ووفقًا لما نقلته وكالة "أسوشييتد برس" عن "مايكروسوفت"، فإن استخدام إيران للذكاء الاصطناعي في مجال الحرب الإلكترونية خلال العام الماضي ارتفع بشكل غير مسبوق. فقد رُصد في يوليو (تموز) 2025 وحده أكثر من200 نشاط عدائي خارجي في مجال إنتاج محتوى مزيف يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعادل ضعف عدد الحالات المسجلة العام الماضي وعشرة أضعاف عددها في عام 2023.
وجاء في التقرير السنوي حول التهديدات الرقمية لشركة "مايكروسوفت" أن إيران، مثل روسيا والصين، تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتنفيذ هجمات إلكترونية، ونشر معلومات مضللة، واختراق أنظمة حساسة في الولايات المتحدة.
وأكد التقرير أن إيران، إلى جانب مجموعات الجريمة الإلكترونية، تستغل الذكاء الاصطناعي لأتمتة الهجمات وتحسين أساليب الاختراق.
وأشارت "مايكروسوفت" إلى أن هذه التقنية قادرة على تحويل رسائل التصيد الاحتيالي البدائية إلى نصوص احترافية ومقنعة، كما يمكنها إنشاء وجوه رقمية مزيفة لشخصيات ومسؤولين حكوميين، وجعل عمليات التجسس أكثر دقة وسرية.
وأضاف التقرير أن الدول المعادية، ومن ضمنها إيران، تنفذ هجماتها الإلكترونية بهدف الحصول على معلومات سرية، وتعطيل الخدمات العامة الحيوية، وزعزعة ثقة المجتمعات المستهدفة بمؤسساتها.
وعقب صدور التقرير، أصدرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة يوم الخميس 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 بيانًا نقلته وكالة "أسوشييتد برس"، جاء فيه أن طهران ترفض هذه الاتهامات بالكامل.
وقال البيان: "إن إيران لم تبدأ ولن تبدأ أي عمليات إلكترونية هجومية ضد أي دولة. لكنها، بوصفها ضحية لهجمات إلكترونية متكررة، سترد بطريقة تتناسب مع طبيعة ومدى أي تهديد تتعرض له".
يأتي هذا الموقف بينما تشير "مايكروسوفت" إلى أن إيران تعمل على تطوير قدراتها في مجال الحرب السيبرانية بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وتستخدم هذه التكنولوجيا في عمليات التضليل، بما في ذلك إنتاج محتوى إخباري ودعائي مزيف على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأكد التقرير أن الجيش السيبراني التابع لإيران يستهلك ميزانيات ضخمة تُموَّل من المال العام، في إطار سعي طهران لتعزيز نفوذها الإلكتروني في المنطقة والعالم.
وأوضحت "مايكروسوفت" أن إيران، إلى جانب روسيا والصين وكوريا الشمالية، لا تستخدم الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية فقط، بل أيضًا في عمليات النفوذ السياسي والدعاية الإعلامية.
فقد استخدمت هذه الدول الذكاء الاصطناعي في ترجمة الرسائل الدعائية وإعادة إنتاجها بلغات متعددة، وتوليد أصوات مشابهة لأصوات مسؤولين رسميين، ونشر معلومات مضللة للتأثير على الرأي العام العالمي.
وقالت إيمي هوغان-برني، نائبة رئيس قسم الأمن في "مايكروسوفت": "نلاحظ أن الجهات المدعومة من دول، ومن بينها إيران، تستخدم الذكاء الاصطناعي لزيادة دقة وسرعة هجماتها السيبرانية. وهذا تطور مقلق، لأن العديد من المؤسسات الأميركية لا تزال تعتمد على أنظمة دفاعية قديمة".
وحذّرت من أن عام 2025 يشكّل نقطة تحول في أمن الفضاء السيبراني العالمي، داعيةً الدول إلى زيادة الاستثمارات في الدفاع الرقمي.
ويرى الخبراء أن إيران استثمرت بشكل مكثف في السنوات الأخيرة في مجال التكنولوجيا السيبرانية المتقدمة.
وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن تعاون بين مؤسسات إيرانية ومجموعات قرصنة مرتبطة بالحرس الثوري في تنفيذ عمليات ضد أهداف أميركية وإسرائيلية وأوروبية.
وحذّرت "مايكروسوفت" من أن التطور السريع في الذكاء الاصطناعي يغيّر ميزان القوى في ميدان الأمن السيبراني العالمي، إذ تمكنت إيران ودول أخرى من تنفيذ هجمات أكثر دقة وسرعة وأقل تكلفة، بينما لا تزال الدول المستهدفة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تحاول مواكبة التهديدات الجديدة.