بزعم "الحرب النفسية".. مجلس الأمن القومي الإيراني يطالب الإعلام بعدم نشر أخبار ضد فنزويلا

طلب المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران وسائل الإعلام المحلية، عبر توجيهٍ رسمي، بالامتناع عن نشر ما وصفه بـ "الأخبار الموجّهة والكاذبة والمحرّفة" ضد فنزويلا.

طلب المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران وسائل الإعلام المحلية، عبر توجيهٍ رسمي، بالامتناع عن نشر ما وصفه بـ "الأخبار الموجّهة والكاذبة والمحرّفة" ضد فنزويلا.
وجاء في هذا التوجيه، الذي حصلت "إيران إنترناشيونال" على نسخة منه، أنه مع الإشارة إلى "أشدّ الضغوط الاقتصادية والعسكرية والنفسية التي تمارسها حكومة الولايات المتحدة على حكومة فنزويلا"، خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، فإن وسائل الإعلام الغربية "وفي إطار سياسة ممارسة أقصى الضغوط على حكومة وشعب فنزويلا"، تسعى إلى "شنّ حرب نفسية عبر النشر الواسع لأخبار موجّهة، وأحيانًا كاذبة أو محرّفة، ضد فنزويلا".
ولم يتضمن التوجيه الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يترأسه مسعود بزشكيان رئيس إيران، أمثلة محددة لما سمّاه "الحرب النفسية".
وأشار المجلس إلى ما وصفه بـ "تصميم أميركي لعمليات نفسية واسعة" ضد فنزويلا و"استخدام أخبار مزيفة وكاذبة للتأثير في هذا الملف"، مطالبًا مديري ورؤساء تحرير وسائل الإعلام بـ "اتخاذ الحيطة اللازمة، والتحقق من صحة الأخبار قبل نشرها، وتجنّب إبراز خطوط إخبارية تُكمل مسار العمليات النفسية الأميركية الرامية إلى إضعاف حكومة وشعب فنزويلا".
ولطالما أصدر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، على مدى السنوات والعقود الماضية، توجيهات إلى وسائل الإعلام طالب فيها بفرض الرقابة على الأخبار والتقارير، أو بنشر محتوى منسجم مع سياسات النظام في إيران والمنطقة والعالم.
وقد وصلت إلى "إيران إنترناشيونال" نسخ بعض هذه التوجيهات، من بينها توجيه للمجلس بشأن تغطية خطاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في "الكنيست" (البرلمان) الإسرائيلي.
وكان المجلس قد طلب وسائل الإعلام، في تغطية خطاب ترامب، بتجنّب "القراءات المتفائلة" و"الحماسة الإعلامية"، وتحليل مواقفه في إطار "سلوكياته العدائية السابقة".
وأكد التوجيه، الذي صدر مساء الاثنين 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن الهدف هو منع ما سماه "الحرب النفسية للعدو" و"إدارة انطباعات الرأي العام بشأن أي تغيير محتمل في نهج الولايات المتحدة".
العلاقات الوثيقة بين إيران وفنزويلا
تعود العلاقات الوثيقة بين إيران وفنزويلا إلى سنوات طويلة، منذ تولّي الرئيس السابق، هوغو تشافيز، قيادة فنزويلا.
وقد علّق المرشد الإيراني، علي خامنئي، في الأيام الأخيرة على حملة الضغط الأخيرة التي تقودها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ضد رئيس فنزويلا الحالي، نيكولاس مادورو.
ومن بين مواقفه إدانة توقيف ناقلة نفط في البحر الكاريبي من قِبل خفر السواحل الأميركي.
كما قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قبل نحو ثلاثة أسابيع، في اتصال هاتفي مع مادورو: "إن طهران تعتبر فنزويلا صديقًا وحليفًا حقيقيًا لها، وستدعم هذا البلد في جميع الظروف، ولا سيما في الوضع الحساس الراهن".
