ورغم أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، وصفت الحرب بـ "النصر الكامل"، فإن الخبراء يرون أن تأثيرها على البرنامج النووي للنظام الإيراني لا يزال محل شك.
وفي الأيام الماضية، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، في حوارات مع وسائل إعلام أميركية، إلى إمكانية شن هجمات جديدة. ومع ذلك، تختلف التقييمات حول حجم الأضرار الفعلية، التي لحقت بالبنية التحتية النووية الإيرانية.
وحذر بعض المحللين الاستخباراتيين من أن عودة إيران إلى مسار برنامجها النووي ستكون ممكنة، إذا اتخذ المرشد علي خامنئي قرارًا بذلك، خاصة إذا تخلى عن فتواه السابقة التي تحظر تصنيع الأسلحة النووية.
ووفقًا لتقييمات الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، فإن هناك عاملين رئيسين يثيران قلق تل أبيب في الوقت الحالي: احتمال محاولة النظام الإيراني استعادة 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، التي يُعتقد أنها نجت من الهجمات، وكذلك إحياء الأجزاء الأخرى من برنامجها الصاروخي والنووي.
ووفقًا لصحيفة "هاآرتس"، فإن هجومًا جديدًا على إيران قد يكون مفيدًا للحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو لأسباب داخلية، بما في ذلك تقليل الضغط من الأحزاب الدينية المتشددة في إسرائيل لتمرير قانون إعفاء طلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية، والذي تحول إلى تحدٍ كبير للائتلاف الحاكم في الأسابيع الأخيرة.
ويقول مسؤولون دفاعيون إسرائيليون إن الهجمات الأخيرة لم تضعف النظام في طهران فقط، بسبب اغتيال مسؤولين كبار، بل أيضًا بسبب الكشف عن ضعف واضح في أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية؛ حيث اخترقت طائرات مقاتلة إسرائيلية الأجواء الإيرانية في وضح النهار، خلال هذه الهجمات، وقصفت العاصمة طهران، دون أن تُظهر الأنظمة الدفاعية الإيرانية رد فعل فعّالاً.
ورغم أن مواقف النظام الإيراني الرسمية لم تتغير حتى الآن، فإن بعض الأوساط الاستخباراتية يعتقد أن تداعيات الهجمات واغتيال القائمين على البرنامج النووي قد تغيّر حسابات المرشد الإيراني، وتدفع طهران نحو تطوير أسلحة نووية، وهو إجراء قد يُعتبر، وفقًا للمحللين، أكثر أهمية من أي وقت مضى لبقاء النظام.
فيما لا تزال الأجواء السياسية في إسرائيل تحت تأثير تداعيات الحرب مع النظام الإيراني، بدأت أزمة جديدة في مجال الميزانية الدفاعية الإسرائيلية.
ووفقًا لصحيفة "هاآرتس"، فقد كلفت الجولة الأولى من الحرب مع إيران الحكومة الإسرائيلية 20 مليار شيكل (نحو 6 مليارات دولار)، كما أضافت العمليات الأخيرة في غزة، التي تحمل اسم "عربات جدعون"، 35 مليار شيكل إضافية إلى الميزانية العسكرية.
وفي بداية العام، توقعت وزارتا المالية والدفاع الإسرائيليتان أن الحرب في غزة ولبنان ستخمد قريبًا، وأن احتمال نشوب نزاع واسع مع النظام الإيراني ضعيف. كما كان يُعتقد أن مدة الخدمة العسكرية الإلزامية ستُمدد من سنتين وثمانية أشهر إلى ثلاث سنوات.
ولكن مع توسع العمليات العسكرية وعدم إقرار قانون تمديد الخدمة العسكرية، اضطر الجيش إلى استخدام الجنود الإلزاميين كقوات احتياط، وهو إجراء مكلف أثار استياء وزارة الدفاع.
وأفاد تقرير "هاآرتس" بأنه يتم الآن إدارة نظام الدفاع الصاروخي "السهم" بشكل اقتصادي ومحدود، كما تم إيقاف أو تأخير خطط شراء طائرات مُسيّرة وصواريخ جو-جو ودبابات ومركبات مدرعة. وفي الوقت نفسه، تم إخراج العشرات من الدبابات من الخدمة بسبب الحاجة إلى استبدال محركاتها، وأصبحت إعادة تزويد الذخائر والوقود أولوية للجيش.
ولم يتوصل وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضًا منصب "وزير تابع لوزارة الدفاع" وله مكتب في الطابق الخامس عشر بوزارة الدفاع، إلى اتفاق مع وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، الذي يقع مكتبه في الطابق الأدنى. وتقول مصادر عسكرية إن وزارة المالية تمنع إقرار نفقات يعتبرها الجيش "حيوية".
وفي هذا السياق، يتشكل جدل جديد داخل الحكومة الإسرائيلية: نظرًا للنجاحات العسكرية الأخيرة ضد النظام الإيراني وحزب الله، يرى البعض أن التهديدات قد تراجعت، ولا حاجة لزيادة المخزونات العسكرية. ومع ذلك، وفقًا لـ "هاآرتس"، فإن هذا الرأي يتعارض مع موقف وزير المالية الذي يطالب بـ "نصر كامل" في جميع الجبهات واحتلال دائم لغزة.
ومع توقع عقد اجتماع جديد بين رئيس الوزراء ووزارتي الدفاع والمالية قريبًا، حذرت مصادر في الجيش الإسرائيلي من أن أي تأخير في توفير الموارد قد يؤثر على الجاهزية العسكرية للبلاد، في حال اندلاع جولة ثانية محتملة من الحرب مع النظام الإيراني.