وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، فقد قال مسؤولون أوروبيون، في تقييماتهم الأولية، إن الضربات الأميركية ألحقَت أضرارًا جسيمة ببرنامج إيران النووي، لكنها، خلافًا لما ادعاه رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، لم تؤدِّ إلى تدميره بالكامل.
وأوضح ثلاثة مسؤولين أوروبيين، طلبوا عدم كشف هوياتهم، أن الضربات التي شنّتها إسرائيل ثم الولايات المتحدة، منحت طهران دوافع جديدة لمواصلة برنامجها النووي في الخفاء.
ويعتقد هؤلاء أن هذه الهجمات قد تُعدّ بالنسبة لقادة النظام في طهران دليلاً على أن أفضل وسيلة للردع هي تطوير القدرة على تصنيع القنبلة النووية.
احتمال تغيّر موقف ترامب
كان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد ذكر عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، في 29 يونيو (حزيران) الماضي، أنه "لن يقدّم أي عرض لإيران"، وقال إنه بعد "التدمير الكامل للمنشآت النووية" الإيرانية، لن يجري مفاوضات مع طهران.
وذلك على الرغم من قوله سابقًا إن المفاوضات يمكن أن تبدأ "هذا الأسبوع".
ولكن بحسب المسؤولين الأوروبيين، فإن ترامب معروف بتقلب مواقفه، كما أنه يهوى إبرام الصفقات، ولهذا فليس من المستبعد أن يُغيّر نهجه.
ومع ذلك، إذا قررت واشنطن الدخول في مفاوضات مع طهران، فمن المرجّح أن يتم ذلك دون إشراك الأوروبيين، الذين تم تهميشهم، منذ تولي ترامب الرئاسة الأميركية.
ويرى الدبلوماسي الفرنسي السابق، ميشيل دوكلو، أن النظام الإيراني على الأرجح سيزداد "تصميمًا على الوصول إلى القنبلة النووية، وسيفعل ذلك سرًا قدر الإمكان".
وأضاف أن رغبة طهران في المشاركة بالمفاوضات تعتمد جزئيًا على "توازن القوى الجديد داخل إيران"، وجاذبية التوصل إلى صفقة اقتصادية مع واشنطن.
رد طهران وتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
أعرب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن شكوكه في إمكانية استئناف المسار الدبلوماسي حول برنامج بلاده النووي في وقت قريب.
وقال إن الأمر يتطلب "مزيدًا من الوقت"، بالإضافة إلى ضمانات بعدم قيام الولايات المتحدة بشنّ هجوم آخر خلال المفاوضات.
وفي مقابلة مع شبكة "CBS"، صرح عراقجي: "لا أعتقد أن المفاوضات ستُستأنف بهذه السرعة".
وقد أقرّت طهران هذا الأسبوع إجراءات لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي يوم الجمعة 5 يوليو (تموز)، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن فريقًا من مفتشيها غادر إيران، في خطوة تُعمّق الجمود بشأن الرقابة على برنامج إيران النووي.
التحديات المطروحة
صرّح دبلوماسي أوروبي بأن الإجراءات الإيرانية ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ربما تهدف إلى كسب أوراق تفاوضية في أي محادثات قادمة.
ولكن يبدو أن الفجوة بين الطرفين لا تزال واسعة. فالمفاوضات السابقة كانت تسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، بينما تؤكد إدارة ترامب الآن على سياسة "التخصيب الصفري"، وهو مطلب يلقى دعم بعض المسؤولين الأوروبيين أيضًا.
موقف فرنسا وانتهاء صلاحية الاتفاق النووي
يضغط المسؤولون الفرنسيون لإدراج برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني في أي مفاوضات مستقبلية.
وقد رفضت طهران مطلب "التخصيب الصفري"، مؤكدة أن لها "الحق القانوني" في تخصيب الوقود النووي للاستخدام السلمي، وأن قدراتها الدفاعية "ليست قابلة للتفاوض".
ويُذكر أن خطة العمل الشاملة المشتركة (جاكوب)، التي أُبرمت في عام 2015 للحد من برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات، من المقرر أن تنتهي في خريف هذا العام.
ويرى المسؤولون الأوروبيون أن انسحاب ترامب من الاتفاق في عام 2018 منح طهران حافزًا إضافيًا لزيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب.