ساكنة هذا البيت هي معلمة وناشطة نقابية؛ متظاهرة أُدينت بسبب مطالبتها بحقوق المعلمين، وتُقضي الآن، بدلاً من استكمال عقوبتها في السجن، حياتها مع سوار إلكتروني.
تقول: "السوار الإلكتروني للسارقين والمحتالين، وليس لمعلمة طالبت فقط بحقها النقابي".
هي واحدة من عشرات المعلمين والفنانين والطلاب وأتباع الأقليات الدينية أو الناشطين النقابيين والمدنيين الذين، بعد قضاء أشهر أو سنوات في السجن، وافق القاضي، بناءً على طلبهم، على قضاء بقية العقوبة تحت إشراف سوار إلكتروني.
تتضمن التهم الموجهة إليهم "النشاط الدعائي ضد النظام، والتجمع والتآمر ضد أمن البلاد، وإثارة الرأي العام"، والمشاركة في احتجاجات نقابية أو سياسية.
ما هو السوار الإلكتروني؟
السوار الإلكتروني هو جهاز تحديد المواقع (GPS) يُثبت على ساق المحكوم عليهم، ويخضع للمراقبة على مدار الساعة من قبل مركز الرعاية الإلكترونية التابع لمنظمة السجون. في حال خرج الشخص من النطاق المحدد، يُصدر الجهاز تحذيرًا، وتكرار ذلك قد يؤدي إلى إعادته إلى السجن.
يُستخدم هذا الجهاز في النظام القضائي الإيراني كبديل للسجن، ضمن إطار الجرائم التعزيرية من الدرجة الخامسة إلى الثامنة قبل دخول السجن، ومن الدرجة الثانية إلى الرابعة بعد قضاء جزء من العقوبة.
في إيران، إلى جانب المحكومين بجرائم مالية ومتهمي تجارة المخدرات والسرقة، أصبح الناشطون المدنيون والسياسيون والنقابيون والعمال، وحتى أتباع الأقليات الدينية، مشمولين باستخدام هذا السوار.
يعتبر العديد من مستخدمي السوار الإلكتروني هذه العقوبة مهينة وغير متناسبة مع نوع نشاطاتهم.
ويصف محامٍ في إيران السوار الإلكتروني للمتظاهرين بأنه "عقوبة مهينة، تتحول مع القيود المفروضة والمراقبة الشاملة، بما في ذلك رصد الشبكات الاجتماعية، إلى أداة لمضايقة وتعذيب الناشطين المدنيين والسياسيين".
الشكاوى من المشكلات الجسدية هي الأكثر شيوعًا. التصميم السيئ، الحواف الحادة، والوزن الثقيل للنماذج المصنعة محليًا تسبب جروحًا والتهابات في منطقة الساق. يجب تغطية الجهاز بكيس نايلون أثناء الاستحمام لمنع ملامسته للماء.
يستغرق شحن الجهاز حوالي ساعة ونصف، ولا يمكن شحنه إلا باستخدام مقبس منزلي، وليس بواسطة شاحن محمول أو سيارة.
من الناحية المالية، هذا الجهاز ليس "منخفض التكلفة". يتعين على السجناء دفع حوالي مليونين ونصف مليون تومان كدفعة مقدمة، وحوالي 900 ألف تومان شهريًا كإيجار للجهاز؛ وهي مبالغ ثقيلة بالنسبة للعديد من الناشطين العاطلين عن العمل أو المحرومين من وظائفهم. يقول أحدهم: "تخيلوا أننا ندفع المال ليضعوا القيد على أقدامنا".
حرية محدودة وحكم الناس
يحدد السوار الإلكتروني نطاقًا ثابتًا للحركة، عادةً دائرة نصف قطرها ألف متر من مكان الإقامة، وإن كانت هذه المسافة تعتمد على قرار القاضي.
تؤثر هذه القيود على العلاقات الاجتماعية، وحضور المناسبات العائلية، والعمل، والسفر، وحتى العلاج الطبي.
أعلن وفا أحمد بور، المعروف بـ"وفادار"، المغني المتظاهر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنه فقد فرصة المشاركة كحكم شرفي في مهرجانات فنية في أميركا بسبب السوار الإلكتروني.
