وقال نيكولا ليرنر، مدير الإدارة العامة للأمن الخارجي في فرنسا، في مقابلة مع قناة "LCI" الفرنسية: "كل مراحل البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك المواد، وتحويلها، وتصنيع النواة، وأنظمة الإطلاق، تعرّضت لأضرار جسيمة وتأخرت، لكن لا يزال من غير المؤكد أين يُخزَّن اليورانيوم المخصب التابع للنظام الإيراني".
وأضاف أن باريس تمتلك معلومات حول الموقع المحتمل لهذه المخزونات، لكن "ما لم يُسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعودة إلى إيران، فلا يمكن تأكيد أي شيء حول مصير هذه المواد".
كما حذّر ليرنر من أن النظام الإيراني ربما ما زال يحتفظ بقدرات سرية على التخصيب بأحجام أصغر، مؤكدًا أن "فرنسا لا تزال ترى أن الحل الدبلوماسي هو السبيل الأفضل لأزمة الملف النووي الإيراني".
روايات متناقضة بين إسرائيل وأميركا
في الوقت ذاته، أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين إلى وجود غموض حول مدى تدمير مخزونات اليورانيوم الإيرانية.
وبحسب التقرير، فإن منشآت كانت تحتوي على نحو 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب قد استُهدفت، لكن لا يزال من غير الواضح حجم التدمير الفعلي، أو ما إذا كانت إيران قادرة على استعادة هذه المواد.
ووفقًا للصحيفة، يعتقد مسؤولون إسرائيليون بثقة نسبية أن النظام الإيراني لم يتمكن من نقل هذه المواد من المواقع النووية لا قبل ولا بعد الهجمات، لكنهم أقرّوا بأنه "لا توجد ضمانات مؤكدة بهذا الشأن".
وفي السياق نفسه، زعم دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، في مؤتمر صحفي على هامش قمة الناتو في لاهاي، أن "جميع كميات اليورانيوم المخصب الإيرانية" كانت مخزنة في المنشآت التي تم قصفها، ما جعل نقلها أمرًا شبه مستحيل.
واستشهد ترامب ببيان صادر عن هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية قال فيه: "الدمار الذي خلّفته أميركا في هذه العملية يمكن مقارنته بهجوم هيروشيما، وكما أنهى ذلك الهجوم الحرب العالمية الثانية، فإن هذه العملية أنهت الحرب بين النظام الإيراني وإسرائيل".
وبينما يتحدث ترامب وبعض المسؤولين الإسرائيليين عن تدمير كامل للبرنامج النووي الإيراني، تُظهر تقارير استخباراتية داخلية أميركية – من بينها تقارير صادرة عن جهاز لم يُكشف اسمه – أن التأثير الحقيقي للضربات لم يتجاوز "تأخيرًا لبضعة أشهر" في البرنامج النووي الإيراني.
كما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن هذا التقييم الحذر أثار غضب ترامب ومحيطه، واتهموا الإعلام بالتقليل من أهمية العملية ونجاحها.
وفي بيان حذر، وصفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) منشآت فردو، نطنز وأصفهان بأنها "تعرّضت لأضرار جسيمة"، لكنها امتنعت عن استخدام مصطلح "التدمير".
أمل في التفاوض وظلال من الغموض على المستقبل
وسط هذا التوتر، أعلن ترامب خلال لقائه بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض أن النظام الإيراني أعرب عن رغبته في استئناف المفاوضات النووية.
وقال: "عندما رأيت كل شيء مدمّرًا، تساءلت: ما الحاجة إلى التفاوض؟ لكنهم طلبوا لقاء، فوافقت. وإذا توصلنا إلى اتفاق، فسيكون أمرًا رائعًا".
ومع ذلك، لم يستبعد الرئيس الأميركي إمكانية التوصل إلى تفاهم دون توقيع أي وثائق، وقال: "العملية الأخيرة كانت واضحة بما يكفي، وقد لا تكون هناك حاجة لأي أوراق مكتوبة".
ووفقًا لمسؤولين مقرّبين من البيت الأبيض، فإن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، والذي يتولى الوساطة غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، تم تكليفه أيضًا بقيادة المفاوضات النووية مع النظام الإيراني، ومن المحتمل أن تبدأ جولة جديدة من المحادثات خلال الأسبوع المقبل.