شركة "سيابرا"، وهي شركة لتحليل البيانات ومكافحة المعلومات المضللة مقرها في إسرائيل، نشرت تقريرًا أفادت فيه بأنها رصدت شبكة من الحسابات المزيفة كانت تنشط في النقاشات حول استقلال اسكتلندا والبريكسيت، وأكدت أن هذه الشبكة عادت إلى النشاط على وسائل التواصل بهوية جديدة بعد انقطاع دام 16 يومًا.
وبحسب التقرير، ففي 13 يونيو (حزيران)، بعد إحدى ضربات إسرائيل التي عطلت شبكة الكهرباء في بعض مناطق إيران، سكتت الشبكات المنسقة من الروبوتات فجأة ولم تنشر أي منشور لأكثر من أسبوعين.
وعندما عادت الأمور إلى طبيعتها، نشطت نفس الشبكة المزيفة مجددًا مستخدمة نفس الشخصيات والسلوكيات، ولكن بمهمة جديدة.
بحسب التقرير، فإن النشاط الجديد لمئات الحسابات المزيفة يركّز على "مقاومة الشعب الإيراني للهيمنة الغربية، ودعم الحركات التحررية في المنطقة، والنفاق في السياسة الخارجية لأميركا مقابل شفافية نظام إيران، وتبرير هجمات النظام الإيراني على إسرائيل".
يقول محللو الشركة إن هذا الانقطاع المنسّق، ومن بعده العودة المنسقة وتغيير الرسائل بشكل مفاجئ، لا يترك مجالًا للشك في أن هذه العملية مدعومة من النظام الإيراني.
بعد أربعة أيام فقط من انتهاء الحرب بين إيران وإسرائيل، أفادت وسائل إعلام بريطانية أن عشرات الحسابات على مواقع التواصل التي كانت تروّج لانفصال اسكتلندا عن بريطانيا توقفت جميعها عن النشاط في اليوم الذي شنت فيه إسرائيل هجومًا على البنية التحتية السيبرانية للنظام الإيراني.
وبحسب هذه التقارير، فإن هذه الحسابات نشرت أكثر من 250 ألف منشور على وسائل التواصل الاجتماعي دفاعًا عن استقلال اسكتلندا.
كيف تعمل حملة الجيش السيبراني للنظام الإيراني؟
تقول شركة "سيابرا" الآن إنها حدّدت هذه الشبكة من خلال تحليل "مجموعات التفاعل، والأنماط اللغوية، والانحرافات السلوكية"، ووجدت أنه من بين 5083 حسابًا شاركت في نقاشات استقلال اسكتلندا على شبكة "X"، كان 26 في المائة منها مزيفًا، وقد توقفت تمامًا عن النشاط خلال انقطاع إيران الذي دام 16 يومًا.
وكتب التقرير عن أداء شبكة الروبوتات المدعومة من النظام الإيراني: "كانت هذه الحسابات المزيفة تعمل كمجموعة معززة ذاتيًا؛ أي أن كل الحسابات كانت تدعم منشورات بعضها البعض لخلق نوع من الإجماع الشعبي الزائف. كما كانت تحاول تصعيد الرسائل المثيرة للانقسام في الخطاب السياسي البريطاني وتقديم إيران كنموذج للوحدة والمقاومة".
بعض الأمثلة من المنشورات التي نُشرت في التقرير تُظهر أن الحسابات المزيفة التي تم تحديدها لا تزال تدّعي أنها لمستخدمين من اسكتلندا، لكن محتواها يتماشى مع أيديولوجيا النظام الإيراني ويروّج لخطاب "المقاومة".
كتب أحد هؤلاء المستخدمين: "إيران، فقط من خلال الوحدة الوطنية، أجبرت أميركا وإسرائيل على التوسل لوقف إطلاق النار. هذه هي دروس الحكم الذاتي. أليس الوقت قد حان لنسلك نحن أيضًا هذا الطريق للتحرر من الملكية العتيقة في بريطانيا؟"
منشور آخر كرر المفهوم نفسه باستخدام كلمات مشابهة: "شعب إيران انتصر من خلال الوحدة والمقاومة ضد قوتين نوويتين عظيمتين. لماذا لا نتّبع نحن مثالهم لنيل الاستقلال من التاج البريطاني؟"
وقد أكدت قناة "إيران إنترناشيونال" من خلال مراجعة عدد من الحسابات المذكورة في تقرير سيابرا، أن كثيرًا من هذه الحسابات كانت صامتة ولم تنشر أي محتوى في الفترة من 13 إلى 24 يونيو (حزيران).
ملاحظة أخرى تتعلق بنمط نشر هذه الحسابات، إذ أن معظمها تنشر بين ثلاث إلى خمس منشورات في اليوم بفاصل دقائق بينها أو ترد على منشورات أخرى، ولا تنشط مجددًا حتى اليوم التالي.
صحيفة "ديلي ميل" نشرت تقريرًا عن نشاطات الجيش السيبراني للنظام الإيراني، ووصفت حملة "زرع الانقسام في بريطانيا" بأنها من أكبر الحملات من نوعها.
وبحسب تقرير "سيابرا"، فقد كتبت الحسابات المزيفة أكثر من 3000 منشور حول السياسة البريطانية، وتمت مشاهدة هذه المنشورات من قبل 224 مليون مستخدم.
هل هذه فقط قمة جبل الجليد؟
صحيفة "ديلي ميل"، نقلًا عن "قادة عسكريين"، حذرت من أن مصنع إنتاج الروبوتات قد يكون مؤشرًا على مشروع أكبر تشارك فيه روسيا، المعروفة بأنها "متخصصة في أساليب نشر المعلومات المضللة".
الجنرال فيليب إنغرام، الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية البريطانية، قال في حديث للصحيفة إن "التهديد الذي تم اكتشافه خطير للغاية"، وأضاف: "أعتقد أن روسيا نسّقت جزءًا كبيرًا من هذا المشروع. وقد يكون ذلك مؤشرًا على أن روسيا شاركت بشكل واسع في التخطيط بين إيران وحزب الله وحماس، وربما حتى في هجوم حماس على إسرائيل".
أما هاميش دي بريتون-غوردون، القائد السابق في الجيش البريطاني، فقد وصف هذه الحملة بأنها مثال كلاسيكي على نشر المعلومات المضللة من قبل الروس، "وهو شيء نعرفه تمامًا".