استخبارات طهران تؤلف "سيناريوهات مضحكة".. لتبرير اعتقال مخترعة إيرانية بتهمة التجسس

قال أحد أقرباء المخترعة الإيرانية، مريم حاجي حسيني، التي تعتقلها إيران بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، إن القوات الأمنية الإيرانية اعتقلت هذه الأكاديمية ثم لفقت مختلف السيناريوهات لاتهامها بالتجسس وإثبات الادعاءات.

وأجرى الصحافي شاهد علوي، مقابلة مع أحد أقرباء مريم حاجي حسيني، تطرق خلالها إلى تفاصيل اعتقال هذه السجينة الإيرانية التي عملت مع شركات تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية وتم اتهامها بالتجسس لصالح إسرائيل وإدانتها بالسجن 10 سنوات.

وأشار الصحافي شاهد علوي في مقابلته إلى تغريدة الناشطة الإيرانية سبيده قليان حول مريم حاجي حسيني. وكانت قليان قد كتبت في "تويتر" سابقا أن مريم حاجي حسيني "تطرح طلبها للمرة الألف إلى كل مسؤول يدخل عنبر النساء في سجن إيفين الإيراني وتقول لهم: "اعدموني بسرعة.. حتى لو كانت عندكم وثيقة من سطر واحد تثبت اتهامي بالتجسس".

يشار إلى أن مريم حاجي حسيني ولدت في مارس (آذار) 1973، وتخرجت في هندسة البوليمرات من جامعة أمير كبير (بوليتكنيك) عام 1997 وعملت منذ ذلك العام في قسم الأبحاث بوزارة الدفاع الإيرانية.

وقال هذا المصدر في مقابلته إن مريم "وبالتزامن مع هذا التعاون، التحقت بجامعة مارتيك في موسكو عام 2002 لإكمال دراستها. وحصلت على الماجستير في هندسة المركبات من هذه الجامعة، والتي استمرت لمدة عامين، لكنها لم تمكث هناك لمدة عامين كاملين، فقد كانت بين ذهاب وإياب كما كانت تذهب للعمل".

وقد فازت مريم حاجي حسيني عام 2007 بالمركز الثاني في اختراعاتها بمهرجان خوارزمي الدولي. وحصلت لاحقًا على جوائز في مهرجانين دوليين للمبادرات والاختراعات العلمية في كرواتيا وأستراليا.

وتابع المصدر المقرب لمريم أنه "في عام 2008 وبعد فوزها بهذه الجوائز، أخذوها مع عدد من المخترعين الشباب الآخرين، في زيارة إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، وحصلوا على تقدير مكتوب منه".

كما حصلت حاجي حسيني على براءتي اختراع في إيران، إحداهما "صنع آلة لإنتاج الباكيليت بالألياف، والتي تستخدم في الصناعات العسكرية"، والثانية عن "اختراع آلة نسج ثلاثية الأبعاد بألياف الكربون".

وكانت مريم مديرة لشركة "عصر كربون سازه" والتي تقع في الحي الصناعي، جنوب شرقي طهران، وكان لمريم عند اعتقالها 34 موظفًا، وكانت الشركة نشطة للغاية، خاصة في إنتاج المواد المركبة.

تجدر الإشارة إلى أن الشركة التي كانت تديرها مريم حاجي حسيني من الشركات المعرفية، وقد نشطت شركتها في مجال تنفيذ بعض المشاريع للمواد المركبة للمرة الأولى في إيران والتي كان معظم زبائنها من الشركات الصناعية العسكرية الإيرانية.

وفي هذا الخصوص، قال المصدر في مقابلته مع علوي: "مشكلة مريم مع النظام بدأت من هنا. كانت شركات الصناعة العسكرية تقدم طلبات محدودة لشركة مريم، مما جعل من الصعب تغطية تكاليف الإنتاج ورواتب عمال الشركة ومهندسيها. والمدفوعات الحكومية للشركة أيضا لم تكن في مواعيدها، وفي ظل هذه الظروف، اضطرت مريم إلى البحث عن عملاء آخرين، ولكن المسؤولين الأمنيين في إيران قالوا إنها لم تكن تبلغهم بالطلبات المشبوهة" التي كانت تنفذها الشركة.

وقال المقرب من حاجي حسيني إنها حاولت العثور على عميل مدني أجنبي لمنتجاتها بسبب قيود السوق المحلية، ومن أجل استمرار الشركة في عملها وأرباحها الثابتة.

وأضاف: "على هذا الأساس، زارت مريم سنغافورة عام 2014 والتقت هناك بالأستاد المشرف على مشروعها في جامعة مارتيك، بخاروف، والآخر سيرغي، وهو طالب روسي. وتدعي لائحة اتهام مريم أن سيرغي في الأصل إسرائيلي وضابط في الموساد".

واستمر التواصل بين مريم وسيرغي عقب ذلك الاجتماع في سنغافورة، كما نسقت مريم خلال هذا التواصل لمشاركتها في المعارض الدولية المختلفة المتعلقة بصناعة البوليمر.

كانت مريم "تأمل من خلال هذا التواصل أن تحصل على موطئ قدم في سوق العملاء المدنيين في الخارج، لذلك كانت تتلقى استشارات ومساعدة من قبل سيرغي للحضور في المؤتمرات والمعارض المختلفة. كانت كل هذه الرحلات والترتيبات علنية ولم يكن لدى مريم ما تخفيه. وكانت آخر زيارة لمريم إلى فرنسا للحضور في معرض في بوردو".

واعتبرت عناصر الأمن الإيرانية أن الأموال التي حصلت عليها مريم في رحلتها الأخيرة مكافأة مقابل التجسس، وعلى هذا الأساس تم اتهام مريم بالتجسس.

