استئناف المفاوضات مع أميركا.. وشيخوخة المجتمع.. وشجرة الفساد العملاقة

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت 10 مايو (أيار) باستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، وتداعياتها على الاقتصاد والسوق المحلية، التي تعيش هذه الفترة حالة من الترقب والانتظار لمخرجات تلك المحادثات.

يأتي ذلك، في حين دعت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى عدم المضي قدمًا في المفاوضات.

ونقلت صحيفة "يادكار امروز" عن عضو الغرفة التجارية الإيرانية، مسعود دانشمند، قوله: "تسود السوق حاليًا أجواء الصبر والانتظار؛ فإذا تم التوصل إلى اتفاق، سينخفض سعر الدولار إلى 70 ألف تومان، وإلا فسيرتفع إلى نحو 120 ألف تومان".

ورغم بيانات البنك المركزي، فقد أظهرت إحصائيات شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، استمرار صعود معدلات تضخم المنتجين والمستهلكين، وهو ما يُنذر وفق صحيفة "أبرار اقتصادي" الأصولية، بموجة جديدة من الغلاء في الأشهر المقبلة، مع زيادة تكاليف الإنتاج، وارتفاع الأسعار، والضعف الحاد في القوة الشرائية.

وقد سجل معدل التضخم في إيران، أعلى المعدلات بين دول العالم. وحسبما نقلت صحيفة "اسكناس" الاقتصادية، عن مركز الإحصاء الإيراني، فقد بلغ معدل التضخم السنوي خلال الشهرين الماضيين، أكثر من 40 في المائة؛ مما يشير إلى استمرار الضغوط التضخمية في الاقتصاد الإيراني.

وأشارت صحيفة "آرمان امروز" الإصلاحية إلى تداعيات الغلاء على صحة الإيرانيين، إذ أشارت الدراسات إلى مواجهة ما بين 8.3 في المائة و15.3 في المائة من الأسر الإيرانية تكاليف صحية كارثية، بما يوازي نحو 40 في المائة، من قدرتها المالية، والسبب وفق الصحيفة، يعود إلى الفقر وغلاء أسعار السلع والخدمات الطبية.

وتحدثت صحيفة "شرق" الإصلاحية عن ظاهرة انتحار المسنين، التي يعزوها الخبراء للاضطرابات النفسية، خاصة الاكتئاب، نتيجة الفقر والعزلة وفقدان الاستقلال؛ حيث قال رئيس جمعية أطباء الباطنة، إيرج خسرونيا، للصحيفة: "نتوقع أن يتضاعف عدد المسنين في العالم كل 100 عام، لكن في إيران يتضاعف العدد كل 20- 30 عامًا".

وعلى صعيد آخر، يتراوح معدل الهبوط الأرضي في طهران سنويًا- وفقًا للتقديرات السنوية- بين 24 و25 سنتيمترًا، ونقلت صحيفة "أفكار" الإصلاحية، عن خبراء البيئة والجيوفيزياء قولهم: "إن الهبوط الأرضي يحمل مخاطر كارثية مثل الإضرار بالبنى التحتية، وتشقق الشوارع، وتفاقم آثار الزلازل في الطبقات العميقة من الأرض".

وأضافت صحيفة "عصر رسانه" أن تآكل التربة يدمر الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية في إيران بسرعة غير مسبوقة، تتراوح بين 5 و6 أضعاف المتوسط العالمي، ويتسبب في خسائر بمليارات الدولارات سنويًا، ويمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي والاقتصاد واستدامة أراضي إيران.

وفي سياق آخر، حذر مدير عام مؤسسة بهشت زهرا، جواد تاجيك، في حوار مع صحيفة "عصر قانون"، من بقاء الموتى على الأرض حال التراخي في اتخاذ الإجراءات اللازمة، بعد امتلاء مقابر طهران، ورفض المحافظات المحيطة استقبال موتى العاصمة.

والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:

"كيهان": أوقفوا المفاوضات حتى اعتذار ترامب

دعت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى وقف المفاوضات النووية مع واشنطن، وكتبت: "في وقت تقدم فيه الولايات المتحدة بوقاحة غير مسبوقة على مشروع تشويه الهوية، وتفعيل تهديدات متعددة الأوجه ضد الشعب الإيراني، فإن استمرار أي مفاوضات دون توقف ومراجعة جادة لن يعني سوى القبول بالإذلال الوطني، ومنح الشرعية للسيناريو الأميركي والتمثيل الصهيوني. وتجاوز الخط الأحمر للأمة الإيرانية، يجب أن يكون النهاية لأي حوار دبلوماسي".

وتابعت: "إن وقف المفاوضات حتى تتراجع الحكومة الأميركية رسميًا، ويعتذر ترامب بشكل صريح عن إهانة الهوية التاريخية الإيرانية، هو الخيار العاقل الوحيد. علمًا بأن استمرار المفاوضات في مناخ مشحون بالإهانات والتهديدات والتشويه والضغوط، لن يُحقق سوى إضاعة الوقت وإرهاق الدبلوماسية".

