وقالت سارا القضا، مديرة قسم الشرق الأوسط بالمنظمة، في بيان رسمي: "استخدام برامج التجسس لمضايقة الصحافيين هو مرحلة مقلقة في الحملة التي يشنّها النظام الإيراني لترهيب وسائل الإعلام المستقلة وإسكاتها".
وأضافت: "لا ينبغي لأي صحافي أن يكون هدفاً للمراقبة الرقمية أو الضغط. على إيران أن توقف فوراً قمعها العابر للحدود للصحافة".
وأكّدت قناة "إيران إنترناشيونال"، أمس، أن الهجمات السيبرانية التي أدت إلى اختراق بعض حسابات "تلغرام" الخاصة بموظفي القناة تعود إلى هجمتين منفصلتين، الأولى في صيف 2024، والثانية في يناير (كانون الثاني) 2025.
وبحسب المعلومات المنشورة، نفّذت هذه الهجمات مجموعة تُعرف باسم "بنیشد كیتن" أو "القط المنفي"، والمعروفة أيضاً بأسماء مستعارة مثل "ستورم 0842" و"دون".
وتُظهر التحقيقات الفنية للقناة أن القراصنة على الأرجح تمكّنوا من الوصول إلى أجهزة موظفيها عبر تثبيت برامج تجسس من خلال حسابات "تلغرام".
وأكدت القناة أن الهجمتين أُبلغت بهما الجهات الأمنية في حينه، واتُّخذت الإجراءات اللازمة لحماية الموظفين.
وتفيد المعلومات المتوفّرة أن مجموعة "بنیشد كیتن" تابعة لوحدة مكافحة التهديدات السيبرانية في وزارة الاستخبارات التابعة للنظام الإيراني، وتعمل تحت إشراف مباشر من يحيى حسيني بنجكي، وهو شخصية أمنية كشفت القناة سابقاً عن هويته.
وتُعتبر هذه الهجمات جزءاً من حملة أوسع من التهديدات، والترهيب، وعمليات الاغتيال التي تستهدف شبكة "إيران إنترناشيونال"، والتي تُعد وسيلة إعلامية مستقلة باتت في السنوات الأخيرة هدفاً متكرراً لتهديدات النظام الإيراني بسبب تغطيتها المهنية والمحايدة للأحداث.
وسبق أن أكدت "إيران إنترناشيونال" في بيان صدر عام 2022، أن النظام الإيراني حاول تنفيذ عملية اغتيال ضد بعض صحافييها في لندن.
ووفقاً لمصدر أمني قدّم هذه المعلومات للقناة، فقد كانت مسؤولية هذه العملية الفاشلة تقع على عاتق روح الله بازقندي، الرئيس السابق للوحدة 1500 التابعة لقسم مكافحة التجسس في جهاز استخبارات الحرس الثوري. ووفقاً للمصدر نفسه، فقد سبق لباسقندي أن شارك في تنسيق عمليات مماثلة فاشلة ضد مواطنين إسرائيليين في تركيا.
وعلى الرغم من هذه المعلومات، لم تُقدّم الشرطة البريطانية في ذلك الوقت تفاصيل واضحة حول مصدر هذه التهديدات. غير أن الكشف الإعلامي الذي قامت به "إيران إنترناشيونال" أعاد تسليط الضوء على الدور النشط الذي يلعبه جهاز الأمن التابع للنظام الإيراني في تهديد وترهيب الصحافيين في الخارج.
ردّ بريطانيا وتحذير الموساد
في تلك المرحلة، وصف جيمس كليفرلي، وزير الخارجية البريطاني آنذاك، تهديدات النظام الإيراني ضد صحافيي "إيران إنترناشيونال" بأنها "غير مقبولة"، مؤكداً في تصريحات له أن "أمن الصحافيين وحرية الإعلام يشكلان أولوية للحكومة البريطانية"، وأضاف أن بلاده تأخذ أمن جميع المقيمين على أراضيها على محمل الجد.
في السياق نفسه، أفادت "القناة 11" في التلفزيون الإسرائيلي أن جهاز الموساد كان قد أبلغ جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (MI5) قبل أسابيع من ذلك عن تهديدات النظام الإيراني ضد مواطنين إيرانيين، خصوصاً صحافيي "إيران إنترناشيونال".
وذكرت القناة أن هذه المعلومات التي قدّمها الموساد ساعدت في إحباط هجوم إرهابي محتمل كان يُخطط له على الأراضي البريطانية.
بدوره، أعلن كن مك كالم، رئيس جهاز "MI5"، أن النظام الإيراني نفّذ، بين يناير (كانون الثاني) من ذلك العام وتلك الفترة، ما لا يقل عن 10 محاولات اختطاف أو اغتيال لمواطنين إيرانيين على الأراضي البريطانية.
في أعقاب التهديدات السابقة، دعت منظمة "مراسلون بلا حدود" (RSF) الحكومة البريطانية إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية الصحافيين الإيرانيين.
وفي بيانها، حذّرت المنظمة من أن تهديدات النظام الإيراني ضد وسائل الإعلام تُشكّل ناقوس خطر حقيقي للديمقراطيات حول العالم.
ردّ النظام الإيراني واستمرار التهديدات
لكن سلطات النظام الإيراني لم تنفِ هذه التهديدات، بل ذهبت إلى حد التأكيد على استمرارها.
فقد كتب كاظم غريب آبادي، رئيس "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان" التابعة للسلطة القضائية للنظام الإيراني، عبر منصة "إكس"، أن "إيران إنترناشيونال" مدرجة ضمن "قائمة الإرهاب" للنظام، وأن طهران تسعى لتتبّع وملاحقة جميع العاملين والمتعاونين معها.
وفي ردّه على تحذيرات خبراء الأمم المتحدة بشأن التهديدات الصادرة عن النظام، أضاف غريب آبادي أن "إيران إنترناشيونال" تسعى إلى طلب الحماية عبر آليات حقوق الإنسان الدولية لتخفيف الضغط، وختم بالقول: "لكننا لن نساوم مع الإرهابيين".