وأوضحت محمدي، التي بعثت برسالتها من منزلها في طهران إلى شبكة "ABC News" الأميركية، أن موجة الاعتقالات الواسعة وتزايد الإعدامات بعد الحرب تؤكّد أن النظام الإيراني يُصعّد القمع بهدف "نشر الرعب والخوف" داخل المجتمع.
وأضافت: "نشهد اليوم تصعيدًا للحرب بين النظام الإيراني وشعب إيران؛ حربٌ مستمرّة منذ 46 عامًا". وردًا على ادّعاء مسؤولي النظام الإيراني بـ "الانتصار" في الحرب الأخيرة، قالت: "أنا لا أُصدّق ذلك ببساطة. الحرب تُضعف أدوات الوصول إلى حقوق الإنسان والديمقراطية، مثل المجتمع المدني".
وجدير بالذكر أن نرجس محمدي، التي تقضي حكمًا بالسجن مدّته 13 عامًا و9 أشهر في سجن "إيفين" بطهران، تقيم حاليًا في إجازة طبية ضرورية بمنزلها، لكنها ترفض العودة إلى السجن، رغم صدور أمر بإعادتها.
وكان تقرير قد ذكر أن الهجوم الصاروخي الإسرائيلي على سجن "إيفين" بطهران، والذي وقع في 23 يونيو (حزيران) الماضي، وخلّف بحسب المتحدث باسم السلطة القضائية للنظام الإيراني 71 قتيلاً، أثار مخاوف واسعة بشأن مصير السجناء السياسيين، من بينهم كتّاب وناشطون في مجال حقوق الإنسان.
وأعلنت إسرائيل أن مراكز القمع التابعة للنظام، ومنها سجن "إيفين"، كانت من بين أهداف الضربة. وقالت محمدي، التي كانت في إجازة طبية عند وقوع الهجوم، لـ"ABC News": "بعد هذا الهجوم، أصبح الوضع داخل السجن أمنيًا للغاية، ونُقلت السجينات بحضور قوات مسلحة وقناصة، وبأصفاد وسلاسل للأقدام".
كما كشفت عن عمليات نقل واسعة للسجناء إلى سجون أخرى، ووصفت الوضع في سجنَي "قرشك" و"طهران الكبرى" بأنه "مقلق للغاية". وقالت إن هؤلاء المعتقلين، الذين يُشار إليهم بـ "الموقوفين المتأثرين بالحرب"، يواجهون الآن "قمعًا شديدًا".
ونقلت مصادر مقربة من عائلات السجناء السياسيين للشبكة الأميركية أن الوضع في سجن "قرشك"، جنوب طهران، "يشبه التعذيب"، وسط نقص في الغذاء ومياه الشرب، واكتظاظ حاد، وانعدام الرعاية الصحية، وغياب تام للخدمات الأساسية.
وكانت السجينات الثلاث: كلرخ إيرائي، ريحانة أنصاري، ووريشه مرادي، قد أصدرن بيانًا من داخل سجن "قرشك" قلن فيه: "معاناتنا اليوم لا تقلّ عن المعاناة التي فرضَت على شعب إيران".
وخلال حديثها لـ "ABC News"، دعت نرجس محمدي المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التحرك العاجل إزاء موجة القمع الجديدة في إيران. وأكدت أن "الوضع أصبح أخطر مما كان عليه قبل الحرب. ينبغي توسيع الأنشطة الحقوقية"، معربة عن أملها "أن تولي الهيئات الدولية اهتمامًا خاصًا لحالات الاعتقال، والتعذيب، والاعترافات القسرية، والإعدامات".
وحذّرت محمدي من أن "الأدلة الواضحة والتقارير المتعددة" تشير إلى أن قمع المجتمع المدني، خصوصًا ضد الشباب والنشطاء، سيتصاعد خلال الأيام المقبلة.
وفي ختام رسالتها، وصفت نرجس محمدي النظام الإيراني بأنه "نظام قمعي، ديني، غير قابل للإصلاح، وعاجز"، وجددت رفضها لأي حرب، قائلة: "أُريد نهاية النظام الإيراني، لكنني أرفض الحرب، لأنها تُضعف الشعب الإيراني والمجتمع المدني والنشطاء الديمقراطيين".
وأضافت: "لقد ناضلنا لعقود من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة. وبرغم القمع والسجن والإعدام والتعذيب، لم نتراجع أبدًا. وسنواصل النضال حتى يتحقق الحلم بالديمقراطية".
وأوضح فريق الدعم التابع لـ "محمدي" أن عناصر استخبارات النظام تواصلوا معها مرارًا في الأيام الماضية، للضغط عليها من أجل العودة إلى السجن، كما جرى استدعاء وتهديد عائلتها وأصدقائها أيضًا.
وكشف الفريق أن السلطات المالية للنظام الإيراني أصدرت أمرًا رسميًا بمصادرة قيمة جائزة نوبل للسلام الخاصة بمحمدي، والتي تبلغ نحو 17 مليار تومان، أي نحو 400 ألف دولار؛ وهي خطوة سبق للنظام أن اتخذها عام 2009 بحق شيرين عبادي أيضًا.