وفي تقرير تحليلي، كتبت صحيفة "هآرتس" أنه وفقًا للشواهد، والمقابلات، والمقارنات التاريخية مع برامج دول مثل إسرائيل وباكستان، فإن إيران كانت عشية الحرب على عتبة القدرة النووية، وأنها كانت تحتاج فقط إلى "اتخاذ القرار الحاسم" لربط المكونات اللازمة لصنع قنبلة نووية.
وأشارت الصحيفة إلى مقابلة بُثّت في فبراير (شباط) 2024 عبر التلفزيون الإيراني مع علي أكبر صالحي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية ووزير الخارجية الأسبق، حيث صرّح صالحي- وهو أحد الوجوه المركزية في البرنامج النووي للنظام الإيراني- بشكل واضح: "لقد تجاوزنا جميع الحدود العلمية والتقنية للطاقة النووية... الأمر أشبه بإنتاج جميع أجزاء السيارة: الهيكل، المحرك، المقود، ناقل الحركة ...".
هذا التصريح، بحسب كاتب التقرير، يُعد خروجًا لافتًا عن الخطاب التقليدي للنظام الإيراني الذي كان يؤكد "عدم الرغبة" في امتلاك سلاح نووي، ويذكّر بتصريحات مشابهة أدلى بها ليفي أشكول، رئيس الوزراء الإسرائيلي في عام 1968، بشأن قدرة بلاده على إنتاج القنبلة.
ووفقًا لـ"هآرتس"، فإن إيران رغم عدم اتخاذها قرارًا سياسيًا بعد بشأن تصنيع القنبلة، إلا أنها باتت في مستوى متقدّم من الجاهزية الفنية يمكّنها، عند الضرورة، من تصنيع سلاح نووي خلال أسابيع، وربما أيام.
ويضيف التقرير أن تجربة باكستان عام 1998 جديرة بالانتباه؛ حيث أجرت اختبارًا نوويًا بعد 17 يومًا فقط من تجربة الهند. وترى الصحيفة أن النظام الإيراني على الأرجح قد أعدّ منذ وقت طويل سيناريوهات مماثلة لردّ سريع وحاسم.
وبحسب دراسة أشار إليها التقرير، فقد ظهرت منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ثلاثة أنماط جديدة في خطاب النظام الإيراني النووي:
1. التأكيد على تجاوز جميع العتبات الفنية اللازمة لتصنيع سلاح نووي.
2. ربط الامتناع عن تصنيع القنبلة بقرار سياسي قابل للتغيير في حال وجود تهديد وجودي.
3. تبنّي نهج "الغموض النووي" على غرار النموذج الإسرائيلي.
وتضيف "هآرتس" أن هذا التحول في اللغة- حتى وإن لم يكن دليلاً على اتخاذ قرار نهائي- يدل على أن إيران بصدد تقليص الفجوة بين القدرة الفنية والقرار السياسي، وربما تعمل على مشاريع تهدف إلى تقليل الزمن المطلوب لصناعة جهاز تفجيري نووي.
ويستعرض التقرير نماذج تاريخية مشابهة، مثل:
• حالة الاستنفار الأميركي خلال أزمة برلين 1948.
• رد باكستان السريع خلال أزمة كارجيل 1999.
• الخطوات الاستباقية الإسرائيلية قبل حرب الأيام الستة عام 1967.
وترى الصحيفة أن تجربة إسرائيل في ربيع 1967 تُعد الأكثر إلهامًا؛ حيث أنتجت في غضون أيام جهازًا نوويًا بدائيًا واحتفظت به كـ "خيار أخير" بيد رئيس الوزراء، من دون إعلان رسمي.
ويختتم كاتب التقرير بالتحذير من أن التحولات الأخيرة في موقف النظام الإيراني، بالتزامن مع التصعيد الأمني في المنطقة، قد تخلق وضعًا مشابهًا لأزمات سابقة في دول أخرى، حيث يكفي قرار سياسي واحد لتنتقل دولة "على العتبة" إلى نادِ الدول المالكة للقنبلة النووية.