أعلن ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد للانضمام إلى المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، إذا اقتضى الأمر، مستفيدًا من "الشراكة الوثيقة بين موسكو وطهران".
جاء ذلك بعد تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأربعاء، بأنه اتصل هاتفيًا ببوتين واقترح عليه المشاركة في مفاوضات الملف النووي الإيراني، مشيرًا إلى أن بوتين قد يكون قادرًا على لعب دور إيجابي لتسريع الوصول إلى نتيجة.


حذّرت منظمات حقوق الإنسان من الزيادة الكبيرة في الإعدامات وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
ووفقًا لتقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "حقوق الإنسان الإيرانية"، تم إعدام ما لا يقل عن 478 شخصًا من بداية يناير (كانون الثاني) حتى أواخر مايو (أيار) 2025 في إيران، بزيادة قدرها 75 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
في الأيام الـ25 الأولى من مايو (أيار) وحده، تم الإبلاغ عن إعدام ما لا يقل عن 113 شخصًا، وهناك مخاوف من أن يكون عدد أكبر على وشك تنفيذ أحكام الإعدام.
وتقول المنظمات الحقوقية إن السلطات الإيرانية تستخدم عقوبة الإعدام لنشر الخوف العام وقمع المعارضين، ويستهدف ذلك بشكل رئيسي المعارضين السياسيين والأقليات العرقية والنساء.
تشكل الإعدامات المتعلقة بجرائم المخدرات الجزء الأكبر من الحالات، لكن هناك زيادة ملحوظة في الإعدامات المرتبطة باتهامات أمنية غامضة تستهدف النشطاء وأفراد المجتمعات المهمشة.
ونددت نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في رسالة فيديو باستخدام الاعترافات القسرية كأساس لإصدار أحكام الإعدام في إيران.
وأشارت إلى أن هذه الاعترافات تُنتزع تحت التعذيب والضغوط النفسية من قبل المحققين، وأكدت أن المتهمين غالبًا ما يُحرمون من الوصول إلى محامٍ من اختيارهم والتمتع بمحاكمة عادلة.
ووصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، هذا الوضع بأنه "غير مسبوق"، وحذرت من أن موجة الإعدامات في عامي 2024 و2025 هي الأعلى منذ عام 2015.
وحذرت ساتو في تصريحاتها الأخيرة قائلة: "إذا استمر هذا الاتجاه المقلق، فقد يتجاوز إجمالي الإعدامات هذا العام حاجز 1000 شخص - وهو عتبة مروعة تتطلب رد فعل عالمي وجماعي".
ووفقًا لتقارير المنظمات الحقوقية الرقابية، منذ تولي مسعود بزشكيان منصبه في يوليو (تموز) 2024، تم إعدام ما لا يقل عن 1164 شخصًا في إيران، وهو أعلى رقم منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة، لا تُظهر السلطات الإيرانية أي مؤشرات على تقليص وتيرة الإعدامات.

على الرغم من إصرار النظام الإيراني على تصدير الطاقة مع عجزه في تلبية احتياجاته من الكهرباء والغاز، فإن الأسواق الإقليمية تشهد تحولات واسعة النطاق بسبب غياب رؤية واضحة حول قدرة النظام الإيراني على الوفاء بالتزاماته.
وتشير أحدث تقارير هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية إلى أن تركيا استوردت في الربع الأول من عام 2025 أكثر من 5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة الأميركية.
في عام 2024، قدمت الولايات المتحدة 6 مليارات متر مكعب من الغاز إلى تركيا، بزيادة قدرها 38 في المائة مقارنة بعام 2023.
وبذلك، أصبحت الولايات المتحدة في الربع الأول من هذا العام أكبر مورد للغاز إلى تركيا بعد روسيا بفارق طفيف، بينما كان النظام الإيراني حتى قبل بضع سنوات ثاني أكبر مصدر للغاز إلى تركيا.
يعاني النظام الإيراني منذ العام الماضي من عجز في الغاز على مدار جميع الفصول، حيث يصل العجز اليومي في الشتاء إلى أكثر من 250 مليون متر مكعب، وهو رقم هائل يعادل إجمالي استهلاك تركيا اليومي من الغاز في هذا الموسم.
