وقد تناقلت الصحف الإيرانية، على اختلاف توجهاتها، مقتطفات من تصريحات وزير الخارجية، عباس عراقجي، في اجتماع مع السفراء والقائمين بالأعمال ورؤساء البعثات الدبلوماسية الأجنبية في طهران؛ والذي وجه خلاله عددًا من الرسائل، مؤكدًا عدم وجود طريق آخر غير العودة إلى الدبلوماسية، وأن الوصول إلى حلول تفاوضية أمر ممكن، وأن إيران لن نقبل أي اتفاق لا يتضمن تخصيب اليورانيوم على أراضيها، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يتوقف، وإنما اتخذ شكلاً جديدًا، وحذر من تفعيل آلية الزناد.
وفي حوار مع صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، قال الدبلوماسي السابق، كوروش أحمدي: "إن تعليق التعاون يمكن أن يتحول إلى أداة مساومة تُستخدم لصالح إيران". كما رأى الأكاديمي الإيراني، عبدالرضا فرجي راد، "أن اليورانيوم المخصب في إيران يمكن أن يمهد الطريق لاتفاق أكثر استقرارًا بين طهران وواشنطن".
وعلى صعيد متصل، تداولت الصحف، وبخاصة الأصولية، المداخلة الهاتفية للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مع برنامج إذاعي، والتي قال فيها: "إن ثقتنا بالولايات المتحدة انخفضت إلى ما دون الصفر".
واقتصاديًا، حدد خبير الطاقة، سعيد منصور أفشار، في حوار إلى صحيفة "ستاره صبح" الإصلاحية، مسارين رئيسين للحيلولة دون تفاقم أزمة الطاقة: "أولهما تحرير أسعارها، وإلغاء التسعير الإلزامي وتوجيه السوق نحو المنافسة الحقيقية. وثانيهما الاستثمار في البنية التحتية الحديثة للطاقة مثل محطات توليد الطاقة الجديدة، والطاقات المتجددة، وإعادة تأهيل شبكات التوزيع".
وتطرقت صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية، إلى أزمة الخبز، وذكرت أن سوق الخبز قد تحولت إلى لعبة خاسرة للخبازين والمواطنين؛ حيث يخشى الخبازون من خطر الإفلاس، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، بينما يشكو المواطن من انخفاض جودة الخبز، كما فشلت، بحسب الخبراء، خطة الحكومة للتحول الذكي، التي كلفت نحو 900 مليار تومان.
وانتقدت الخبيرة الاقتصادية، بهنام ملكي، في حوار إلى صحيفة "عصر رسانه" الإصلاحية، غياب التخطيط الاقتصادي، وقالت: "إن قدرة المواطن على تحمل التضخم تتآكل، وفجأة نغيّر المسار ونترك الاقتصاد الحر وننتقل إلى الاقتصاد المخطط. بينما طريق إنقاذ اقتصاد إيران هو أن يكون لدينا اقتصاد مُخطط خالٍ من الفساد. فهيكلنا الإداري معقد ومليء بالفساد، ولا يسمح في بعض الأحيان بالإصلاحات الاقتصادية".
وللمرة الأولى يحطم الاقتصاد الإيراني الرقم القياسي لأطول فترة تضخم مرتفع، ونقلت صحيفة "كار وكاركر"، الناطقة باسم حزب العمال الإيراني اليساري، عن الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، وحيد شقاقي شهري، قوله: "إن التضخم المزمن، بتأثيره التراكمي، يجعل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أكثر صعوبة". وانتقد دورة صنع السياسات في إيران، وشدد على الحاجة إلى قرارات شجاعة وتغييرات هيكلية.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"تجارت": المسار الوعر لاستمرار المفاوضات الإيرانية- الأميركية
شرح الخبير السياسي، سید جلال ساداتیان، في مقال بصحيفة "تجارت" الأصولية، موقف الأطراف الإقليمية والدولية من استئناف المفاوضات النووية الإيرانية، وكتب: "يسعى ترامب لحل قضايا المنطقة عبر الحوار، لكن اللوبي الإسرائيلي يضغط عليه عبر الكونغرس والإعلام، وإجباره على اتخاذ إجراءات غير مبررة. مع ذلك، يبقى الأمل في المفاوضات قائمًا، وقد يعود ترامب للمسار السابق، خاصة بعد طرح قضية (التخصيب الصفري) في الجولتين الرابعة والخامسة، والتي تأجلت بسبب أحداث أضرت بكلا الطرفين".
