وقال عدد من المواطنين في رسائل ومقاطع فيديو أرسلوها إلى "إيران إنترناشيونال" إن قوى الأمن الداخلي، وميليشيا الباسيج، والحرس الثوري، أغلقوا الطرق المؤدية إلى باساركاد ومنعوا الناس من دخول المجمع.
على مدى العقود الماضية، سعى النظام الإيراني بأساليب مختلفة إلى الحد من إقبال الناس المتزايد على الطقوس والتقاليد الإيرانية القديمة، وكذلك على المواقع الأثرية وتراث ما قبل الإسلام.
وفي هذا السياق، أغلق النظام الإيراني في مناسبات متعددة موقعي تخت جمشيد وباساركاد في يوم تكريم كوروش الكبير.
غير أن سياسة النظام تغيّرت فجأة خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا وتحت القصف الإسرائيلي، إذ لجأ مسؤولوه وأنصاره إلى استحضار المفاهيم والرموز الوطنية.
يُذكر أن النشيد الرسمي للنظام الإيراني لا يذكر اسم "إيران" ولو مرة واحدة، كما أن الدستور يضع اسم البلاد تحت ظلّ "الإسلام".
نرجس محمدي: طريق كوروش يتعارض مع الاستبداد الديني المفروض على إيران
في رسالة نُشرت على "إنستغرام" بمناسبة ذكرى كوروش الكبير، وصفت نرجس محمدي، الناشطة في مجال حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام، هذا الملك الأخميني بأنه "رأسمال رمزي وثقافي" للعالم ولإيران ولمستقبلها، وقالت إنه "قدّم نموذجًا مختلفًا للقيادة يشكّل جزءًا من تراثنا الثقافي والحضاري".
وجاء في رسالتها: "كوروش الكبير رمز للتسامح في العالم القديم، كان يحترم حرية الأديان والمعتقدات، ولم يُكره أحدًا على اتباع تقليد بعينه أو تقليده الخاص".
وانتقدت محمدي سياسات النظام الإيراني، قائلة إن دعوة كوروش "هي فرح الشعوب بما تختاره وتريده بنفسها، لا كما يفرضه الاستبداد الديني القائم في إيران اليوم".
وأضافت: "كوروش أكّد أن القوة من دون عدالة مدمّرة، ونظرة إلى حكامنا اليوم، الذين ليسوا سوى ظالمين، تكشف مدى تدميرهم. دعوته كانت إلى الحرية، بينما سجون النظام الإيراني وحبال المشنقة اليوم هي رمز لاستبداده وعدائه للحرية".
وختمت محمدي بالقول إن الشعب الإيراني سيسير على نهج كوروش الكبير "من أجل مساواة البشر واحترام التنوّع، وتحقيق العدالة والحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية".
يُشار إلى أن يوم 29 أكتوبر، الذي يُعرف بشكل غير رسمي في إيران باسم "يوم تكريم كوروش الكبير"، غير مسجّل في التقويم الرسمي للنظام الإيراني. ويحتفل به عدد من المواطنين والمهتمين بتاريخ إيران استنادًا إلى روايات حول دخول كوروش إلى بابل وإصداره "البيان الأسطواني" الذي يُعدّ رمزًا للعدالة والحرية.
وقال قادر آشنا، مستشار وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي وأمين المجلس الأعلى للثقافة العامة، في 29 أكتوبر، ردًا على سؤال حول عدم تسجيل "يوم كوروش" في التقويم الرسمي، إنه منذ توليه المنصب العام الماضي "لم يُقدَّم أي اقتراح لتسمية يوم باسم كوروش".
وأضاف: "لا أعلم ما إذا كان مثل هذا الاقتراح قد طُرح في السنوات الماضية أم لا".
وأكد آشنا في الوقت نفسه على ضرورة الاستفادة من "الشخصيات الأسطورية والخرافية والتاريخية" من أجل "تعزيز الوحدة الوطنية".
يُذكر أن روح الله الخميني، مؤسس النظام الإيراني، كان قد أعلن صراحة قبل وبعد ثورة عام 1979 معارضته للنزعة القومية، معتبراً الحدود الوطنية عائق أمام إقامة "أمة واحدة تحت قيادة الولي الفقيه"، وداعيًا إلى إقامة نظام يتجاوز حدود الدول.