تظهر إحصاءات هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية أن النظام الإيراني، بسبب عجز الغاز الهائل، سلّم في شتاء 2024 ما مجموعه 830 مليون متر مكعب من الغاز إلى تركيا، بانخفاض 39 في المائة عن العام السابق، وهو نصف ما كان عليه قبل عامين.
بموجب العقد، يفترض أن يسلم النظام الإيراني 900 مليون متر مكعب من الغاز شهريًا إلى تركيا، لكن إجمالي الغاز المسلم خلال أشهر الشتاء الثلاثة كان أقل من هذا الرقم.
ينتهي عقد تصدير الغاز الإيراني إلى تركيا لمدة 25 عامًا في العام المقبل، وعلى الرغم من العروض المتكررة من النظام الإيراني، لم تُظهر تركيا حتى الآن أي رغبة في تجديد العقد.
مع استمرار شراء تركيا للغاز من روسيا وجمهورية أذربيجان (ثالث أكبر مصدر للغاز إلى تركيا)، تحل حكومة أنقرة الغاز الطبيعي المسال الأميركي تدريجيًا وبصمت محل الغاز الإيراني.
على مدى السنوات الماضية، عجز النظام الإيراني باستمرار خلال الشتاء عن الوفاء بالتزاماته بتصدير الغاز، مما تسبب في مشكلات لتركيا.
في ظل اتساع نطاق عجز الغاز في إيران ليشمل جميع الفصول، لا توجد آفاق لتجديد عقد الغاز، على الأقل بالمستوى الحالي، خاصة أن تركيا بدأت منذ مارس (آذار) الماضي استيراد غاز تركمانستان عبر مبادلة الغاز مع إيران.
أسواق العراق وسوريا
إلى جانب تركيا، فإن العراق هو العميل الوحيد للغاز الإيراني، لكن مسؤولين عراقيين أفادوا خلال الأيام الماضية بانخفاض تسليم الغاز من النظام الإيراني.
يستورد العراق الغاز الإيراني لاستخدامه في محطات توليد الكهرباء، وقد تسبب انخفاض تسليم الغاز في تقليص إنتاج الكهرباء في العراق بمقدار 3000 ميغاواط في ظل اقتراب ذروة الاستهلاك الصيفي.
كما يستورد العراق 3 في المائة من الكهرباء المستهلكة مباشرة من إيران، بينما كانت هذه النسبة قبل بضع سنوات 10 في المائة.
لكن النظام الإيراني يعاني حاليًا من عجز شديد في الكهرباء، مع انقطاعات واسعة وتقليص في تسليم الكهرباء إلى الصناعات.
بدأت تركيا العام الماضي بيع الكهرباء إلى العراق، ومنذ هذا العام، ضاعفت مبيعاتها للكهرباء إلى بغداد، حيث تقدم الآن أكثر من ضعفي الكهرباء التي يوفرها النظام الإيراني.
تبلغ قيمة صادرات الكهرباء والغاز الإيرانية سنويًا حوالي 5.5 مليار دولار، وهي موارد يحتاجها النظام الإيراني بشدة.
على مدى عقود، أنفق النظام الإيراني عشرات المليارات من الدولارات على جماعات وكيلة في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ودول أخرى لتعزيز نفوذه.
ادعى بعض مسؤولي النظام الإيراني أن هذا النفوذ سيؤدي إلى عوائد تصديرية ضخمة ومشاركة مربحة في مشاريع صناعية وتعدينية في دول المنطقة.
لكن النتيجة كانت أنه، مع تحطيم الجماعات الوكيلة للنظام الإيراني في هجمات إسرائيل وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تم تهميش النظام الإيراني فعليًا من المعادلات.
العراق أعلن بوضوح عن نيته إنهاء اعتماده على إيران خلال العامين المقبلين، بينما قطعت سوريا فعليًا علاقاتها مع طهران.
ومن اللافت أنه قبل عامين، وفي ذروة نشاط الجماعات الوكيلة للنظام الإيراني، وقّعت بغداد وطهران عقدًا جديدًا للغاز لمضاعفة مستوى الصادرات.
