ويشير التقرير إلى أنه بعد أكثر من ثلاث سنوات على مقتل مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في إيران تحولًا عميقًا، حيث باتت الشابات ينشرن مقاطع فيديو على مواقع التواصل يظهرن فيها من دون حجاب في الشوارع.
وبموجب القانون المعروف باسم «قانون الحجاب والعفاف»، الذي أُقرّ نهائيًا عام 2024، تواجه النساء المتهمات بـ«عدم الالتزام بالحجاب أو ارتداء ملابس غير لائقة» عقوبات تشمل غرامات مالية باهظة، والجلد، وأحكام سجن طويلة.
ومع ذلك، تنقل الغارديان عن نساء أجرت معهن مقابلات أن السلطات تتجنب تنفيذ اعتقالات جماعية خشية تكرار الاضطرابات الواسعة التي شهدها عام 2022. ويقول صحفي مقيم في طهران إن الحجاب تحوّل إلى «أداة لصرف انتباه الرأي العام» في ظل الأزمات الاقتصادية وشحّ المياه والضغوط السياسية.
ويستعرض التقرير أمثلة على العصيان المدني الجماعي، بدءًا من تجاهل المراهقات لتحذيرات الشرطة، وصولًا إلى نشاط نوادي قيادة الدراجات النارية النسائية، رغم أن القانون يمنع النساء من الحصول على رخص قيادة للدراجات النارية.
وتؤكد الغارديان أن هذه الممارسات لا تقتصر على طهران، بل تُشاهد أيضًا في مدن مثل شيراز والمناطق الكردية، ويعتبرها كثير من النساء دليلًا على شجاعة اجتماعية، لا على تراجع من جانب الحكومة.
وتنقل الصحيفة عن نشطاء في مجال حقوق الإنسان قولهم إن نظام الجمهورية الإسلامية يفتقر إلى القدرة والموارد اللازمة لفرض قوانين الحجاب بشكل كامل، وإن المشهد السياسي والأمني في البلاد هش إلى درجة أن أي إجراء محدود قد يشعل موجة جديدة من الاحتجاجات.
وبحسب هؤلاء النشطاء، فإن الضغوط الداخلية والدولية دفعت السلطات إلى التحرك بحذر أكبر، وهو حذر تعتبره النساء فرصة لدفع حدود العصيان المدني تدريجيًا.
ويضيف التقرير أن كثيرًا من النساء يعتقدن أن الرأي العام في إيران تغيّر بشكل جذري، وأن العودة إلى الأنماط السابقة لم تعد ممكنة.
وتنقل الغارديان عن فنانة تشكيلية مقيمة في طهران قولها إنه رغم استمرار خطر الاعتقال، فإن الاستراتيجية السائدة تقوم على «توسيع حدود العصيان بشكل جماعي»، لمنع السلطات من استهداف عدد محدود من الأفراد.
وتؤكد أن الحكومة، المنهكة بفعل الحرب والعقوبات والأزمات الداخلية، باتت أكثر قلقًا من أي وقت مضى حيال الصدى العالمي لصور العنف ضد النساء.
كما تسلط الصحيفة الضوء على أصوات نساء أصغر سنًا يعتبرن العصيان المدني امتدادًا منطقيًا للاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني. وتقول امرأة تبلغ من العمر 22 عامًا وعضو في نادٍ لقيادة الدراجات النارية للنساء إنها إذا عادت اليوم إلى ارتداء الحجاب، فستشعر بأنها «تتجاهل كل التضحيات التي قدمتها النساء والمحتجون في السنوات الأخيرة».
وتضيف أن تجربتها الشخصية تشير إلى أن تعامل الشرطة أصبح أكثر تراخيًا في الأشهر الماضية، وهو ما تراه مؤشرًا على تغيّر ميزان القوة في الفضاء العام.
ويتناول التقرير أيضًا أوضاع المناطق خارج طهران. ففي مدن مثل شيراز، تتحدث النساء عن أجواء «مفعمة بالأمل والحيوية»، ويؤكدن أن حرية اختيار الملبس كانت عاملًا أساسيًا في تعزيز جرأة النساء.
وفي المقابل، تبدو المخاوف أكبر في المناطق الكردية، حيث تقول طالبة كردية للصحيفة إنه رغم تراجع ظهور دوريات شرطة الأخلاق، فإن هناك خشية من أن يؤدي تشديد تطبيق قوانين الحجاب في طهران إلى اتخاذها ذريعة لاعتقالات أوسع بتهم أمنية في المناطق ذات الطابع القومي.
وتخلص الغارديان، نقلًا عن نشطاء حقوق الإنسان، إلى أن النظام الإيراني لا يفتقر فقط إلى القدرة التنفيذية، بل أيضًا إلى الغطاء السياسي اللازم لفرض قوانين الحجاب بالكامل.
ويرى هؤلاء أن الهشاشة الاقتصادية والأمنية في البلاد تجعل أي تعامل قاسٍ مع النساء شرارة محتملة لاضطرابات اجتماعية جديدة، وهو ما يفسر استمرار العصيان المدني النسائي رغم الضغوط، وتحوله إلى أحد أبرز التحديات التي تواجه النظام.