وفي تقرير تحليلي، نُشر يوم الجمعة 25 يوليو (تموز)، في نشرة "ديسبج"، حذّر مدير السياسة الخارجية في مركز أبحاث معهد "جينسا" للأمن القومي الأميركي، جوناثان روه، من أن النظام الإيراني، رغم الأضرار التي لحقت به، لا يزال قادرًا على استئناف مسار الوصول إلى السلاح النووي، حتى من دون الحاجة العاجلة إلى تخصيب جديد.
وذكر جوناثان روه أنه رغم تضرر العديد من منشآت إيران، مثل مراكز تخصيب "نطنز" و"فوردو"، ومصنع المعادن المستخدم في إنتاج فلز اليورانيوم، وعدد من المختبرات المرتبطة بتصنيع السلاح، فإن مناجم اليورانيوم والمصانع الأساسية لـ "تحويل الحجر إلى الكعكة الصفراء" بقيت دون مساس.
ومن جهة أخرى، فإن العديد من مديري المشروع والعلماء البارزين إما قُتلوا أو لم يعودوا موجودين في الساحة. لكن البنى التحتية السرّية والموازية، التي أنشأها النظام الإيراني خلال العقدين الماضيين لا تزال تتيح استمرار الأنشطة النووية.
ويتعلق القلق الأكبر لدى الخبراء الغربيين بمصير نحو 10 قنابل معادلة من اليورانيوم عالي التخصيب (HEU). وبحسب مسؤولين إسرائيليين، فإن هذا الجزء من المهمة لم يكن مدرجًا في الخطة منذ البداية، وقد أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن تدمير مخزونات اليورانيوم لم يكن جزءًا من خطة الهجوم.
وفي الوقت نفسه، نُشرت تقارير عن نقل هذه المواد قبل بدء الهجمات الإسرائيلية؛ وهو أمر أشار إليه مسؤولون إيرانيون أيضًا. وقد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) أنها لا تستطيع تأكيد المخزون الكامل لليورانيوم الإيراني، وقد تحدّثت بعض المصادر عن احتمال تخزين جزء منه في موقع تحت الأرض يُعرف باسم "بيك-إكس"؛ وهو موقع لم يخضع بعد للتفتيش.
وقد حذّر روه من أن إيران، حتى مع عُشر مخزونها السابق، قادرة على إنتاج يورانيوم بنسبة تخصيب 90 في المائة- ما يعادل قنبلة واحدة- خلال بضعة أسابيع. وذكّر بأن إيران، حتى من دون منشآت كبيرة، مثل "فوردو" و"نطنز"، قادرة على استئناف التخصيب في أماكن أصغر، بما في ذلك مواقع سرية.
كما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تستطيع خلال بضعة أشهر إعادة تشغيل عدة مئات من أجهزة الطرد المركزي؛ وهو سيناريو يمكن أن يؤدي في حال تجاهله إلى عودة سريعة لطهران إلى العتبة التسليحية.
وعقب الهجمات الإسرائيلية والأميركية، أوقف النظام الإيراني جميع أوجه تعاونه الضعيف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقد اشترطت طهران عودة عمليات التفتيش بالاعتراف بـ "حقها في التخصيب"، وهو أمر لا يعقّد فقط مسار التفتيش، بل يعقّد أيضًا عملية التحقق من البرنامج الإيراني.
كما اتهم النظام الإيراني الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في بيان، بأنها أسهمت بشكل غير مباشر في هذه الهجمات عبر تعاونها مع إسرائيل وأميركا. وبحسب مدير السياسة الخارجية في مركز "جينسا"، فإن النظام الإيراني يسعى حاليًا إلى توظيف صورة "الضحية"؛ لصرف الأنظار عن برنامجه النووي، وتجنّب أي ضغوط عسكرية أو دبلوماسية جديدة.
وشدّد روه على أن هذه اللحظة هي التي ينبغي أن تُستخدم فيها المصداقية الجديدة، التي اكتسبتها الولايات المتحدة في مجال الردع. وأوصى بأن تقوم أميركا، بالتنسيق الوثيق مع إسرائيل ودول "الترويكا" الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، بجعل أي عودة إلى المفاوضات أو تعليق للضغوط، مشروطًا بالتزام كامل وغير مشروط من قًبل النظام الإيراني بتعهداته أمام الوكالة.
ويعتقد كاتب التقرير أن الأمن المستدام في المنطقة لا يمكن أن يتحقّق إلا من خلال التحقق الكامل وإزالة البرنامج النووي السري وغير القانوني للنظام الإيراني.