تُظهر إحصاءات شركة معلومات السلع "كبلر" أن النظام الإيراني أرسل بين عامي 2012 ونهاية العام الماضي أكثر من 300 مليون برميل من النفط الخام مجانًا إلى سوريا، بقيمة 23 مليار دولار.
في الأسبوع الماضي، وقّعت الحكومة السورية المؤقتة عقدًا بقيمة 7 مليارات دولار مع شركات قطرية وتركية وأميركية لتطوير محطات كهرباء جديدة بقدرة 6000 ميغاواط.
وبناءً على ذلك، ستسلم تركيا سنويًا 2 مليار متر مكعب من الغاز لتزويد جزء من وقود هذه المحطات.
كما بدأت قطر منذ مارس (آذار) هذا العام تصدير الغاز إلى سوريا عبر البنية التحتية للأردن.
في السابق، كان من المقرر أن يزود النظام الإيراني سوريا بالغاز عبر العراق، بل وكانت هناك مشاريع باسم خط أنابيب الغاز "الإسلامي" لربط إيران عبر العراق وسوريا بأوروبا، وهي خطط كانت في ذهن النظام الإيراني.
تأتي أحلام النظام الإيراني بتسخير أسواق المنطقة وأوروبا في وقت كانت فيه تركيا، حتى في عهد بشار الأسد، تصدر بضائع إلى سوريا بقيمة تفوق صادرات إيران بـ15 ضعفًا.
في حين توقفت صادرات النظام الإيراني إلى سوريا مع سقوط بشار الأسد هذا العام، صدرت تركيا في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بضائع بقيمة 1 مليار دولار إلى سوريا، بزيادة 32 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، يوم الأربعاء 4 يونيو (حزيران)، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رشّح الأدميرال براد كوبر لتولّي قيادة القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط (القيادة المركزية – سنتكوم).
وفي حال تأكيد ترشيح كوبر، سيكون ثاني أدميرال من البحرية الأميركية يتولى هذا المنصب الحيوي.
كوبر يشغل حاليًا منصب نائب قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي (سنتكوم)، ولديه خبرة واسعة في الخدمة وقيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط.
قائد القيادة المركزية الحالي، الجنرال إريك كوريلا، يستعد للتقاعد بعد أكثر من ثلاث سنوات في المنصب.
ويأتي هذا التغيير في قيادة "سنتكوم" في وقتٍ تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط أزمات خطيرة، بينما تسعى إدارة ترامب إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بعد 20 شهرًا من الحرب في غزة، وكذلك إلى اتفاق مع النظام الإيراني بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وقد انخرطت سنتكوم في الأشهر الأخيرة في حرب واسعة مع الحوثيين المدعومين من النظام الإيراني في اليمن.
كوبر تخرّج عام 1989 من أكاديمية البحرية الأميركية، وتولّى لقرابة ثلاث سنوات قيادة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية المتمركز في البحرين. وفي فبراير (شباط) 2024، ترك هذا المنصب ليتولى منصب نائب قائد القيادة المركزية التي يقع مقرها في تامبا بولاية فلوريدا.
منذ تأسيس القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) عام 1983، تولّى جنرالات من الجيش ومشاة البحرية قيادة هذا التشكيل العسكري، ولم يتولَّ قيادته من سلاح البحرية سوى أدميرال واحد فقط هو وليم فالون، الذي استقال بعد عام واحد.
وكان فالون قد أعلن حينها أن استقالته جاءت على خلفية تقارير إعلامية زعمت معارضته لسياسات إدارة جورج بوش تجاه النظام الإيراني، وهو ما نفاه، لكنّه أقرّ بأن هذا الانطباع العام أصبح مصدر إزعاج.
كوبر ضابط عمليات بحرية متخصص في العمل على السفن السطحية، وقد خدم على متن فرقاطات وصواريخ موجهة ومدمرات وحاملات طائرات وسفن إنزال هجومية، كما قاد مدمّرة وطرادًا قتالياً.
خلال قيادته للأسطول الخامس، أسّس أول وحدة من البحرية الأميركية مخصصة للعمليات غير المأهولة والذكاء الاصطناعي، وتولّى قيادة العمليات البحرية ضد الحوثيين المدعومين من النظام الإيراني في اليمن.