يقول بعض المستطلعين إنهم يحاولون إخفاء السوار بالملابس أو الجوارب أثناء المشي أو ممارسة الرياضة في الحديقة أو التسوق لتجنب النظرات وأسئلة المارة.
بينما لا يحاول آخرون إخفاءه، ويصفون ردود الفعل غالبًا بأنها متعاطفة.
تقول معلمة: "من مصففة الشعر إلى السوبرماركت، يصفني الناس بالبطلة ويقولون: تحية لشرفك. لكنني سعيدة أن والدتي ليست على قيد الحياة لرؤيتي بهذا السوار".
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة، يرى بعض الحقوقيين أن السوار الإلكتروني يمكن أن يكون عقوبة مساعدة وإنسانية.
يقول محامٍ في إيران: "هذا الجهاز وسيلة لتحديث العقوبات وتقليل تكاليف السجن، ويسمح للمحكومين بالعودة إلى الحياة الطبيعية".
لكن في المقابل، يؤكد محامٍ آخر: "في الدول المتقدمة، يُستخدم هذا الجهاز للمجرمين الحقيقيين في الجرائم المالية أو العنيفة، لكنه في إيران تحول إلى أداة للسيطرة وإذلال المتظاهرين والسجناء السياسيين".
ويضيف، مشيرًا إلى سلطة المأمور القضائي في اختيار الأشخاص لاستخدام السوار، أن شروط السوار وتحديد النطاق للناشطين النقابيين أو السجناء السياسيين والعقائديين تُنفذ بشكل تعسفي.
ممنوع من العمل.. محروم من التعليم
تمتد القيود الناتجة عن السوار إلى ما هو أبعد من البيت. فبعض المستخدمين مُنعوا رسميًا أو غير رسمي من العودة إلى وظائفهم.
يقول معلم: "بعد اطلاعي، قال مدير المدرسة إنني بحاجة إلى خطاب رسمي من القاضي للعودة إلى التدريس. أكد القاضي أنني لست ممنوعًا من العمل، لكن المدرسة رفضتني. أعتقد أن وزارة الاستخبارات مارست ضغوطًا".
اضطر آخرون إلى تغيير مكان إقامتهم ليكونوا أقرب إلى المدرسة أو مكان العمل ليتمكنوا من العمل ضمن النطاق المسموح.
وفي إشارة إلى الجانب النفسي والضغط العقلي الناتج عن هذه العقوبة، يصف معظم مستخدمي السوار حالتهم كأنها حبس في "سجن غير مرئي".
ويقول كاتب يعيش مع السوار: "ذهبت لشراء كتاب أحببته. عند التقاطع، انطلق صوت الجهاز، تذكرت أنني لا أملك الحق في العبور. نظرت إلى الكتاب بحسرة وعدت".
يضيف: "الألم يكمن في أنك الوحيد الذي يرى هذا الحد غير المرئي. يمكن للجميع تجاوزه إلا أنت".
يقول معلم: "حتى عند ممارسة الرياضة في الحديقة، أشعر بالقلق. مرة خرجت من النطاق، فاتصلوا بي الساعة السادسة والنصف صباحًا وهددوني بإعادتي إلى السجن".
ومع ذلك، حاول البعض إيجاد طرق للحفاظ على صحتهم النفسية. يستخدم أحد المعلمين إجازات مؤقتة لعدة أيام في الشهر للسفر القصير والتجول في الطبيعة.
الاختيار بين السيئ والأسوأ
على الرغم من كل المشكلات، يقول البعض إن السوار لا يزال أفضل من السجن.
يقول معلم من شيراز: "في سجن عادل آباد، كان زملائي في الزنزانة قتلة ومجرمين خطرين.
بالنسبة لي، كان السوار خيارًا بين السيئ والأسوأ".
على الرغم من كل الضغوط، يقول الناشطون إن السوار الإلكتروني لم يتمكن أبدًا من إسكات أصواتهم. يقول معلم: "هذا أقل ثمن ندفعه لمطالبتنا بحقوقنا".
ويضيف كاتب: "السوار منعني من الحركة الجسدية، لكنه لم يستطع منعي من التفكير والكتابة.
ما زلت أكتب، وهذا ما لا تستطيع الحكومة أخذه مني".