وفي تعليقها على الموضوع، قالت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر: "نحن بصدد واحدة من أكبر العمليات في السنوات الأخيرة لمواجهة التهديدات الإرهابية وتلك المدعومة من دول، والتحقيقات الجارية بالغة الأهمية".
وفي البداية، تم الإعلان عن تنفيذ عمليتين منفصلتين لاعتقال خمسة أشخاص، من بينهم أربعة إيرانيين في مدن سويندون، ومانشستر، وستوكبورت، وروشدايل، وغرب لندن، بالإضافة إلى مجموعة ثلاثية من حملة الجنسية الإيرانية في لندن، وكل مجموعة كانت تخطط لاستهداف موقع مختلف.
لكن مع تقدم التحقيقات، أفاد مسؤول أمني رفيع المستوى أن الشرطة البريطانية تدرس فرضية أن العمليتين كانتا بتوجيه من جهة واحدة مشتركة.
ونقلت صحيفة "التلغراف" في تقرير لها عن قلق المسؤولين الأمنيين البريطانيين من احتمال وجود هدف محدد للهجوم، وذكرت أن "التكهنات تتزايد حول احتمال أن يكون الهدف من العملية الإرهابية كنيسًا يهوديًا أو موقعًا آخر مرتبطًا بالجالية اليهودية".
نشاط أذرع الإرهاب التابعة للنظام الإيراني في أوروبا
ليس هذا أول ارتباط بين إيران وعمليات إرهابية داخل بريطانيا. فقد تم في السنوات الماضية نشر تقارير عدة عن محاولات عملاء إيرانيين لاستهداف معارضين مقيمين في المملكة المتحدة.
وقبل عامين، وبسبب تصاعد التهديدات الصادرة من النظام الإيراني، اضطرت قناة "إيران إنترناشيونال" إلى تعليق جزء كبير من عملياتها في لندن ونقلها مؤقتًا إلى الولايات المتحدة.
كما كُشف أن الحرس الثوري الإيراني كان يخطط لاغتيال اثنين من مقدمي البرامج في القناة، وخصص مبلغ 200 ألف دولار لتنفيذ العملية عبر أحد مهربي البشر، لكنها أُحبطت بالتعاون مع أجهزة استخبارات غربية.
وفي العام الماضي، صرحت وكالة الأمن السويدية بأن إيران قد تكون ضالعة في الهجوم على سفارتي إسرائيل في كل من ستوكهولم وكوبنهاغن.
وفي عام 2018، تم اعتقال أسد الله أسدي، الدبلوماسي الإيراني والسكرتير الثالث في سفارة إيران في فيينا، بتهمة التخطيط لهجوم تفجيري استهدف تجمعًا لمنظمة مجاهدي خلق في فرنسا. وبعد ثلاث سنوات، أدانته محكمة في بلجيكا وحكمت عليه بالسجن 20 عامًا.
وقد أكدت مرارًا أجهزة الأمن في الدول الغربية أن النظام الإيراني يستخدم وكلاء محليين أو يوظف مهاجمين أجانب في مساعيه لإسكات المعارضين خارج إيران من خلال الترهيب والاغتيالات، أو للتأثير على سياسات الغرب تجاهه.
وفي الشهر الماضي، صرح دان جارويس، نائب وزير الداخلية البريطاني لشؤون الأمن، مستندًا إلى تقارير من جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5)، أن المملكة المتحدة أحبطت منذ بداية عام 2022 وحتى الآن 20 تهديدًا محتملاً بالموت استهدفت مواطنين ومقيمين بريطانيين من قبل إيران.
وقد حذر جارويس حينها من أن إيران ربما تخطط لشن هجمات ضد اليهود أو أهداف إسرائيلية، واعتبر تلك المخططات جزءًا من استراتيجية ممنهجة للنظام الإيراني لبث الرعب بهدف قمع المنتقدين.
تفاوض مع الغرب أم تهديده بالإرهاب؟
وبعد مقتل إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني السابق، وتأهل مسعود بزشكیان في الانتخابات بعد اجتيازه رقابة مجلس صيانة الدستور، توقع كثير من المراقبين أن النظام، بسبب تفاقم أزماته الاقتصادية، يسعى إلى تهدئة التوترات مع الغرب والدول الإقليمية تمهيدًا لتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وبالفعل، شهدت الفترة الأخيرة جهودًا لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول العربية، ومفاوضات مع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، بشأن قضايا متعددة، من ضمنها الملف النووي.
لكن رغم هذه التحركات وخطاب "خفض التصعيد" الذي يتبناه مسؤولو النظام، لا تزال أنشطة الأذرع الخارجية للنظام الإيراني مستمرة، بما في ذلك حملات الترهيب وعمليات الاغتيال العابرة للحدود.