"وول ستريت جورنال": العالم ينتظر تنازلات من طهران.. و"تصلب النظام" سيأتي بنتائج عكسية

اعتبر مجلس تحرير صحيفة "وول ستريت جورنال" في افتتاحية له أن استياء قادة النظام الإيراني من مسار المفاوضات النووية دليل على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أصاب كبد الحقيقة في مقاربته للملف الإيراني.
وفي افتتاحية الصحيفة، المنشورة يوم الأربعاء 21 مايو (أيار)، ورد أنه "لا أحد يرحب بتقديم تنازلات كبيرة، لكن الولايات المتحدة والعالم بحاجة فعلية إلى هذه التنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق فعلي وفعّال مع طهران".
وأشار المجلس إلى التصريحات الأخيرة لقادة النظام الإيراني، بما في ذلك ما قاله المرشد علي خامنئي يوم الثلاثاء، حين اعتبر أن الولايات المتحدة "يجب ألا تتفوه بالهراء"، واصفًا مطلب ترامب بوقف تخصيب اليورانيوم في إيران بأنه "كلام فارغ وغطرسة".
وأضافت الصحيفة: "إنهاء التخصيب هو الإجراء الأهم لقطع أقصر طريق أمام إيران نحو إنتاج القنبلة النووية".
وأوضحت الصحيفة أن خامنئي قال: "لا أعتقد أن المفاوضات النووية مع أميركا ستفضي إلى نتيجة"، بينما أوحى كبير المفاوضين عباس عراقجي لعدة أيام بأن إيران لم تحسم قرارها بشأن المشاركة في الجولة الجديدة من المفاوضات المقررة في روما. لكن في المقابل، أعلن الوسطاء العمانيون يوم الأربعاء أن المفاوضات ستُستأنف يوم الجمعة.
وأضاف مجلس تحرير الصحيفة: "يواصل مسؤولو النظام الإيراني المناورة الدبلوماسية، لكنهم يدركون جيدًا أن هذه المفاوضات هي التي وفرت الحماية المؤقتة لبرنامجهم النووي من ضربة عسكرية، ومنعت مزيدًا من التدهور في قيمة الريال الإيراني. وقد حذر الرئيس ترامب بقوله: "هذا العرض لن يبقى مطروحًا إلى الأبد"، في حين امتنعت إسرائيل حتى الآن عن التحرك العسكري، من أجل إتاحة الفرصة للدبلوماسية الأميركية".
وتابعت الصحيفة: "أما أمل إيران بأن يسلك ترامب مسار باراك أوباما ويقبل بإعادة إحياء اتفاق 2015، فقد تلاشى. ففي الأسابيع الأخيرة، تشكّل إجماع واضح بين الجمهوريين وإدارة ترامب على مبدأ أساسي؛ لا يُسمح بأي شكل من أشكال التخصيب داخل إيران".
وجاء في الافتتاحية أن "52 من أصل 53 عضوًا في مجلس الشيوخ من الجمهوريين وقّعوا رسالة تؤيد هذا المبدأ، وهو ما يُصر عليه ترامب نفسه. ففي مقابلة مع شبكة NBC، أكد أنه لن يقبل إلا باتفاق يؤدي إلى تفكيك كامل لبرنامج التخصيب. حتى جي. دي. فانس، نائب الرئيس المعروف بمواقفه الأكثر اعتدالًا، شدد على أن إيران لا تحتاج لأي مستوى من التخصيب، كما هو الحال في 23 دولة – من كندا إلى الإمارات – التي تُنتج الطاقة النووية لأغراض سلمية من دون أن تُخصّب اليورانيوم بنفسها".
كما صرّح ستيف ويتكوف، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الشرق الأوسط، يوم الأحد: "لدينا خط أحمر واضح للغاية، وهو التخصيب. لا يمكننا القبول حتى بنسبة واحد في المائة من قدرة التخصيب".
وأكدت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض: "نحن ملتزمون بشكل كامل بهذا الخط الأحمر".
وأعاد ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي، تأكيد هذا الموقف مرارًا.
واعتبر المجلس أن "ردود طهران تُظهر أنها تلقت الرسالة، وأن هدفها من هذه المناورات الدبلوماسية هو كسر هذا الإجماع. فإيران لم تعد تملك القدرة على ممارسة الضغط بالقوة، بعد أن تآكلت منظوماتها الدفاعية، وتعرضت ميليشياتها الوكيلة لضربات موجعة من جانب إسرائيل، ولذلك لجأت إلى أسلوب المساومة، مدعية أن المطالب الأساسية لواشنطن تجعل التوصل إلى أي اتفاق أمرًا مستحيلًا".
وتابعت الصحيفة: "كما قال بهنام بن طالب لو، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "الخط الأحمر بالنسبة لمن يتوسل، ليس كالخط الأحمر لقوة عظمى. وقد أثبت ترامب هذه الحقيقة سابقًا، حين أجبر النظام الإيراني على العودة إلى طاولة المفاوضات عبر ممارسة الضغط".
وأشار مجلس التحرير إلى أن "إيران لطالما زعمت أنها لن تتفاوض مع ترامب أبدًا، بل إنها تحدثت مرارًا في عهد بايدن عن اغتياله. لكنها بعد أن أعاد ترامب فرض العقوبات ووجّه تهديدًا عسكريًا ذا مصداقية لا يمكن تجاهله، اضطرت إلى العودة إلى المفاوضات".
وفي ختام الافتتاحية، شدد المجلس على أن "طهران قد تقرر في نهاية المطاف أنها لا تستطيع التخلي عن التخصيب أو تفكيك أجهزة الطرد المركزي، وقد تستنتج أن تهديدات الولايات المتحدة وإسرائيل باستخدام القوة مجرد خدعة، فتختار تجاهلها. لكن إذا ارتكبت هذا الخطأ، فستندم لاحقًا على الأرجح".