كما أشرف على مشاركة البحرية الأميركية في عملية "حارس الازدهار" (Operation Prosperity Guardian)، وهي عملية ائتلافية بقيادة الولايات المتحدة انطلقت في أواخر عام 2023 بهدف التصدي لهجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.
كوبر شغل أيضًا منصب قائد قوات السطح في المحيط الأطلسي، وكذلك قائد القوات البحرية الأميركية في كوريا الجنوبية. وهو نجل ضابط في الجيش، ويحمل درجة الماجستير في الاستخبارات الاستراتيجية من جامعة الاستخبارات الوطنية الأميركية.
المرشح الجديد لقيادة أفريكوم
وفي السياق ذاته، أصدر وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغست، يوم الأربعاء 4 يونيو، بيانًا أعلن فيه أن الرئيس دونالد ترامب رشّح الجنرال داغفين أندرسون من سلاح الجو لتولّي قيادة القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم).
وفي حال تأكيد ترشيحه، سيكون أندرسون أول جنرال من سلاح الجو الأميركي يتولّى قيادة أفريكوم، التي أُنشئت عام 2007.
الجنرال أندرسون طيار مخضرم، سبق له التحليق بطائرات التزود بالوقود من طراز KC-135، وطائرات النقل "C-130"، وطائرات الاستطلاع U-28A التي تُستخدم غالبًا من قبل القوات الخاصة. ولديه أكثر من 3400 ساعة طيران، منها 738 ساعة في مهام قتالية.
حاليًا، يشغل أندرسون منصب مدير تطوير القوة المشتركة في هيئة الأركان المشتركة الأميركية.
وبحسب سلاح الجو الأميركي، فقد قاد سابقًا سرب عمليات خاصة، وسربًا انتشارياً، ومجموعة عمليات، وجناح عمليات خاصة. كما تولّى قيادة قوة مهام أشرفت على إعادة تموضع القوات الأميركية في الصومال، وقاد بين عامي 2019 و2021 قيادة العمليات الخاصة الأميركية في أفريقيا (SOCAFRICA).
تُعد أفريكوم أحدث القيادات الجغرافية في البنتاغون، وتغطي الجزء الأكبر من القارة الأفريقية. ويركز الجيش الأميركي في المنطقة على محاربة الجماعات المتطرفة وتدريب القوات المحلية.
وفي حال تأكيد ترشيحه، سيكون أندرسون سابع قائد يتولى قيادة أفريكوم.

ذكرى وفاة الخميني، في 4 يونيو (حزيران)، تكررت هذا العام أيضًا بالمشاهد المألوفة نفسها..
المرشد الإيراني، علي خامنئي، زار ضريح الخميني، وردّد ذات العبارات التي سمعناها من منابر النظام الإيراني طيلة العقود الثلاثة الماضية: الدفاع عن العزلة، ورفض الحوار والتفاعل مع العالم، والتأكيد على مواصلة مسارٍ لم يجلب منذ فبراير (شباط) 1979 حتى اليوم، لا تنمية، ولا سلام، ولا رفاه، ولا استقرار.
النظام الإيراني، باستثناء نشوة الانتصار الجماعي المؤقتة في الأيام الأولى للثورة، لم يعرف سوى الحروب، والقصف، والحرمان، والأمية، والفساد، والكذب؛ كل ذلك مغلف برائحة ماء الورد!
علي خامنئي، في خطابه، رفض بشدة العرض الأميركي الجديد المتعلق بالاتفاق النووي، ولم يغلق فقط باب فرصة أخرى لتخفيف الضغط الاقتصادي، بل قدّم أيضًا دليلاً واضحًا على الإرادة السياسية للنظام في الإبقاء على الوضع المزري القائم؛ وضعٌ أنتج انهيار الأمل بالحياة في مجتمعٍ متعب ومقيد اليدين.
لقد نجح خامنئي الآن في إحراق كل الخيارات السلمية وغير العنيفة للتغيير في المجتمع الإيراني!
