محللون لـ "إيران ‌إنترناشيونال": لا يمكن إجبار نظام طهران على التراجع دون تحرك عسكري حاسم

تحدث محللون سياسيون لـ "إيران ‌إنترناشيونال"، عن الهجوم، الذي شنته الولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية، فجر الأحد 22 يونيو (حزيران)، مؤكدين أنه لا يمكن إجبار نظام طهران على التراجع، دون تحرك عسكري حاسم، ولم يعد أمامه إلا الاستسلام الكامل أو "الانتحار سياسيًا وعسكريًا".

تحدث محللون سياسيون لـ "إيران ‌إنترناشيونال"، عن الهجوم، الذي شنته الولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية، فجر الأحد 22 يونيو (حزيران)، مؤكدين أنه لا يمكن إجبار نظام طهران على التراجع، دون تحرك عسكري حاسم، ولم يعد أمامه إلا الاستسلام الكامل أو "الانتحار سياسيًا وعسكريًا".

وقال الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، حسين آقايي، تعليقًا على الهجمات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، إنه "دون تحرك عسكري حاسم، لا يمكن إجبار النظام الإيراني على التراجع". وأضاف: "نحن الآن أمام نقطة تحوّل تاريخية، بعد التدمير المحتمل لمنشآت رئيسة مثل نطنز، وفوردو، وأصفهان".

وأوضح آقايي أنه في حال دُمرت منشأة فردو بالكامل، فإن ذلك يعني انهيار القدرة الإيرانية على تخصيب اليورانيوم، إذ إن "هذا المركز كان يُستخدم لتخزين الجزء الأكبر من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة".

ويرى آقايي أن الولايات المتحدة، من خلال مشاركتها في الهجوم على "فردو"، طبّقت نموذج "نزع السلاح على إيران قبل الاستسلام". وبحسب قوله، فإن أمام طهران الآن خيارين فقط: إما الاستسلام الكامل، أو التوجه نحو خيارات تُعدّ جميعها "انتحارًا سياسيًا وعسكريًا".

ووجّه آقايي تحذيرًا من احتمال لجوء النظام الإيراني إلى ردود انتقامية، منها: مهاجمة القوات أو القواعد الأميركية، وتصعيد الهجمات على إسرائيل، واستهداف دول عربية، مثل الإمارات والسعودية، بالصواريخ أو المُسيّرات، وإغلاق مضيق هرمز، أو حتى تنفيذ عمليات إرهابية داخل أوروبا. لكنه اعتبر أن "أخطر خيار بالنسبة للنظام الإيراني هو أن يكون الهدف التالي هو علي خامنئي نفسه".

وختم آقايي بالقول إن الأهداف الأولية لإسرائيل من عملية "صعود الأسد" كانت "القضاء على التهديد النووي، والتهديد الصاروخي، وتهديد الإرهاب الصادر عن إيران". ولفت إلى أن "إسرائيل ربما نجحت إلى حد بعيد في الهدفين الأول والثاني، لكن الهدف الثالث، وهو القضاء على القدرات الإرهابية للنظام، يتجاوز العمليات العسكرية الموضعية، ويعني انهيار النظام الحاكم برمّته في إيران".

لا توجد رؤية للانتصار في هذه الحرب داخل إيران
قال الخبير البارز في مجال الجو فضاء، آدرين فضائلي، في تصريح لـ "إيران ‌إنترناشيونال": "إن الوضع يتجه نحو تصعيد التوتر. في الحرب العالمية الثانية، عندما تقدّمت القوات السوفيتية من الشمال والقوات البريطانية من الجنوب باتجاه إيران، ورغم أن إيران كانت دولة محايدة، قرر رضا شاه الكبير الاستسلام رغم قدرته على المقاومة، لأنه كان يعلم أن هذه الحرب لا منتصر فيها، واستمرارها سيؤدي إلى تدمير البنية التحتية، مثل سكك الحديد والمستشفيات والجامعات، التي كانت حديثة التأسيس. وبهذا القرار، أنقذ إيران".

وأضاف: "حدث أمر مشابه في فرنسا. عندما انهار الهيكل الدفاعي الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية، انسحبوا وسلّموا البلاد لألمانيا، لأنهم كانوا يعلمون أن استمرار الحرب سيقود إلى الدمار الكامل لفرنسا. واليوم، في إيران، لا توجد أي آفاق للانتصار في هذه الحرب".

وشدّد فضائلي على أنه، منذ الغزو المغولي وحتى اليوم، لم يسبق في تاريخ إيران أن تعرّضت العاصمة لهجوم خلال أقل من نصف يوم. واستمرار هذه الحرب، على حد قوله، لن يؤدي إلا إلى تدمير شامل لكل البنى التحتية التي أُنشئت خلال عقود طويلة وباستثمارات بمليارات الدولارات، وفي النهاية ستفضي إلى تفكك جغرافي لإيران.

وقال: "الطرف الخاسر في أي حرب، من الأفضل له أن ينسحب في وقت مبكر، بدلاً من أن يفقد كل ثرواته الوطنية. فبعد انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية، أقدم النظام على إعدام أو قتل أو نفي العديد من الطيارين والضباط الوطنيين والنخب العسكرية. واليوم، للأسف، لم يتبقَ في الجيش الإيراني قوة نخبوية قادرة على إدارة هذه الحرب".

