كيف استغل النظام الإيراني الحرب مع إسرائيل في تعزيز سلطته القمعية؟

يقول الخبراء إن النظام الإيراني بدأ، عقب الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، موجة جديدة من القمع الواسع استهدفت الأقليات القومية والدينية، والناشطين السياسيين، والمواطنين الأجانب.
يقول الخبراء إن النظام الإيراني بدأ، عقب الحرب التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، موجة جديدة من القمع الواسع استهدفت الأقليات القومية والدينية، والناشطين السياسيين، والمواطنين الأجانب.
ويُنظر إلى هذا التحرك على أنه محاولة لاستعادة السيطرة الداخلية، وتحويل انتباه الرأي العام، وكبح أي معارضة داخلية.
من بين الفئات المتضررة كانت الجالية اليهودية في إيران، التي تواجه ضغوطًا متزايدة منذ نهاية الهجمات الإسرائيلية.
قال بن سبطي، الباحث في "معهد الدراسات الأمنية القوميّة" في إسرائيل وأحد يهود إيران المهاجرين، لقناة "إيران إنترناشيونال"، إن شائعات الإعدامات الجماعية لليهود غير صحيحة، لكن أكثر من 12 يهوديًا إيرانيًا اعتُقلوا وتم استجوابهم للاشتباه في التجسس.
وأضاف: "هذا الفعل معادٍ لليهود بوضوح. النظام يعلم أن اليهود لا علاقة لهم بالتجسس، لكنه مجرد جزء من لعبته. هم مضطرون للطاعة، والخضوع للاستجوابات، ثم يُطلق سراحهم لاحقًا".
ووفقًا لتقرير "هرانا" (مجموعة ناشطة في حقوق الإنسان)، فقد استدعت القوات الأمنية واستجوبت ما لا يقل عن 35 مواطنًا يهوديًا في طهران وشيراز، بسبب اتصالاتهم بأقارب في إسرائيل.
أحد أعضاء الجالية اليهودية في طهران وصف هذه التحقيقات بأنها غير مسبوقة وخلقَت أجواء رعب حقيقية.
فيما قال تيمور إلياسي، ممثل "رابطة حقوق الإنسان الكردستانية" في الأمم المتحدة، إن قوات النظام اعتقلت أكثر من 300 كردي منذ بداية الحرب، وأعدمت خمسة، وتوفي شخص تحت التعذيب في سجن بمدينة كرمانشاه، وقُتل آخر في الشارع، بينما لقي أحد العتالين (ناقلي البضائع عبر الجبال) حتفه برصاص حرس الحدود.
وأوضح إلياسي أن الوضع أشبه بحالة طوارئ، حيث أنشأت قوات النظام حواجز تفتيش وانتشارًا عسكريًا واسعًا على مداخل مدن كردستان، مضيفًا: "النظام يخشى من اندلاع انتفاضة شعبية في كردستان يمكن أن تمتد إلى باقي المناطق".
كما ذكرت "إيران واير" أن القوات الأمنية شنت مداهمات منسقة على منازل البهائيين في مختلف أنحاء البلاد خلال الحرب وبعدها.
ورغم أن الديانة البهائية هي أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران، إلا أنها غير معترف بها رسميًا.
ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979، حُرم البهائيون من العمل في القطاع الحكومي وتمت ملاحقتهم بشكل ممنهج.
تصعيد في سيستان وبلوشستان
في محافظة سيستان وبلوشستان، أعلنت قوات الحرس الثوري الإيراني أنها قتلت أو اعتقلت 52 شخصًا بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل".
وأفاد موقع "حال ووش" أن القوات الأمنية فتحت النار على سكان قرية خلال إحدى المداهمات، ما أسفر عن مقتل امرأة تُدعى خان بي بي بامري، وإصابة 11 امرأة أخرى، بينهن 4 طفلات، اثنتان منهن في حالة حرجة.
وقال شاهين ميلاني، مدير "مركز توثيق حقوق الإنسان في إيران"، إن هذه الاعتقالات تهدف إلى التغطية على الإخفاقات الأمنية للنظام.
وأضاف: "السلطات تعلم تمامًا أن البهائيين واليهود لا يمتلكون معلومات سرية ولا يمكنهم التعاون مع إسرائيل. الغاية من هذه الحملات هي خلق صورة مزيفة عن رد حاسم على التهديدات".
وأكد أن هذه الممارسات تكشف عجز النظام عن التعامل مع التهديدات الحقيقية.
اعتقالات للناشطين السياسيين
تصاعد القمع شمل أيضًا ناشطين بارزين مثل:
•حسين رونقي (ناشط في حرية التعبير)
•توماج صالحي (مغني راب معارض)
•آرش صادقي (ناشط مدني)
وتعرض هؤلاء للضرب بعد اعتقالهم ثم أُفرج عنهم لاحقًا.
وبحسب "هرانا"، فإن ما لا يقل عن 705 شخصًا قد تم اعتقالهم بتهم سياسية أو أمنية منذ اندلاع الحرب.
أفاد شهود بأن النظام حوّل المدن إلى ثكنات عسكرية، من خلال نقاط التفتيش وحضور أمني مكثف.
ويُقارن الخبراء هذا القمع بما حدث بعد انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية في الثمانينيات، حين أُعدم الآلاف من السجناء السياسيين.
قال بهنام بن طالبلو، الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، لقناة "إيران إنترناشيونال": "هذه تكتيكات كلاسيكية للديكتاتوريين. للأسف، نرى عودة لأساليب الترويع التوتاليتارية المشابهة لما فعله صدام حسين بعد هزيمته عام 1991".
وأضاف أن دائرة القمع توسعت لتشمل المواطنين الأجانب أيضًا.
وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية أنها اعتقلت عدة مواطنين أوروبيين في محافظات مختلفة بتهمة "التعاون مع إسرائيل"، وفتحت ضدهم قضايا جنائية.
وفي يوم الأربعاء 2 يوليو (تموز)، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن: سيسيل كوهلر وجاك باريس، وهما مواطنان فرنسيان معتقلان منذ 3 سنوات في إيران، وُجّهت لهما تهم "التجسس لصالح الموساد"، و"التآمر لإسقاط النظام"، و"الإفساد في الأرض"، وهي تهم قد تؤدي إلى حكم بالإعدام بموجب القانون الإيراني.
كان رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني، قد أعلن في بداية الحرب أن هذه القضايا يجب أن تُحسم "بسرعة وبشكل علني".
وأقر البرلمان الإيراني قانونًا جديدًا ينص على أن "أي تعاون مع إسرائيل، أو الولايات المتحدة، أو الجماعات المصنفة "معادية"، يُعد جريمة كبرى يُعاقب عليها بالإعدام".
كما يشمل القانون تجريم استخدام وسائل تجاوز الحجب على الإنترنت مثل "ستارلينك".
وحذرت منظمات حقوق الإنسان من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى موجة جديدة من القمع المكثف تستهدف المعارضين، والنساء، والأقليات الضعيفة، في ظل نظام قمعي وسلطوي يسعى للبقاء بأي ثمن.