وهو، أكثر وحدةً من أي وقت مضى، ديكتاتورٌ اعتلى ظهر ديكتاتورٍ آخر، وفرض أيديولوجيا رجعية على الملايين ما استطاع - وربما حتى نهاية حياته. ولولا الموارد الطبيعية لإيران، لما كان ليحلم أصلًا بالوصول إلى ما هو عليه اليوم وهو في الثمانين من عمره.
قرابة خمسين سنة من الوعود والفشل
خلال السنوات التي تلت الثورة، شدّد النظام الإيراني مرارًا على مفاهيم مثل "الاستقلال"، و"العزة"، و"المقاومة"؛ لكنها في الواقع لم تكن سوى ذرائع لتبرير الفشل، والقمع، والعزلة الدولية.
البرنامج النووي، أحد أكثر المشاريع كلفة في تاريخ إيران المعاصر، لم يوفّر الكهرباء، ولم ينهِ العقوبات، ولم يحقق الأمن. إنما كانت نتيجته الوحيدة المزيد من العزلة الدبلوماسية، وزيادة الضغط على الشعب. وبناءً عليه، فلا شيء في هذا المشروع يمكن اعتباره "وطنيًّا".
تمجيد الماضي من دون فهم الحاضر
المرشد الإيراني، في خطابه، واصل الحديث عن "طريق الخميني"؛ طريقٌ لا يبدو أنه يفضي إلا إلى استمرار العداء، وتكليف الشعب الأثمان، والمقاومة العقيمة للدفاع عن اللاشيء. وقد قال: "ردنا على هراء أميركا واضح: لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا".
والحقيقة أن هذا النهج لم يؤدّ فقط إلى تخلف إيران عن ركب التنمية، بل جعلها متأخرة عن كثير من جيرانها في شتى المجالات.
حتى الشعارات الأولى للنظام الإيراني - مثل العدالة، والرفاه، والكرامة الإنسانية - أصبحت اليوم محط سخرية! مصطلح "ارتحاليدي"، الذي يستخدم ساخرًا في وصف وفاة الخميني، يعكس بشكل فكاهي ردة فعل المجتمع تجاه موت "إمامه".
إعادة إنتاج دورة مكررة؟
المرشد الإيراني ليس مجرد امتدادٍ للماضي، بل هو نفسه جزءٌ من ذلك الماضي الذي يعيد إنتاجه.
طوال ثلاثين عامًا من قيادته، وبالاستفادة من التجارب المكلفة - على حساب النظام الإيراني وأخيرًا على حساب الشعب الإيراني - رسّخ بنية أمنية واقتصادًا قائمًا على القمع.
لكن إن تمكّن من تجاوز هذا المنعطف الخطير، فهل علينا أن نقبل بأن الخمسين عامًا القادمة ستكون مجرد إعادة إنتاج لنفس السياسات المتهالكة، ونفس العزلة، ونفس الاقتصاد؟ لكن هذه المرة... بلمسة أكثر "ليبرالية"!؟
هل سيكون المستقبل مجرد استمرارٍ لانهيارٍ تدريجي لا يتوقف؟

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يمنع بموجبه سفر مواطني إيران و11 دولة أخرى إلى الولايات المتحدة. وقد فُرضت أيضًا قيود على مواطني سبع دول إضافية.
وخلال مراسم توقيع الأمر التنفيذي، الأربعاء 4 يونيو (حزيران) صرّح ترامب أن الدول التي طُبّقت عليها أشد القيود على الدخول إلى الولايات المتحدة، هي دول "تُعتبر ملاذًا آمنًا للإرهابيين"، ولا تتعاون في مجال أمن التأشيرات، وتعجز عن التحقق من هويات المسافرين، وتفتقر إلى أنظمة فعالة لتسجيل السوابق الجنائية، كما تُسجّل معدلات مرتفعة من مخالفات تجاوز مدة الإقامة بعد انتهاء صلاحية التأشيرة داخل أميركا.
وقال ترامب: "لا يمكننا الإبقاء على حدود مفتوحة للهجرة من دول لا نملك فيها القدرة على إجراء الفحص والتدقيق الأمني الموثوق والآمن للأفراد الراغبين في دخول الولايات المتحدة".