وقد وقّعت كاراكاس وطهران اتفاقية تعاون ثنائي لمدة 20 عامًا، عام 2022.
ولا تقتصر علاقات البلدين على السياسة والاقتصاد فحسب، بل تشمل أيضًا تعاونًا عسكريًا. وفي هذا السياق، أُشير إلى تقارير عن تعاونٍ لمدة 25 عامًا بين إيران وفنزويلا أدى إلى إنتاج طائرات مُسيّرة وصواريخ مستنسخة.
وكتب "معهد واشنطن" قبل نحو ثلاثة أعوام أن إيران وفنزويلا بدأتا تعاونهما في مجال الطائرات المُسيّرة منذ مطلع العقد الأول من الألفية، وتطوّر هذا التعاون إلى حدّ قيام طهران عام 2012 بإنشاء خط إنتاج للطائرات المُسيّرة في فنزويلا.
إضافة إلى ذلك، عندما واجهت صناعة النفط الفنزويلية حالة تآكل عام 2020، كانت طائرات عديدة تُسيّر من طهران إلى فنزويلا، تنقل خبراء لإصلاح هذه الصناعات، وتعود في طريق الرجوع محمّلة بسبائك من الذهب.
وفي السياق نفسه، نُشرت قبل نحو ثلاثة أعوام وثيقة صادرة عن شركة التأمين البحري "لويدز"، أفادت بأن إيران وحزب الله اللبناني كانا يموّلان حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري عبر تجارة غير قانونية للذهب من فنزويلا إلى طهران وتركيا.
وذكرت صحيفة "واشنطن فري بيكون"، يوم الثلاثاء 23 ديسمبر (كانون الأول)، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن حزب الله، بعد تراجع الدعم من إيران، اتجه إلى تهريب المخدرات في فنزويلا لتأمين موارده المالية، ووسّع حضوره في هذا البلد.
وأضافت الصحيفة، نقلًا عن المصادر نفسها، أنه عقب النجاحات العسكرية لإسرائيل ضد إيران ووكلائها، اتجهت قوات حزب الله بشكل متزايد إلى فنزويلا، واعتمدت أكثر من أي وقت مضى على تهريب المخدرات لتأمين الدخل.
وتتابع الولايات المتحدة هذا التعاون الوثيق بين البلدين بدقة كبيرة. وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، يوم الثلاثاء 2 ديسمبر الجاري: "حكم مادورو ليس حكمًا شرعيًا. ما هو قائم عبارة عن منظمة عبور".
وأضاف: "هذا الحكم قاعدة نفوذ للنظام الإيراني. ولا يُقال هذا بما يكفي".
وتابع روبيو: "إن النظام الإيراني، والحرس الثوري، وحتى حزب الله، لهم حضور في أميركا الجنوبية، وفنزويلا من أهم قواعدهم".
وقال: "المكان الذي رفعوا فيه (إيران) علمهم في نصف الكرة الغربي لدينا، بتعاون كامل وعلني من حكومة ذلك البلد، هو أرض فنزويلا".
وأفادت شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية، في 6 ديسمبر الجاري، بأن تشديد إدارة ترامب الضغوط على نيكولاس مادورو يأتي ضمن استراتيجية أوسع لواشنطن تهدف إلى إضعاف النفوذ العالمي لروسيا، والإقصاء التدريجي للحكومات التابعة لموسكو، ومن بينها النظام الإيراني.
وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، دعم بلاده لحكومة فنزويلا، ردًا على الضغوط الأميركية المتزايدة على مادورو.
وجاء وصف عراقجي لحكومة مادورو بأنها "حكومة منتخبة"، رغم اتهامها بتزوير واسع في الانتخابات الرئاسية للعام الماضي، ومعاناتها أزمة شرعية دولية.
ولا يعترف عدد من أطراف المجتمع الدولي، من بينهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض دول أميركا اللاتينية، بالحكومة الحالية في كاراكاس.