وبعد نشر البيانات المالية السنوية للمؤسسة، حذّرت وسائل الإعلام في إيران مجددًا من تفاقم الخسائر المتراكمة لهذه المؤسسة ومخاطرها على النظام المصرفي في البلاد.
وتُظهر البيانات المالية الخاصة بنهاية العام المالي 2024، والتي تمّ نشرها مؤخرًا، أن الخسائر المتراكمة للمؤسسة تجاوزت في هذه الفترة 24 ألف مليار تومان، ما يعني أنها أنفقت أكثر بكثير مما كسبته، وبالتالي تكبّدت خسائر كبيرة.
وتُسجَّل هذه الخسائر في الميزانية العمومية وتبقى هناك طالما لم تتمكن المؤسسة من تعويضها، فتتحوّل إلى خسائر متراكمة تُهدد استقرارها المالي.
كانت هذه الخسائر المتراكمة في عام 2022 أقل من 8 آلاف مليار تومان، لكنها تضاعفت في 2023 لتصل إلى نحو 17 ألف مليار تومان، وها هي اليوم تقترب من 24 ألف مليار تومان.
وقد تأسست هذه المؤسسة في عام 1987 تحت اسم "عسكریه" وبنشاط محدود.
وفي عام 2006، خلال رئاسة أحمدي نجاد، طُبّقت سياسة لإنشاء شبكة مالية شبيهة بالبنوك، وبموجبها حصلت مؤسسة "عسكریه" على إذن من البنك المركزي لتوسيع نشاطها.
كانت هذه المؤسسات تفتقر إلى الشفافية، ومع وصول روحاني إلى السلطة، اتُّخذ قرار بدمجها أو حلّها. ونظرًا لحجم ودائع المواطنين الكبيرة فيها، تسبّب ذلك في احتجاجات واسعة، كما انتقلت مسؤولية التزاماتها إلى بنوك أخرى.
في ذروة هذه المرحلة، عام 2017، نظّم متضررو مؤسسات مثل "كاسبین"، و"إيرانيان"، و"أفضل توس"، و"آرمان وحدت"، و"ثامن الحجج" اعتصامات واحتجاجات أمام البرلمان الإيراني ومؤسسات رسمية أخرى.
وفي عام 2016، غُيّر اسم "عسكریه"، الذي يُعد اسمًا ذا دلالة دينية، إلى "ملل"، وتمكّنت هذه المؤسسة من البقاء على قيد الحياة من بين كل المؤسسات المماثلة، بل ودخلت البورصة كذلك.
وفي عام 2023، كُشف – بناءً على تقارير البنك المركزي للنظام الإيراني – أن المؤسسة ركّزت أنشطتها المصرفية على الشركات التابعة لها.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي، فإن نحو 60% من القروض التي منحتها المؤسسة ذهبت إلى أطراف مرتبطة بها، ما يعكس خطورة التركيز في توزيع التسهيلات لديها.
ورغم كل ذلك، لم يُتّخذ حتى الآن أي إجراء حاسم بخصوص مصير هذه المؤسسة، فيما يزداد وضعها تعقيدًا عامًا بعد عام.