وأكدت الصحيفة أنه على إيران "الإعلان بوضوح عن عدم الاستمرار في المفاوضات، طالما لم يُراعَ احترام التاريخ والجغرافيا وإرادة الشعب الإيراني، فلن تكون هناك أي مفاوضات. وقد أثبتت طهران انفتاحها على التفاهم، لكن ليس بأي ثمن. إذا كان ترامب وحلفاؤه يريدون مفاوضات حقيقية، فعليهم أولاً التخلي عن لغة القوة والدخول من باب الاحترام، وحتى ذلك الحين، فإن وقف المفاوضات فورًا هو إجراء ضروري ومنطقي وثوري".

"اعتماد": لا بد من اقتلاع جذور الفساد

حاورت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، في تقرير لها، ثلاثة من كبار المحللين الإيرانيين، هم: عباس عبدي، وفياض زاهد، ومحمد مهاجري، حول أسباب عدم قدرة النظام الإيراني على مكافحة الفساد، والذين أفادوا بأنه "مع بداية الحرب ضد العراق، بررت ضرورات الحرب وقيام المسؤولين بإخفاء بعض الأمور، وتحويل الوضع إلى ساحة خلفية مكّنت الفاسدين اقتصاديًا من السيطرة تدريجيًا على اقتصاد البلاد".

وأوضحوا أنه "لا يمكن إنكار دور هذه الظروف في إنماء بذور الفساد، ولو بشكل محدود، لكن بمرور الوقت نمت شجيرات الفساد الصغيرة، وأنبتت أشجارًا عملاقة يكاد يستحيل اقتلاع جذورها، والأسوأ تلوث بعض المسؤولين والأجهزة التنفيذية بالفساد، إلى حد أن تطهير الاقتصاد أصبح خارجًا عن قدرة أي جهاز".

وأضاف التقرير: "مع تغير الاستراتيجيات بعد الحرب، برزت جماعات اقتصادية جديدة وبالطبع طبقة جديدة من محدثي النعمة، وانزلق بعض الثوريين بالأمس، في مستنقع الاقتصاد، مستفيدين من سيطرتهم على المعلومات والاتصالات خارج القانون. وأدى غياب آليات الشفافية، وانعدام الرقابة الشاملة والقوانين الجامعة، بجانب تدخل المؤسسات الأمنية والعسكرية في الشأن الاقتصادي، إلى منافسة غير متوازنة. ومِن ثمّ تشكلت طبقة جديدة اعتمدت على القوة المعلوماتية والسياسية، عجز القطاع الخاص عن منافستها".

واختمم المحللون الإعلاميون التقرير مؤكدين أنه "مع ضعف حرية الإعلام، والانعدام النسبي لاستقلال القضاء، وهيمنة الدولة على الاقتصاد، وسياسة الأسعار التفضيلية والمتعددة، والتوقيعات الذهبية، والتراخيص، واللوائح غير الشفافة والوصول إلى المعلومات الخاصة، كل هذا يعزز الفساد".

"اقتصاد مردم": انخفاض السكان في إيران.. جرس إنذار لمستقبل ليس ببعيد

حذر الخبير الإيراني، اسكندر عبادتي، عبر صحيفة "اقتصاد مردم" الاقتصادية، من تحول نقص عدد السكان ومعدل الخصوبة في البلاد إلى أزمة إذا لم تُتخذ إجراءات حيالها، ستكون عواقبها وخيمة خلال العقود المقبلة. ووفقًا للإحصائيات الرسمية، فقد انخفض معدل الخصوبة في إيران وبلغ نحو 1.6 طفل لكل امرأة، في حين أن المعدل المطلوب للحفاظ على التوازن السكاني يجب أن يكون 2.1 طفل على الأقل.

وعن أسباب هذه الكارثة قال: "هو مزيج من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية. أحد أهم العوامل هو الأزمة الاقتصادية؛ حيث أدت زيادة البطالة، وانخفاض القوة الشرائية، وتقلبات سوق الإسكان، وعدم اليقين بشأن المستقبل المالي، إلى إحجام العديد من الشباب عن الزواج وإنجاب الأطفال. بخلاف تغير نمط الحياة وزيادة الفردية بين الأجيال الجديدة، والبعد عن الثقافة التقليدية المتمحورة حول الأسرة، وضعف السياسات الداعمة في مجال الأسرة والسكان".

وحول التداعيات أضاف: "أولها وأبرزها شيخوخة المجتمع، مما سيؤدي إلى ضغط هائل على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية والطبية، وسيستنزف موارد الدولة بسبب التكاليف المتزايدة لرعاية المسنين. بالإضافة إلى تراجع النمو الاقتصادي والابتكار والإنتاجية في المستقبل. ومن منظور الأمن الاجتماعي والوطني، تراجع الكثافة السكانية في المناطق الحدودية، وضعف رأس المال الاجتماعي، وعدم تحقيق تنمية متوازنة هي من بين العواقب المحتملة لهذا الانخفاض".