وأضاف: "لم تقم دول الغرب بإدانة إسرائيل بشكل كافٍ، وتتخوف من هيمنة أميركا الاقتصادية إذا عادت للاتفاق مع إيران، لأنها قد تستحوذ على استثمارات تصل إلى تريليون دولار، مما يقلص حصة الأوروبيين، خاصة فرنسا التي عبرت عن قلقها صراحة".
وتابع: "بالنسبة لدول المنطقة فإنها تريد إيران ضعيفة ومقيّدة، والتغيير يتطلب تعديل السياسات الإيرانية، مثل تعزيز العلاقات الإقليمية التي تضمن الأمن وتحد من التطبيع مع إسرائيل. فإذا نجحت إيران في تقديم رؤية مقنعة، قد يتوقف مسار التطبيع، ويبقى الوضع الراهن مع تعايش الطرفين الإيراني والإسرائيلي في المنطقة".
"كيهان": بيان أم إملاء من إسرائيل وأميركا؟
اتهم حسين شريعتمداري، مدير تحرير صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، على خامنئي، التيار الإصلاحي بالتبعية غير المعلنة للكيان الإسرائيلي، على حد تعبيره، وكتب: "إن إسقاط النظام الإيراني، هو هدف الولايات المتحدة الاستراتيجي الرئيس، وهو ما أكد ترامب ونتانياهو قبيل حرب الـ 12 يومًا الأخيرة".
وأضاف: "بعد فشل العدو في تحقيق هذا الهدف، حمل تيار سياسي معروف بالخيانة والتعاون مع العدو، على عاتقه راية إسقاط النظام بوجه منافق؛ حيث جمع بين تهنئة الشعب بالانتصار (خداعًا للرأي العام) وتبني هدف العدو الفاشل (إسقاط إيران) كـحل وحيد!".
وتابع: "أصدر مير حسين موسوي (أحد زعماء الحركة الخضراء)، ذو السجل الأسود في التعاون مع أميركا وإسرائيل، بيانًا نيابة عن هذا التيار الخائن، داعيًا صراحةً إلى تغيير النظام عبر تشكيل مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد، وهو الهدف نفسه، الذي سعت إليه واشنطن وتل أبيب، طوال 40 عامًا وفشلت في تحقيقه بالحرب الأخيرة".
وختم بقوله:" هذا التيار وممثلوه مجرد أدوات لتنفيذ أجندة العدو".
"شرق": من رماد الحرب إلى أفق جديد
أجرت صحيفة "شرق" الإصلاحية حوارًا مع الناشط السياسي، محسن هاشمي، حول مفهوم تغيير النموذج المطروح حاليًا في المشهد الإيراني؛ حيث حدد ثلاثة تهديدات عاجلة، هي: "عودة العقوبات، وضعف منظومات الدفاع الجوي، والتغلغل الخارجي".
وأضاف: "ارتبطت الحرب الأخيرة بالملف النووي والعقوبات، مما يجعل تغيير النموذج أكثر تعقيدًا. والتنمية تتطلب حاليًا إجماعًا وطنيًا وإصلاحات على صعيد السياسات الخارجية، من خلال الانتقال من الخطاب الأيديولوجي إلى المصالح الواقعية، والداخلية عبر إشراك الكفاءات المُهمَّشة وإصلاح الاقتصاد".
وأكد هاشمي عدم كفاية الردع العسكري، ودعا إلى "اتباع دبلوماسية مرنة لاحتواء التهديدات الإسرائيلية، وتعزيز الإعلام الرسمي، واستعادة ثقة الشعب عبر إصلاحات عاجلة".
وتابع: "تغيير النموذج لن يكون مجديًا دون تشخيص دقيق لأضرار الحرب، وتعزيز التماسك الداخلي، واعتماد استراتيجية واضحة تجمع بين القوة الذكية والدبلوماسية المتعددة الأطراف. وإذا كان تغيير النموذج هو الحل، فإنه يتطلب، بحسب الخبراء، الاعتراف بالأخطاء، ووضع مصالح الوطن فوق الأيديولوجيا".