وذكرت وكالة "أسوشييتد برس"، يوم الأربعاء 12 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن التقرير السري، الذي تم توزيعه على الدول الأعضاء، شدّد على أنّ استمرار هذا الوضع يمنع الوكالة من تقييم الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، وأنّ إعادة تشكيل صورة كاملة عن وضع مخزونات اليورانيوم الإيرانية ستكون عملية طويلة ومعقدة.
كما نقلت وكالة "رويترز"، عن التقرير السري نفسه، أنّ الوكالة لم تتمكن منذ خمسة أشهر من الوصول إلى المواد النووية الإيرانية.
وأكد التقرير أنّ كمية اليورانيوم عالي التخصيب، التي أنتجتها إيران واحتفظت بها تُعدّ "مسألة بالغة القلق".
ووفقًا لأحدث تقرير رسمي للوكالة، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن إيران تمتلك 440.9 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، وهي نسبة لا تفصلها سوى خطوة تقنية واحدة عن مستوى التخصيب العسكري البالغ 90 في المائة.
ومع ذلك، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، ، يوم الاثنين 10 نوفمبر الجاري، بأنّ طهران لا تزال عضوًا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، مشيرًا إلى أنّ مفتشي الوكالة زاروا عددًا من المنشآت النووية الإيرانية، خلال الأسبوع الماضي.
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد حذّر من أنّ هذه الكمية من اليورانيوم يمكن أن تكفي، في حال قررت إيران تصنيع سلاح نووي، لإنتاج ما يصل إلى 10 قنابل ذرية، مع تأكيده في الوقت نفسه أنّ طهران لم تتخذ مثل هذا القرار حتى الآن.
مطالبة الوكالة بتقرير خاص
وبموجب اتفاق الضمانات بين إيران والوكالة، يتعين على طهران تقديم تقرير خاص عن وضع ومكان المواد النووية لديها، بما في ذلك مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب، بعد أحداث مثل الهجمات أو الزلازل.
ويجب أن يتضمن هذا التقرير أيضًا تفاصيل حول حالة المنشآت، التي تضررت خلال الحرب في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وقالت الوكالة إنّ تلقي هذا التقرير ضروري ولا بديل عنه لضمان بقاء المواد النووية ضمن الأنشطة السلمية، ومنع استخدامها لأغراض عسكرية.
ومع ذلك، أبلغت طهران الوكالة، في رسالة يوم الثلاثاء 11 نوفمبر، بأنّ "أي تعاون مع هذه المؤسسة سيعتمد على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني".
وأكد التقرير أيضًا أنّ إيران لم تسمح بعد لمفتشي الوكالة بالدخول إلى المنشآت المتضررة، رغم أنّه بعد اتفاق المدير العام غروسي مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، المعروف باسم "اتفاق القاهرة"، تم السماح بزيارات إلى بعض المراكز غير المتضررة، مثل محطة بوشهر للطاقة النووية، والمفاعل البحثي في طهران، وعدة منشآت أخرى.
وأضافت الوكالة أنّ مفتشيها سيتوجهون إلى إيران لإجراء تفتيش في مركز التكنولوجيا النووية في أصفهان، الواقع على بعد نحو 350 كيلومترًا جنوب شرق طهران، والذي يضم آلاف الخبراء النوويين، وثلاثة مفاعلات بحثية صينية الصنع، وعددًا من المختبرات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.
العقوبات وعزلة إيران
بعد انتهاء الحرب، التي استمرت 12 يومًا، علّقت إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين أعاد مجلس الأمن الدولي فرض العقوبات الواسعة ضد طهران عبر "آلية الزناد" (العودة التلقائية للعقوبات).
وأثار هذا الإجراء غضب طهران، وأدى في النهاية إلى عدم تنفيذ "اتفاق القاهرة".
وفي رواية متناقضة، قال عراقجي إنّ التعاون مع الوكالة "لا يمكن أن يستمر كما في السابق".
وبحسب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، تلتزم إيران قانونيًا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ولكن إعادة فرض العقوبات الأممية أدت إلى تجميد الأصول الإيرانية في الخارج، ووقف الصفقات العسكرية مع طهران، وإخضاع برنامجها الصاروخي لعقوبات جديدة.
وذكرت وكالة "أسوشييتد برس" أنّ هذه التطورات جعلت إيران في عزلة غير مسبوقة، وأنّ أزمة الثقة بينها وبين المؤسسات الدولية، بشأن طبيعة برنامجها النووي، بلغت مستوى غير مسبوق من التوتر.