واختتم فضائلي تصريحه بالقول إن جميع الضباط والطيارين الذين نفذوا العمليات الكبرى في حرب العراق، إما أُجبروا على التقاعد القسري، أو نُفوا إلى الخارج، أو لقوا مصرعهم في حوادث مشبوهة، أو يقبعون حاليًا في السجون.

تهديدات وتصريحات المسؤولين الإيرانيين لا تمتلك قدرة التنفيذ
علق الدبلوماسي الإيراني السابق والمحلل في الشؤون الدولية، حسين علي زاده، على ردود مسؤولي النظام الإيراني على الهجوم الأميركي على المنشآت النووية، قائلاً: "إن التهديدات والتصريحات التي يطلقها مسؤولو النظام ما هي إلا ادعاءات تفتقر إلى القدرة على التنفيذ. على سبيل المثال، أعلنوا أنهم سيردّون بالمثل، وهو ما يعني ضمنًا الانسحاب الفوري من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، لكن لم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي بهذا الخصوص".

وأضاف: "أذكّر أن هذا الهجوم العسكري الأميركي وقع في 21 يونيو. في هذا التاريخ نفسه من عام 1998، خاض المنتخب الإيراني لكرة القدم مباراة ضد نظيره الأميركي وفاز عليه"

وتابع: "في تلك الليلة، نشر علي خامنئي رسالة قال فيها: لقد تذوّق الخصم المتكبر والقوي مرارة الهزيمة على أيديكم مرة أخرى هذا المساء. افرحوا لأنكم أسعدتم الشعب الإيراني.. أما الآن، وبعد 27 عامًا، وفي اليوم نفسه، نفّذت الولايات المتحدة عملية عسكرية دمّرت في غضون ساعات ما لا يقل عن تريليوني دولار من الاستثمارات في المشروع النووي للنظام الإيراني".

وأشار علي زاده إلى عُزلة النظام الإيراني، قائلاً: "إن أيًّا من زعماء العالم لم يقف إلى جانب نظام طهران، الذي يخوض هذه الحرب في عزلة تامة ودون امتلاك أدوات المواجهة".

وتابع: "لا يمكن أن نتوقّع الواقعية من مرشد يصف نفسه بـ (الحكيم)، بينما هو مختبئ في مخبأ سري، ويدّعي أن الأوضاع في البلاد طبيعية، في وقتٍ يغادر فيه الناس المدن، وتنهار حياتهم، وأجهزة الصرّاف الآلي لا تعمل، والهجمات الإلكترونية والعسكرية لا تزال مستمرة".

وختم هذا الدبلوماسي السابق بالقول: "طالما أن زمام الأمور في يد علي خامنئي، لا يمكن توقّع أي تغيير في سلوك النظام؛ لأن الاعتراف بالهزيمة يتطلب شجاعة، وخامنئي يفتقر إليها. إنه لا يزال غارقًا في أوهامه".

ردّ محدود بعد الضربة الأميركية
قال المحلّل السياسي، جابر رجبي، في تصريح لـ "إيران ‌إنترناشيونال": "لو أن طهران أنفقت المليارات التي خصّصتها لبرنامجها النووي- الذي دُمّر الآن- في تنمية البلاد، لكانت قد وصلت إلى قوة وردع حقيقيين".

وأضاف أن "الورقة الرئيسة لإيران كانت برنامجها النووي، وقد تم القضاء عليه، تمامًا كما ضاعت مئات المليارات التي أُنفقت على الميليشيات والوكلاء الإقليميين الذين فُرض عليهم أن يدافعوا عنها في مواقف كهذه، لكنهم الآن فقدوا فاعليتهم".

وبحسب رجبي، فإنه من المحتمل أن تسعى إيران إلى ردّ محدود بعد الهجوم الأميركي على منشآتها النووية، بهدف زيادة الضغط على إسرائيل. لكنه حذر من أن النظام قد يدّعي لاحقًا أنه يمتلك كمية من اليورانيوم المخصب ويعتزم تحويلها إلى سلاح نووي، وهو ما "قد يمهّد لتشكيل تحالف عالمي ضدّه".

وأضاف: "حتى إذا بقي علي خامنئي على قيد الحياة واحتفظ شكليًا بالسلطة، فإن البنية التي أسّسها، والمتمثلة في البرنامج النووي وشبكة الوكلاء الإقليميين، قد انهارت الآن". وأكد: "سواء استسلم خامنئي أم لم يفعل، وسواء بقي حيًا أم لا، فإن العالم دخل فعليًا عصر ما بعد خامنئي".

كما أشار إلى أن قادة القوات المسلحة الإيرانية، بما في ذلك الحرس الثوري، قد أصيبوا بـ "الذعر"، بعد الهجمات الإسرائيلية. واعتبر أن هذا الخوف المتفشّي بين القادة والأجهزة الأمنية هو "مؤشّر على انهيار نفسي" و"تآكل في الثقة بالبنية الدفاعية" للنظام.

وشدّد رجبي، في ختام تصريحه، على أن "القيادات المتبقية في النظام، إذا كانت تفكر فعلاً بمستقبل إيران، فعليها أن تتحلى بالشجاعة للاعتراف بالخطأ وأن تسلك طريق السلام؛ لأن الاستمرار في هذا الطريق لا يجلب أي انتصار، بل يُعرّض الأجيال القادمة للخطر".