وأشار إلى حادثة وقعت يوم الأحد الماضي في مدينة بولدر بولاية كولورادو، حيث قام رجل بإلقاء قنبلة مولوتوف على تجمع مؤيد لإسرائيل، معتبرًا أن هذه الحادثة تبرّر الحاجة إلى القيود الجديدة.
وقد تم اتهام مواطن مصري يُدعى محمد صبري سليمان بتنفيذ الهجوم، وذكرت السلطات الفيدرالية أن سليمان بقي في أميركا بعد انتهاء صلاحية تأشيرته السياحية، وانتهى كذلك تصريح عمله، رغم أن مصر ليست مدرجة ضمن قائمة الدول الخاضعة للقيود.
وأصدر البيت الأبيض بيانًا يوم الأربعاء، قال فيه إن هذا القرار يهدف إلى حماية الولايات المتحدة من التهديدات الإرهابية الخارجية، والمخاطر على الأمن القومي والسلامة العامة المرتبطة بدخول الأجانب إلى البلاد.
وأوضح البيان أن سبب منع الإيرانيين من السفر هو أن "إيران دولة مصنّفة رسميًا كداعم للإرهاب، وترفض باستمرار التعاون مع الحكومة الأميركية في تحديد التهديدات الأمنية، وتُعدّ مصدرًا رئيسيًا للأنشطة الإرهابية حول العالم، وسبق أن امتنعت عن استعادة مواطنيها القابلين للترحيل من الولايات المتحدة".
الفئات المستثناة
وذكر البيان أن حظر السفر لا يشمل الأقليات الدينية والعرقية من إيران الذين حصلوا على تأشيرات هجرة (لجوء)، كما لا يشمل المقيمين الدائمين (حاملي البطاقة الخضراء)، أو من يحملون جنسية مزدوجة ويستخدمون جواز سفر لدولة لا يشملها الحظر، وأفراد الأسرة المباشرين لأشخاص يحملون تأشيرة هجرة.
وفيما يخص أفغانستان، قال البيان: "أفغانستان واقعة تحت سيطرة طالبان، وهي جماعة مصنفة كمنظمة إرهابية عالمية (SDGT) البلاد تفتقر إلى سلطة مركزية موثوقة لإصدار جوازات السفر أو الوثائق المدنية، ولا تمتلك أنظمة مناسبة للفحص والتحقق الأمني".
وأفاد البيان أن تقرير وزارة الأمن الداخلي الأميركي حول مخالفات التأشيرات للعام المالي 2023 أشار إلى أن نسبة تجاوز مدة التأشيرة من نوع (B1/B2تجارية/سياحية) من قبل الأفغان كانت 9.70 في المائة، بينما كانت نسبة التجاوز لتأشيرات الطلاب (F)، والتعليم المهني (M)، والزوار التبادليين (J) نحو 29.30 في المائة.
قائمة الدول
بموجب الأمر التنفيذي رقم 14161 الذي وقّعه الرئيس ترامب بتاريخ 20 يناير (كانون الثاني) بعنوان "حماية الولايات المتحدة من الإرهابيين الأجانب والتهديدات الأخرى للأمن القومي والسلامة العامة"، أُجريت مراجعة شاملة من قبل الأجهزة الأمنية الأميركية لتقييم مستوى التهديد الذي تمثله الدول، لا سيما في مجالات الإرهاب والأمن القومي.
وفي تقارير سابقة نشرتها وسائل إعلام أميركية في مارس (آذار) الماضي، تبيّن أن إدارة ترامب كانت تدرس فرض قيود سفر شاملة على مواطني عشرات الدول، وأنه في حال تطبيق الخطة، فلن يتمكن مواطنو 10 دول، من بينها إيران، من السفر إلى أميركا على الإطلاق.
وبحسب الأمر التنفيذي الصادر في 4 يونيو والمقرر دخوله حيز التنفيذ بدءًا من 8 يونيو، فإن دخول مواطني 12 دولة يُعتبرون تهديدًا خطيرًا للولايات المتحدة سيُمنع بالكامل أو يُقيّد بشدة. وهذه الدول هي: أفغانستان، بورما (ميانمار)، تشاد، جمهورية الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، هايتي، إيران، ليبيا، الصومال، السودان، واليمن.
