أمين عام الأمم المتحدة يطالب إيران وإسرائيل بالعودة للدبلوماسية وتفادي اندلاع حرب أوسع

في تقرير رسمي إلى مجلس الأمن، حذر أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، من تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، ودعا إلى العودة الفورية إلى المسار الدبلوماسي، مطالبًا جميع الأطراف بممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" لتفادي اندلاع حرب أوسع.
وفي هذا التقرير الذي نُشر بعنوان "التقرير التاسع عشر بشأن تنفيذ القرار 2231"، استعرض غوتيريش آخر المستجدات بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الصادر عام 2015 عقب التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران (خطة العمل الشاملة المشتركة)، محذرًا من أن الاتفاق يواجه خطر الانهيار الكامل.
وأشار التقرير إلى أن العديد من البنود الأساسية في القرار 2231 ستنتهي بعد أقل من أربعة أشهر، بينما لم تتحقق الأهداف والمضامين الجوهرية للاتفاق حتى الآن.
وأعرب الأمين العام عن أسفه لمقتل المدنيين وتدمير المنازل والبنى التحتية الحيوية في إيران وإسرائيل، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار وتجنب تدويل الصراع.
الدبلوماسية في ظل الحرب
وتطرق التقرير إلى خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة عمان، لافتًا إلى أن القضايا الجوهرية لا تزال عالقة دون حل.
ودعا غوتيريش جميع الأطراف إلى مضاعفة جهودها لمنع المزيد من التصعيد، والتوصل إلى حل دبلوماسي "يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني".
الرسائل والمواقف الدبلوماسية
تضمّن التقرير إشارات إلى مراسلات دبلوماسية بين الممثلين الدائمين في مجلس الأمن.
فقد أرسلت الصين وروسيا وإيران رسالة مشتركة بتاريخ 17 مارس (آذار) 2025 أكدت فيها أهمية تنفيذ القرار 2231 والامتناع عن الأعمال التصعيدية.
كما قدمت الصين، في رسالة منفصلة، خطة من خمس مراحل لحل الأزمة النووية، تضمنت الدعوة لحل النزاعات سلميًا، وضمان الاستخدام السلمي للطاقة النووية، والعودة التدريجية إلى الالتزامات المتبادلة.
في المقابل، اتهم ممثلو فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في رسالة مؤرخة في 9 يونيو (حزيران) الجاري إيران بـ"الانتهاك الواسع" لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي و"الخروج المتكرر" على معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT).
وأكدت الدول الثلاث أن البرنامج النووي الإيراني تجاوز بشكل كبير قيود الاتفاق، ما يجعله "تهديدًا واضحًا للسلام والأمن الدوليين".
وردًا على ذلك، أرسلت إيران في 11 يونيو (حزيران) رسالة نفت فيها الاتهامات الأوروبية، ووصفتها بـ"الادعاءات التي لا أساس لها"، مؤكدة أن إجراءاتها النووية جاءت ردًا على "انسحاب الولايات المتحدة غير القانوني من الاتفاق" وفشل الأوروبيين في الوفاء بالتزاماتهم.
كما حذّر المندوب الإيراني من أن طهران قد تبدأ إجراءات الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا تم تفعيل آلية الزناد (Snapback).
أما روسيا، فقد أعربت في رسالة منفصلة عن دعمها لموقف إيران، واتهمت الدول الأوروبية بـ"تجاهل السبب الجذري للأزمة، أي انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق عام 2018".
تراكم اليورانيوم ووقف الرقابة
ونقل غوتيريش عن تقرير حديث للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الوكالة لم تتمكن من التحقق الكامل من البرنامج النووي الإيراني منذ فبراير (شباط) 2021.
وقدّر أن إيران تمتلك الآن أكثر من 9,240 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب، وهو ما يعادل 45 ضعف الحد المسموح به في الاتفاق النووي.
من هذه الكمية، يوجد حوالي 335 كيلوغرامًا مخصبًا بنسبة 20%، وأكثر من 410 كيلوغرامات مخصبة بنسبة 60%، وهو مستوى وصفته الوكالة بـ"المثير للقلق الشديد" نظرًا لإمكانية الوصول بسرعة إلى مستوى التخصيب المستخدم في صنع الأسلحة النووية.
آفاق قاتمة
وفي ختام تقريره، شدد غوتيريش على ضرورة عودة جميع الأطراف إلى المسار الدبلوماسي، معلنًا استعداد الأمم المتحدة لدعم حل سلمي للأزمة.
وحذّر من أن اقتراب تاريخ 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وانتهاء الإطار القانوني للاتفاق النووي، يعني أن العالم قد يواجه أزمة أعمق إذا لم تُتخذ قرارات سياسية حاسمة.