الحكومة الإيرانية تسحب مشروع قانون مكافحة العنف ضد المرأة بعد اعتراض المتشددين

مريم سينائي
مريم سينائي

صحافية ومحللة سياسية - إيران إنترناشيونال

أعلنت الحكومة الإيرانية سحب مشروع قانون حيوي يتعلق بالعنف ضد المرأة من البرلمان، بعد أن أضعفه المتشددون، مما يشكل انتكاسة جديدة لحقوق المرأة في إيران.

وكان المشروع، الذي قدمته في الأصل إدارة الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، يهدف إلى تعزيز حماية المرأة، عبر تشديد العقوبات على العنف الجسدي وتوفير خدمات دعم للضحايا.

لكن التعديلات، التي أدخلها النواب المتشددون، غيّرت جوهر المشروع بشكل كبير، ما دفع الحكومة إلى التخلي عنه.

فقد استبدل المتشددون مصطلح "العنف" بـ "سوء السلوك" في جميع بنود المشروع، كما غيّروا عنوانه من "حماية كرامة المرأة وحمايتها من العنف" إلى "حماية كرامة المرأة ودعم المرأة والعائلة".

وعلى عكس النسخة الأصلية، لا يتضمن المشروع المعدل أي اقتراح لتشديد العقوبات على إلحاق الأذى الجسدي بأنواعه المختلفة، مثل الجروح أو الكدمات أو غيرها، بل تقتصر العقوبات الأشد على حالات البتر فقط.

وقالت مساعدة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة، زهرة بهروز آذر: "إن الحكومة طلبت سحب المشروع، عندما أدركت أن اللجان البرلمانية غيّرت طبيعته وجوهره". وأضافت: "لم يعد يعالج قضية الوقاية من العنف"، حسب تصريحها للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة، يوم الخميس الماضي.

ورغم قرار الحكومة، فقد أشارت رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان الإيراني، زهرة سادات لاجوردي، إلى أن البرلمان المهيمن عليه المتشددون من المرجح أن يمضي قدمًا بنسخته الخاصة من القانون.

أما النسخة الحالية من المشروع، فتفرض على وزارة التعليم العالي إنشاء فصول دراسية ومنشآت تعليمية منفصلة للنساء فقط، بدلاً من النص الأصلي الذي دعا إلى برامج بحثية متعددة التخصصات ودورات أكاديمية لمنع العنف وإنشاء مراكز استشارية للضحايا.

وكتبت الصحافية الإيرانية، مينا إمامي، على منصّة "إكس": "لا يمكن توقع دعم للمرأة من برلمان وافق على قانون الحجاب القمعي. التنافر الوظيفي دليل على غياب الفهم الهيكلي لمسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي".

الفجوات القانونية تترك النساء معرضات للخطر

يواجه النظام القانوني في إيران انتقادات حادة؛ لاحتوائه على أحكام تمييزية ضد النساء، خاصة في قضايا القانون الجنائي والأسرة.

ويُعد القانون، الذي يعفي الآباء، الذين يمتلكون قانونيًا "حق الدم" في أبنائهم، من عقوبة الإعدام، إذا قتلوهم، أحد الأمثلة البارزة على ذلك، كما ينص قانون آخر على إمكانية تبرئة الأب لقاتل أبنائه بالسبب نفسه، إذا اختار ذلك.

وأدت هذه الأحكام إلى إصدار أحكام مخففة في العديد من قضايا "جرائم الشرف".

وفي قضية مأساوية وقعت خلال شهر فبراير (شباط) 2022، قُطع رأس مونا حيدري (17 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال، على يد زوجها في الأهواز، جنوب غرب إيران. وقد ساعد والد الضحية زوجها (وهو ابن عم له) في إعادة ابنته من تركيا؛ حيث كانت قد هربت بعد رفضها الطلاق. وتم تخفيف الحكم على الزوج الذي عرض رأسها المقطوع في الشارع بفخر، ليُحكم عليه بثماني سنوات ونيف في السجن.

وعلّقت الصحافية الإيرانية، سميرة راحي، على قتل فتاة تبلغ 18 عامًا، وتُدعى فاطمة سلطاني، على يد والدها مؤخرًا، قائلة: "غياب القوانين الرادعة، والفجوات القانونية، وهروب الأب من العقاب، يجعل العنف المنزلي جريمة بسيطة". وكانت الضحية قد كشفت عن خيانة والدها لأمها، وهي أيضًا ضحية عنف منزلي. ووفق القوانين الحالية، قد يواجه الأب حكمًا أقصاه عشر سنوات في السجن.

رحلة طويلة للمشروع المقترح

تعكس مدة الانتظار، التي استغرقت 14 عامًا لتقديم المشروع، الذي اقترحته في الأصل إدارة الرئيس الأسبق، محمود أحمدي نجاد، وقُدّم أخيرًا إلى البرلمان من قِبل حكومة روحاني في 2021، التوترات الأوسع بين الحفاظ على المعايير الثقافية والدينية وحماية حقوق المرأة.

وأبدى المرشد الإيراني، علي خامنئي، رأيه حول هذا الموضوع عام 2017؛ حيث أدان العنف ضد المرأة، لكنه حذر من أن المسؤولين يجب ألا يتبعوا القيم الغربية في مثل هذه القضايا. وضرب أحد الأمثلة قائلاً: "إن القول بتدخل الأب في زواج ابنته (بمنعه) لا يُعد عنفًا.. فلا ينبغي تعلّم ما هو العنف وما ليس كذلك من الغرب، بل فهمه من منطقنا العقلي وإيماننا الإسلامي".

وبحسب ما ذكره المقرر السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، جاويد رحمن، فإن مشروع القانون كان به عيوب كبيرة، رغم بعض الإجراءات الإيجابية. وشملت هذه العيوب غياب تعريفات شاملة لأنواع مختلفة من العنف، مثل العنف النفسي والاقتصادي، واستثناء الاغتصاب الزوجي والزواج المبكر.

كما حذر جاويد رحمن من بند يفرض فترة وساطة إلزامية في قضايا العنف الأسري، ما قد يعرّض الضحايا لخطر أكبر، قبل اتخاذ إجراء ضد المشتبه بهم.