وأضاف يافه أن الصراع الذي اندلع في يونيو (حزيران) 2025، وانتهى في22 يونيو بضربات أميركية استهدفت مواقع نووية رئيسية داخل إيران، شكّل أول هجوم مباشر للقوة العظمى على الأراضي الإيرانية بعد عقود من الحروب بالوكالة.
وأوضح أن عدم ردّ طهران بأي إجراء ذي معنى أظهر مدى ضعف المرشد الأعلى البالغ من العمر 86 عامًا علي خامنئي، وأن الجهاز الأمني الذي بناه على مدى عقود فشل في أداء مهامه.
وقال يافه: "من الصعب جدًا أن نرى كيف يمكن لإيران أن تستعيد شرعيتها."
وأشار المحلل الذي عمل 15 عامًا في قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية إلى أن الجيل الذي صاغ مفاهيم مثل "اقتصاد المقاومة" وسائر الأيديولوجيات التي دعمت أجندة خامنئي إما يتقاعد، أو يشيخ، أو يخرج من مواقع القيادة دون وجود خطة متماسكة لما بعده.
وأضاف أن التحدي الجوهري لإيران هو تحدٍّ جِيلي، موضحًا أن كوادر الثورة عام 1979 وحرب إيران والعراق هي التي أنشأت مؤسسات رئيسية مثل الحرس الثوري الإيراني، وميليشيا الباسيج، والتكتلات الاقتصادية التي تُهيمن اليوم على قطاعات واسعة من الاقتصاد الإيراني.
وأشار إلى أن ذكريات المظالم التي سبقت عام 1979- مثل انعدام المساواة في الأرياف خلال عهد الشاه وعمليات التعذيب والقتل التي ارتكبتها أجهزته الأمنية- ما زالت تسيطر بقوة على وعي الجيل الحاكم المسنّ.
وبحسب يافه، فإن هؤلاء المسؤولين ما زالوا متمسكين بالعداء للغرب والسعي إلى التقدّم النووي، معتبرين أن أي تنازل يُعدّ ضعفًا.
وقال: "لقد اختارت الحكومة الإيرانية أن تموت على تلة محددة، وسوف تموت هناك ببطء، أثناء نومها. سيكون انتقالاً بطيئًا ومملًا، والنتيجة المرجّحة هي تغيّر تدريجي وليس انهيارًا مفاجئًا."
وأضاف أنه حتى المؤسسات الأكثر تشدداً ظاهرياً، مثل الحرس الثوري الإيراني، قد تلعب نظرياً دورًا في مرحلة الانتقال المقبلة.
وقال: "في حال حدوث تغيير في السلطة، لن يكون هناك مستقبل للحرس الثوري بشكله الحالي. داخليًا، قد يسعى الحرس إلى تنفيذ انقلاب أو الحفاظ على الإشراف الديني لضمان نفوذه- لكنه سيضطر لموازنة التكاليف والفوائد."
وأكد يافه أن الحركات الإسلامية في المنطقة تشهد تراجعًا عامًا، مشيرًا إلى تهميش جماعة الإخوان المسلمين، وضعف وكلاء إيران الإقليميين مثل حماس وحزب الله.
وقال المحلل الأميركي إن حملة الضغط الأقصى التي أطلقها دونالد ترامب واغتيال الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني في عام 2020 كانتا نقطتين محوريتين في مسار التحولات داخل إيران.
وأوضح: "الإجراءات التي اتُخذت في عهد ترامب عمّقت هذه الاتجاهات. عملية اغتيال سليماني بددت المخاوف من التصعيد، والإجراءات المباشرة زعزعت ثقة إيران بعملياتها السرّية التي اعتادت عليها منذ تدخلها في لبنان عام 1982"، في إشارة إلى تأسيس الحرس الثوري لجناحه اللبناني القوي حزب الله.
وأضاف يافه أن إيران تفضل العمل في الظل، لكن إسرائيل والولايات المتحدة ردّتا بقوة وقلّصتا قدرات وكلاء طهران، واعتبر أن ذلك كان "الأسلوب الأكثر فاعلية".
وانتقد السياسة الأميركية التقليدية تجاه إيران، معتبرًا أنها غالبًا ما تكون سطحية ومنقسمة حزبيًا- فاليسار يميل إلى التفاوض، واليمين إلى المواجهة، لكن كلا النهجين يفتقران إلى العمق الاستراتيجي.
وأشار إلى أن نهج ترامب كان مختلفًا لأنه ركّز على النتائج بدلاً من الأيديولوجيا، قائلاً: "الرئيس ترامب حدّد شروطًا مقبولة بوضوح، لكن طهران، التي ما زالت عالقة في تفكير عام 1979، لا تدرك التحول نحو ديناميكيات القوة البرغماتية. إنهم ببساطة لا يفهمون أن الغرب سيتصرف."
وختم يافه بالقول: "في غضون السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، سيحدث أمر كبير في إيران. في كل الأحوال، لن تبقى كما نعرفها اليوم، لن يبقى النظام الحالي."