احتجاجات إيران: خلع للحجاب في الشوارع.. وإضراب بالجامعات.. وإدانات دولية غير مسبوقة

بدأ اليوم الحادي عشر من الاحتجاجات العارمة في إيران بمشاهد الاحتجاج في الشوارع، وإصدار البيانات الخاصة بالإضراب في عدد من الجامعات، وسط إدانات غير مسبوقة على المستوى الدولي.
وقد كان لافتا اليوم ما صرحت به شاهدة عيان كانت في مركز الاعتقال الوزاري أثناء اعتقال مهسا أميني، حيث قالت لـ"إيران إنترناشيونال": "عندما تم نقل مهسا أميني إلى مركز الاحتجاز، كانت تمسك برأسها وتصرخ من شدة الوجع، وعندما سألناها عن السبب، قالت إن عناصر الشرطة ضربوها على رأسها".
وفي الوقت نفسه أفادت مجموعة "أنونيموس" المختصة في مجال القرصنة الإلكترونية، بأنها اخترقت البنك الوطني الإيراني (بنك ملي) في إطار هجومها ضد النظام الإيراني، ودعم المحتجين ضد نظام الملالي.
ومع استمرار الاحتجاجات في مختلف المدن والمحافظات الإيرانية، أفادت التقارير الإعلامية بأن خدمة الإنترنت تشهد خللا أشد من الأيام الماضية، فيما لا يزال إنترنت الهاتف المحمول مقطوعا بالكامل.
اتساع التظاهر
وميدانيا بدأت سيدات تظاهرن في لاهيجان شمالي إيران بإشعال النار في الحجاب، كما قام المئات من النساء في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد، شمالي سوريا، بقص شعرهن، وحرق الحجاب.
وأظهرت مقاطع فيديو من مدينة كرج غربي العاصمة طهران انطلاق الاحتجاجات لليوم الحادي عشر على التوالي. وقد هتف المتظاهرون ضد المرشد علي خامنئي. وهو نفسه ما حدث في حي "نارمك " بطهران، وحي "كوهر دشت" بكرج، غربي إيران، مساء اليوم الاثنين، الذين هتفوا: "الموت للديكتاتور".
ورفع أحد المتظاهرين علم المعارضة على أحد كباري طهران، وتعرض لاستهداف من عناصر الشرطة، فيما قام قائد قوات الأمن الخاصة، حسن كرمي، بوصف المتظاهرين ضد النظام الإيراني بأنهم "غوغائيون"، و"أراذل". وقال إنه في حال عودة المتظاهرين إلى الشارع فإن قوات الأمن "مستعدة خلال 4 أو 5 أيام للسيطرة على الأوضاع".
وأظهر مقطع فيديو حصلت عليه "إيران إنترناشيونال" عنصرا من الأمن الإيراني وهو يعتدي على سيدة حاولت اعتراض طريقه ومقاومته.
من جهة ثانية انطلقت الاحتجاجات في جامعة "تربيت مدرس" بطهران بهتافات ضد النظام الإيراني، وهو ما حدث أيضا في جامعة فردوسي في مشهد، شمال شرقي إيران، حيث انضم طلاب الجامعة إلى الإضراب العام لتعطيل الصفوف الدراسية.
وفي جامعة أمير كبير وقّع الطلاب بيانا انضموا فيه إلى الإضراب العام لمقاطعة الفصول الدراسية. كما أصدر عدد من طلاب "جامعة بهشتي" بطهران بيانا تزامنا مع الإعلان عن الإضراب الجامعي على مستوى البلاد الأسبوع القادم، وجاء في البيان أن المشاركة في المحاضرات الدراسية ستكون خيانة للطلاب ودماء الشباب المهدرة ظلما".
وقد تلقت "إيران إنترناشيونال" تفارير عن تعرض أهالي المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة الذين تجمعوا أمام سجن إيفين بطهران للضرب على أيدي القوات الأمنية الإيرانية وتم استخدام رذاذ الفلفل لتفريقهم. كما تعرض أهالي السجناء للشتائم.
إلى ذلك، ردد المتظاهرون في مدينة "قروه" بمحافظة كردستان، غربي ايران، هتافات توعدوا فيها بالثأر لمقتل مهسا أميني، كما هتفوا ضد المرشد علي خامنئي.
وأفادت لجنة تنسيقيات عمال شركات النفط الإيرانية بأنه "إذا لم ينته القتل الذي يتعرض له الشعب، فإننا سنتوقف عن العمل".
وحقوقيا، أفادت التقارير الواردة من إيران بأن السلطات الأمنية في طهران اعتقلت، مساء أمس الأحد، المحامي الحقوقي، بابك باك نيا وقادته إلى جهة غير معلومة.
وأعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية أن عدد ضحايا الاحتجاجات الجارية في إيران ارتفع إلى ما لا يقل عن 76 شخصا.
وخارج إيران تواصل الاحتجاج في عدد من عواصم العالم وأظهرت مقاطع فيديو أحد الموالين لنظام طهران في لندن وهو يتلقى ضربا مبرحا على يد محتجين إيرانيين.
اضطراب أركان النظام
وردا على مواقف المشاهير الإيرانيين صرح رئيس القضاء الإيراني، محسني إيجه إي، مرة أخرى بالقول: "ليس من نزل إلى الشارع هو فقط المجرم بل إن محرضي مثيري الشغب ومؤيديهم مجرمون أيضا وسيتم التعامل معهم". وأضاف: "سنعاقب الأشخاص الذين اشتهروا بدعم النظام لهم، وبدلاً من أن يكونوا معنا في اليوم الصعب تحالفوا مع العدو".
ونشر موقع "إيسنا" التابع للنظام مقطع فيديو للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وهو يزور مصابي القوات الأمنية بطهران إثر اشتباكات مع المحتجين.
وكان رئيسي قد هدد بعد عودته من نيويورك بقمع المتظاهرين، ووصفهم بـ"مثيري الشغب". يذكر إن جرحى المحتجين يتم إسعافهم في المنازل خوفا من الاعتقال.
ورغم مرور أكثر من 10 أيام على الاحتجاجات العارمة في إيران، والتي ترددت فيها هتافات "الموت لخامنئي"، و"الموت للديكتاتور"، ورغم تصريح عدد من المسؤولين الإيرانيين، لكن المرشد الإيراني لم يبد حتى الآن أي رد فعل. في حين تؤكد بعض التقارير الخاصة أن خامنئي يعاني من مرض شديد يمنعه من قيادة قمع الاحتجاجات مثل المرات السابقة.
إدانة دولية غير مسبوقة
وفي سياق متصل قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية إن بلاده استدعت سفير طهران في برلين بخصوص قمع الاحتجاجات في إيران.
وقال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو: "شاهدنا مرات عديدة انتهاك النظام الإيراني لحقوق الإنسان، والآن نشاهد ذلك من خلال مقتل مهسا أميني وقمع الاحتجاجات"، وأضاف ترودو مخاطبا النساء الإيرانيات: "نحن نقف بجانبكن".
وأعلن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، فرض عقوبات على عشرات المسؤولين والمؤسسات الإيرانية، بما فيها "شرطة الأخلاق".
وبدوره قال وزير الخارجية الكندي إن بلاده ستفرض عقوبات على الجهات الإيرانية المسؤولة عن موت مهسا أميني.
وفي الولايات المتحدة الأميركية تم وضع رابع طائرة إيرانية على قائمتها السوداء بسبب نقضها للعقوبات المفروضة على روسيا. وتتبع هذه الطائرة شركة "ساها" للخطوط الجوية، وهي تابعة للجيش الإيراني.
وفي رده على مراسلة "إيران إنترناشيونال"، التي تساءلت عما إذا كان دعم رجال ونساء إيران الشجعان أكثر أهمية للمصالح الأميركية أم التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران؟ قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية: "كلاهما يتماشى مع مصالحنا وقيمنا الوطنية".
وأصدرت 6 منظمات والحزب الجمهوري الديمقراطي الإيراني، بيانا جاء فيه: "نشكر المتظاهرين ونعتقد أن استمرار الاحتجاجات في الشارع سيمهد الطريق للإطاحة بنظام الملالي. يجب أن يعلم النظام المدمر أن قمع وقتل المتظاهرين ليس له نتيجة سوى زيادة غضب الناس الذين يطالبون بحقوقهم الطبيعية.
وأضاف البيان: "نعلن عن دعمنا الكامل لإضراب المعلمين والطلاب، وندعو العمال والشركات والمحلات التجارية للانضمام إلى الإضراب".
إلى ذلك طالبت باريس إيران "بإنهاء القمع الوحشي، والاحترام الكامل لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وخاصة الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واحترام حرية التجمع السلمي. كما يجب ضمان حرية الرأي والتعبير وخاصة على شبكة الإنترنت".
وأضافت وزارة الخارجية الفرنسية: "ندرس الخيارات المتاحة مع شركائنا الأوروبيين للرد على هذا الانتهاك الجديد والواسع النطاق لحقوق المرأة وحقوق الإنسان في إيران".
وقد واجهت طهران هذا الموقف الدولي بالرفض، حيث علق كبير مفاوضي إيران في المحادثات النووية، على احتجاج أوروبا على القمع في إيران بالقول: "دول أوروبا التي ترفض تقديم حتى الأدوية والضمادات اللازمة للمرضى، كيف لها أن تشعر بالقلق إزاء حالة حقوق الإنسان في إيران؟".