وفي هذا الخصوص، يقول المصدر القريب من مريم في مقابلته: "ذهبت مريم إلى مدينة بوردو في فرنسا مع شقيقها عام 2018 للمشاركة في أحد المعارض. وتم اتخاذ الترتيبات من قبل سيرغي، لكن مريم حجزت لنفسها غرفة في أحد الفنادق من خلال موقع (booking.com) الإلكتروني. ولكن أثناء تغيير الغرفة والفندق، يتم إرجاع 5 آلاف دولار (70 في المائة من حجز الغرفة) إلى حساب مريم، ثم تحجز غرفتين إضافيتين لها ولأخيها. ولكن القوات الأمنية قالوا لمريم إن مبلغ الـ5000 دولار هذه هي أموال التجسس لصالح الموساد وكان يجب عليها رفضها".

وقد اتهمت القوات الأمنية والقضائية مريم بإجراء علاقات أخرى في زيارتها إلى بوردو مع سيرغي، وكان الأخير قد "اقترح على مريم، بأن يمكنها من الحصول على امتيازات بحثية في جامعة السوربون الفرنسية نظرا لخلفية شقيقها العلمية، كما يمكنها إنشاء شركة تجارية وصناعية في بوردو لنفسها".

يذكر أن مريم حاجي حسيني رفضت عرض البقاء في فرنسا وعادت إلى إيران مع شقيقها بعد انتهاء المعرض. وقال مسؤولون أمنيون إنه بسبب علاقة شركتها بالصناعة العسكرية الإيرانية، كان عليها أن تبلغ مسؤولي الأمن الإيرانيين بهذه الاجتماعات والاقتراحات.

وأصبحت مريم "ضحية عملها مع الصناعة العسكرية الإيرانية. ويقال لها إنها كذبت وتجسست على صناعة الدفاع لصالح إسرائيل. بينما هي مجرد منتجة وليس لديها إمكانية الوصول إلى معلومات خاصة يمكن أن تتجسس لأجلها. إلى ذلك، فإن أبحاثها واختراعاتها لها أيضًا أمثلة كثيرة في العالم، وليست موضوعًا خاصًا بإيران لتتمكن من بيعه".

وبعد زياراتها إلى فرنسا، فتحت مريم مكتب تمثيل لشركة معدات طبية وجلبت محفظة من المعدات الجراحية للترويج لمنتجات الشركة في إيران، وبعد أن جلبت مريم المحفظة "التي تصل قيمتها إلى 8 آلاف يورو، وكانت تبحث عن زبون لهذا المنتج من خلال تقديمه إلى الشركات الطبية والمستشفيات في إيران. ولكن المسؤولين الأمنيين في إيران قالوا إن هذه الحقيبة باهظة الثمن أعطاها الضباط الإسرائيليون لمريم كمكافأة".

وبالتالي تم اعتقال مريم في 9 سبتمبر (أيلول) 2019 في طهران، وبعد 6 أشهر في الحبس الانفرادي والاستجواب في مركز احتجاز أمني، نُقلت إلى عنبر النساء في سجن إيفين في أبريل (نيسان) 2020. وخلال اعتقالها في الانفرادي، سُمح لها بإجراء اتصال هاتفي قصير مع أسرتها وقد تحدثت لبضع دقائق مع ابنها علي رضا، الذي كان يبلغ من العمر 15 عامًا في ذلك الوقت".

وعُقدت الجلسة الأولى لمحكمة حاجي حسيني يوم 22 أبريل الحالي، في الفرع 15 لمحكمة الثورة بطهران، برئاسة القاضي أبو القاسم صلواتي. وبناء على لائحة الاتهام التي جرت قراءتها في هذه المحكمة، تم اتهام مريم بالإفساد في الأرض والتجسس لصالح إسرائيل.

وخلال فترة حبسها في الانفرادي، أخبرها عناصر الأمن أنهم نجحوا في اعتقال شخص دخل إلى إيران من إسرائيل لكي يقوم بتهريبها من السجن.

وقال المصدر المقرب لمريم في المقابلة إن قوات الأمن الإيرانية: "صنعوا سيناريو كاملا للعرض. جلبوا امراة لتمثل دور مريم، وكتبوا مرسلات وهمية من جانب مريم مع هذا الضابط الخيالي. وفي 14 نوفمبر 2019، أي بعد شهرين من اعتقال مريم وأثناء حبسها في الانفرادي، أخذت القوات الأمنية المرأة التي كان من المفترض أن تلعب دور مريم إلى منزلها الساعة 4 مساءً مع علي رضا، نجل مريم، وقاموا بتصوير هذا المشهد، ثم اقتحموا المنزل وقاموا باعتقال الضابط الخيالي ومريم الوهمية مع ابنها علي رضا، وهو فيلم قد يعرض لاحقا ليقولوا إنهم اعتقلوا مريم والجاسوس الإسرائيلي المتواصل معها".

وبحسب السيناريو المصطنع فإن "الضابط الإسرائيلي شاب من مواليد التسعينيات، يعترف أمام الكاميرا بأنه كان من المفترض أن يأخذ مريم إلى تبريز شمال غربي إيران ثم إلى تركيا ومن هناك إلى إسرائيل. المضحك في القصة أنه عندما كانت مريم في الحبس الانفرادي، أرسلت بريدًا إلكترونيًا إلى إسرائيل مفادها أنني محاصرة ومختبئة في منزلي وأنه يجب عليهم إنقاذها، وأن إسرائيل تقرر إرسال شخص لإنقاذها".

الكاتب: شاهد علوي