وخلال الأسابيع الماضية، شهدت هذه الأسواق موجة صعود حادة رافقتها سلسلة من الأرقام القياسية، لتفتح مسارًا جديدًا من الارتفاعات المتتالية.
وسجّل سعر العملة الذهبية الجديدة، يوم الاثنين 8 ديسمبر (كانون الأول) ارتفاعًا يفوق 2.5 في المائة مقارنة ببداية الأسبوع، لتصل إلى 132 مليونًا و300 ألف تومان. كما ارتفع سعر الدولار بالنسبة ذاتها تقريبًا قياسًا بيوم أمس الأول السبت.
وأما الجنيه الإسترليني، فصعد بنحو 3 في المائة خلال يومين ليتجاوز 166 ألفًا و700 تومان، فيما قفز اليورو بأكثر من 2.5 في المائة، متخطيًا 145 ألفًا و500 تومان.
هجوم إعلامي على حكومة بزشکیان
في تحوّل لافت، حمّلت وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري، ومنها وكالتا "فارس" و"تسنيم"، حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، مسؤولية القفزة الجديدة في سعر الدولار، وخرجت عن نهجها المعتاد بعدم الاعتراف بأسعار السوق الحرة، لتهاجم الحكومة على خلفية وصول "الدولار إلى 124 ألف تومان".
وكتبت وكالة "فارس"، يوم الاثنين 8 ديسمبر، أن قرار الحكومة بالسماح باستيراد السلع الأساسية دون تحويل العملة الأجنبية قد أدّى إلى "فوضى في السوق". وبحسب الوكالة، فإن لجوء المستوردين إلى شراء العملة من السوق الحرة لتأمين احتياجاتهم يرفع الضغط على الطلب، ومِن ثمّ يساهم في صعود سعر الدولار.
وأضافت أن "فتح باب الاستيراد بهذا الشكل يجعل خروج العملة من البلاد أمرًا سهلاً".
وأمّا "تسنيم"، فنشرت تقريرًا بعنوان "آثار خطأ استراتيجي في القفزة المتسارعة للدولار"، أشارت فيه إلى أنّ سوق العملات كانت تعاني أساسًا من الضغط نهاية العام والنقص في المعروض، قبل أن يدفع "تيار فكري مؤيد لتحرير سعر الصرف" نحو تمرير قرار "خاطئ" أرسل إشارات سلبية إلى السوق ورفع مستوى التوقعات التضخمية.
وبحسب الوكالة، فإن خطاب "قبول الأسعار الأعلى" و"ضرورة إجراء تعديلات سعرية" الصادر عن وزارة الاقتصاد ومنظمة التخطيط والميزانية في حكومة مسعود بزشکیان أسهم في تعزيز موجة الارتفاع الأخيرة.
ومثل وكالة "فارس"، تجاهلت "تسنيم" العوامل البنيوية العميقة للأزمة، واعتبرت قرار السماح بالاستيراد من دون انتقال عملة هو السبب الرئيس وراء القفزة الأخيرة في سعر الدولار.
لماذا لا تتدخل الحكومة كالسابق؟
يرى خبراء الاقتصاد أنّ من أبرز العوامل البنيوية التي تقف خلف الأزمة الارتفاع الكبير في معدّل نموّ السيولة.
وأوضح الصحافي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، آرش حسن نیا، في حديث لـ "إيران إنترناشيونال"، أنّ هذا العامل، إلى جانب تزايد عدم الاستقرار السياسي وتنامي التوقعات التضخمية، خلال الأسابيع الأخيرة، دفع رؤوس الأموال نحو سوقي الذهب والعملات، باعتبارهما ملاذًا احتياطيًا.
وأشار إلى أنّ المتعاملين في السوق يتساءلون بجدية عن سبب غياب تدخل الحكومة، على عكس السنوات الماضية حين كان البنك المركزي يضخ العملات الأجنبية للحدّ من الاضطرابات المؤقتة.
وبحسب قول حسن نیا، يبدو أنّ البنك المركزي اليوم لا يملك القدرة على التدخل ولا يستطيع ضخ ما يكفي من العملات الصعبة في السوق بسبب صعوبات شديدة في تأمينها.
وأضاف أن الشكوك القديمة المتعلقة بـ "رفع الدولة الأسعار عمدًا" في أواخر فصل الخريف لتأمين احتياجاتها من العملة تتكرر سنويًا، لكن لم يُقدَّم أي دليل يثبت هذه الاتهامات على الإطلاق.