كما فُرضت قيود جزئية على مواطني سبع دول أخرى تُشكّل تهديدًا بدرجة مرتفعة، وهي: بوروندي، كوبا، لاوس، سيراليون، توغو، تركمانستان، وفنزويلا.
الاستثناءات من الحظر
تضمّن الأمر التنفيذي استثناءات لفئات معيّنة من المواطنين من الدول الـ12 المحظورة، تشمل: الأقليات الدينية والعرقية من إيران الذين حصلوا على تأشيرات لجوء؛ من لديهم إقامة دائمة قانونية (بطاقة خضراء)؛ مزدوجو الجنسية الذين يستخدمون جواز سفر من دولة غير محظورة؛ أقارب الدرجة الأولى لحاملي تأشيرات الهجرة؛ الأفغان الحاصلون على تأشيرات خاصة من الولايات المتحدة؛ من لديهم تأشيرات عمل خاصة كموظفي حكومة الولايات المتحدة؛ من لديهم تأشيرات دبلوماسية للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة أو بصفة ممثلين للناتو؛ الرياضيون والمدربون والمرافقون المشاركون في الأولمبياد أو كأس العالم أو غيرها من الفعاليات الرياضية العالمية.
حماية الحدود والمصالح القومية
وأكد البيت الأبيض أن هذه القيود تهدف إلى تشجيع التعاون من الدول المعنية، وتطبيق فعال لقوانين الهجرة، وتعزيز الأمن القومي، ومحاربة الإرهاب. وأضاف أن الرئيس ملزم بضمان ألا يشكّل الوافدون إلى البلاد تهديدًا لسكانها.
وبحسب البيان، اتخذ الرئيس ترامب هذا القرار بعد مراجعة تقرير من وزير الخارجية بالتنسيق مع أعضاء آخرين من حكومته، وخلص إلى ضرورة فرض حظر أو قيود على دخول مواطني بعض الدول، حفاظًا على أمن وسلامة الولايات المتحدة.
وشدد البيان على أن هذه القيود صُمّمت وفقًا لظروف كل دولة، والهدف منها هو تحفيز التعاون من الحكومات الأجنبية.
أسباب الحظر أو القيود
فسّر البيان الأسباب العامة التي استند إليها القرار، على النحو الآتي: بعض هذه الدول تدعم الإرهاب رسميًا أو تُعتبر مراكز لأنشطة إرهابية، وتشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأميركي؛ بعضها لا يملك أنظمة فاعلة للفحص الأمني والتحقّق من الهوية؛ بعضها يسجل نسبًا مرتفعة من تجاوز مدة الإقامة القانونية، ما يشير إلى ضعف الالتزام بقوانين الهجرة الأميركية؛ بعضها يرفض التعاون في تبادل المعلومات الأمنية وهويات المسافرين؛ وبعضها رفض في السابق استعادة مواطنيه الذين صدرت بحقهم أوامر ترحيل من الولايات المتحدة، ما يعقّد إدارة نظام الهجرة ويعرّض السلامة العامة للخطر.
استعادة الأمن إلى أميركا
أكّد البيان أن دونالد ترامب يفي بوعده بإعادة فرض حظر السفر وتأمين حدود الولايات المتحدة.
وكان ترامب قد صرّح في السابق: "سنعيد حظر السفر – يسميه البعض حظر السفر الخاص بترامب – لإبقاء الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين خارج بلادنا؛ لقد أقرّت المحكمة العليا هذا الحظر سابقًا".
وقد سبق أن فرض ترامب خلال ولايته الأولى قيودًا على سفر مواطني عدة دول، وأقرّت المحكمة العليا الأميركية حينها أن "القرار يقع ضمن الصلاحيات القانونية الكاملة للرئيس، واتُّخذ بناءً على أهداف مشروعة".
وأشار البيت الأبيض إلى أن الأمر التنفيذي الجديد يستند إلى حظر السفر الذي فُرض خلال الولاية الأولى لترامب، وتم توسيعه ليأخذ في الاعتبار التقييمات المُحدَّثة للوضع العالمي في ما يخص التدقيق الأمني والمخاطر وعمليات الفحص.
