وقد سلك أصغري مسارًا استثنائيًا من سجون النظام الإيراني إلى قاعة البرلمان الاتحادي الألماني؛ وهو مسار نقله من سجين سياسي في ثمانينيات القرن الماضي إلى أحد الوجوه الصاعدة في السياسة الألمانية.
وهذا الأكاديمي المتخصص في الابتكار والاقتصاد الرقمي لا يدرّس اليوم في الجامعات الألمانية مجالات اقتصاد الابتكار والنمو وريادة الأعمال فحسب، بل يُعدّ أيضًا، بصفته نائبًا في البرلمان الاتحادي، صوتًا جديدًا في الساحة السياسية الألمانية.
وقال أصغري، في مقابلة خاصة مع "إيران إنترناشيونال": "أنتمي إلى جيل دخل المشهد مع موجة ثورة 1979. كنت آنذاك طالبًا في المرحلة الثانوية وشاركت في التظاهرات، لكنني اليوم أرغب في الاعتذار من جيل الشباب وجيل (زد). ما حدث عام 1979 كان خطأً وطنيًا جسيمًا".
وأضاف بنبرة نقدية للماضي: "برأيي كان النظام السابق قابلًا للإصلاح، ولم نرَ الإنجازات الكبيرة لعهد البهلويين في مسار الحداثة. صحيح أن هناك نواقص، لكنها كانت قابلة للمعالجة".
وأشار أصغري إلى سنوات مطلع الثمانينيات قائلاً إنه اعتُقل عام 1983، بينما كان طالبًا في الفصل الأول الجامعي، وقضى عامين ونصف العام في السجن.
وخلال ما سُميّ بـ "الثورة الثقافية"، فُصل من الجامعة، وفقد عمليًا فرصة مواصلة دراسته في إيران، وهو ما أدى في نهاية المطاف لهجرته إلى ألمانيا.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، تستضيف ألمانيا نحو 144 ألف إيراني.
وأعلنت السلطات الألمانية، إلى جانب عدد من الإيرانيين المعارضين للنظام، في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن الإيرانيين المقيمين في ألمانيا يواجهون تصاعدًا في المضايقات من قِبل الأجهزة الأمنية الإيرانية.
أوروبا يجب أن تنتهج سياسة أكثر تشددًا تجاه طهران
واصل أصغري حديثه قائلاً إنه بعد وصوله إلى ألمانيا، فُتحت أمامه آفاق جديدة من خلال تعلّم اللغة الألمانية ومتابعة دراسته الجامعية.
وأوضح الفارق بين تجربته في إيران وألمانيا بالقول: "في إيران، إذا لم تكن منسجمًا مع السلطة، تُغلق كل الأبواب في وجهك حتى لو كنت موهوبًا. أما تجربتي في ألمانيا فتقول إن لون البشرة أو اسم العائلة أو كونك مهاجرًا لا أهمية له؛ إذا كنت كفؤًا وقادرًا، فالفرص متاحة أمامك".
وتطرق هذا النائب الألماني إلى السياسة الخارجية الأوروبية تجاه إيران، مضيفًا: "كان هناك في أوروبا تفاؤل بإمكانية أن يفتح الاتفاق النووي السابق (اتفاقية العمل الشاملة المشتركة 2015) فصلاً جديدًا في العلاقات بين الطرفين، لكن طهران لم تستغل هذه الفرصة".
وبحسب أصغري، فإن قمع انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، عقب مقتل مهسا (جينا) أميني، كان "خطأً جوهريًا".
وأكد، في إشارة إلى نهج السلطات الإيرانية في التعامل مع المحتجين وقمعهم، أن على الاتحاد الأوروبي وألمانيا دعم "الناشطين المدنيين السلميين"، واعتماد سياسات أكثر تشددًا تجاه طهران بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
تصاعد المضايقات والتجسس على الإيرانيين المعارضين في ألمانيا
شهدت العلاقات بين ألمانيا والنظام الإيراني، خلال احتجاجات عام 2022 وبعد الدعم العلني والمتواصل من برلين للمحتجين، مزيدًا من التدهور.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022، اتهمت وكالة فارس للأنباء، التابعة للحرس الثوري، السفارة الألمانية بالمسؤولية عن "إشعال" الاحتجاجات في إيران.
وجدير بالذكر أن ألمانيا قامت، إلى جانب فرنسا وبريطانيا، بتفعيل "آلية الزناد" لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، في نهاية سبتمبر (أيلول) من العام الجاري، وذلك عبر رسالة إلى مجلس الأمن.
وخلال حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، أُغلقت السفارة الألمانية في إيران مؤقتًا، ثم أُعيد فتحها لاحقًا مع تقليص عدد الموظفين وتقييد أنشطتها المعتادة.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية لـ "إيران إنترناشيونال"، في 2 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، إن إيران لا تصدر تأشيرات للدبلوماسيين والموظفين الألمان العاملين في سفارة بلادهم بطهران.