة دعم أوكرانيا، محذرين من أن فشل كييف قد يشجع روسيا أو الصين على التوسع أكثر، فإن مسؤولين مثل وزير الدفاع، بيت هيسغيث، ونائبه المدني إليبريدج كولبي، يرون أن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا يستهلك مخزونًا استراتيجيًا أميركيًا ويصب في مصلحة الصين.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة أن الاستهلاك الكثيف لصواريخ باتريوت في الشرق الأوسط وأوكرانيا أدى إلى انخفاض خطير في المخزون.
وردًا على ذلك، قررت "البنتاغون" الأسبوع الماضي وقف إرسال بعض الأسلحة-منها الباتريوت وصواريخ هيمارس- إلى أوكرانيا بهدف إعادة بناء المخزون العسكري الأميركي، لكن الرئيس ترامب استخدم الفيتو ضد القرار، وقال في مؤتمر صحافي: "علينا مساعدتهم ليتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم".
واصلت "رويترز" الإشارة إلى التوترات داخل الإدارة الأميركية، ونقلت عن جِـي. دي. فانس، نائب ترامب، دفاعه عما يُعرف بـ "عقيدة ترامب"، قائلاً: "إنها تدافع عن مصالح أميركا بوضوح أولاً، ثم نبذل جهدًا دبلوماسيًا لحل الأزمة ثانيًا. وثالثًا، إذا فشلت الدبلوماسية، تضرب عسكريًا وتخرج قبل أن تغرق في حرب استنزاف".
لكن التقرير أشار إلى أن هذا التعريف المبسّط يصطدم بواقع أكثر تعقيدًا، لا سيما مع شخصية ترامب نفسه، الذي يتفاخر بأنه "غير قابل للتوقع" وغالبًا ما يغيّر مواقفه بسرعة.
ترامب: أخبرت بوتين بأنني سأُسوّي موسكو بالأرض إذا دخل أوكرانيا
ورد أن ترامب صرّح في جلسة خاصة بأنه هدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بأنه "سيسوّي موسكو بالأرض" إذا غزا أوكرانيا. وبشأن رئيس الصين، شي جين بينغ، قال ترامب إن الزعيم الصيني يعتقد أنه "مجنون"، في إشارة إلى رغبته في بناء صورة ردعية من خلال الغموض والتصعيد اللفظي.
حتى وإن كانت هذه التصريحات محل شك من بعض مستشاري ترامب السابقين، مثل مستشاره لشؤون الأمن القومي السابق، جون بولتون، فإنها تعكس مدى اعتماد الرئيس الأميركي على التهديد باستخدام القوة كوسيلة ردع.
الردع الفعال وعقيدة ترامب العسكرية
شددت "رويترز"، في ختام تقريرها، على أن الرؤساء الأميركيين منذ الحرب الباردة تعلموا أن الردع الفعال يتطلب التزامًا واضحًا بالدفاع عن الحلفاء، حتى لو شمل هذا التزامًا باستخدام الأسلحة التقليدية أو النووية.
ولكن المحللين يخشون من أن تتحول عقيدة ترامب العسكرية في ولايته الثانية المحتملة إلى سياسة متشددة وغير مرنة تقوم على التهديد المباشر، ما سيُعقّد التوازنات الجيوسياسية العالمية بشكل كبير.