آفاق الحوار المباشر أصبحت أكثر قتامة.. ترامب يلغي قرار تعليق العقوبات على إيران

لم يدم قرار البيت الأبيض القاضي بتعليق فرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني طويلاً؛ إذ لم تمضِ سوى بضعة أيام على صدوره، حتى تم إلغاؤه سريعًا، عقب اعتراض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مما أعاد تفعيل مسار الضغوط على طهران.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنه بعدما تبين أن المتحدث باسم البيت الأبيض، بالتنسيق مع مجلس الأمن القومي المُشكّل حديثًا، أصدر تعليمات لوزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين بعدم فرض عقوبات جديدة، يوم الاثنين الماضي، جاء رد فعل ترامب سلبيًا على هذا القرار.

وبدا أن هذا التعليق كان جزءًا من محاولة لإتاحة فسحة سياسية قبل انطلاق المفاوضات النووية، كما كشف في الوقت نفسه عن وجود تباينات داخل بنية اتخاذ القرار في إدارة ترامب بخصوص الملف الإيراني.

لكن بعد يوم واحد فقط، تم إلغاء هذا التعليق، وأعلنت الإدارة الأميركية، يوم الجمعة 6 يونيو (حزيران)، فرض أول حزمة عقوبات جديدة ضد النظام الإيراني منذ 21 مايو (أيار) الماضي؛ وهي حزمة تستهدف عشرة أفراد و27 كيانًا من إيران والصين وهونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة، متهمةً إياهم بالضلوع في شبكة مصرفية سرية تابعة للنظام الإيراني.

ومع اقتراب انتهاء مهلة الشهرين، التي حددها ترامب لاتخاذ قرار بشأن المفاوضات النووية، حذر مراقبون من أن تعليق العقوبات مجددًا سيكون أمرًا غير مبرر. وقال هؤلاء إنه ما دامت القيادة الإيرانية، ممثَّلة بالمرشد علي خامنئي، ترفض المطلب الأساسي لواشنطن المتمثل في وقف تخصيب اليورانيوم داخل البلاد، فلا ينبغي منح الفريق الإيراني المفاوض فرصة لمواصلة كسب الوقت من خلال تعليق العقوبات.

وفي الوقت نفسه، كشفت تقريران جديدان للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن استمرار إنتاج إيران لليورانيوم عالي التخصيب، إلى جانب مساعي طهران المستمرة لخداع المفتشين وإخفاء أنشطتها النووية.

وتعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون حاليًا على إعداد مشروع قرار شديد اللهجة لطرحه في الاجتماع المقبل لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن خبراء حذروا من أن صدور بيان شديد اللهجة وحده لا يكفي، وأن السبيل الفعّال هو تفعيل إعادة فرض العقوبات الدولية أو ما يُعرف بـ "آلية الزناد" المنصوص عليها في الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة).

ورغم أن القوى الغربية تملك مهلة حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فإن بعض المحللين يرون أن الانتظار حتى ذلك الوقت قد يكون متأخرًا جدًا لكبح البرنامج النووي الإيراني.

وتؤكد الرسالة، التي تسعى واشنطن إلى إيصالها بشكل واضح، أن مجرد المشاركة في المفاوضات لا يكفي؛ بل ينبغي أن يشعر النظام الإيراني بضغط حقيقي.

ويرى العديد من المحللين أن أي تهاون أو تراجع عن النهج المتشدد قد لا يضعف فقط مصداقية الإدارة الأميركية أمام حلفائها الأوروبيين، بل قد يمنح النظام الإيراني فرصة لتحريف مسار المفاوضات لصالحه عبر إجراءات شكلية.

وفي المقابل، تبنّى مسؤولو النظام الإيراني مواقف متشددة، مؤكدين رفضهم لأي قيود على "حقهم" في تخصيب اليورانيوم داخليًا، ومصرّين على الحفاظ على ما يعتبرونه إنجازاتهم النووية.

ويبدو أن آفاق الحوار المباشر بين واشنطن وطهران باتت أكثر قتامة من أي وقت مضى، في ظل إصرار الطرفين على عدم تقديم أي تنازل تكتيكي؛ وهو وضع قد يزيد من احتمالات سوء التقدير وتصعيد التوتر في المنطقة.