"واشنطن بوست" و"نيويورك بوست" تحذران ترامب من "اتفاق هش وضعيف" مع إيران
نشرت صحيفتا "واشنطن بوست" و"نيويورك بوست" الأميركيتان، افتتاحيتين تناولتا مسار المفاوضات بين إدارة دونالد ترامب والنظام الإيراني، محذرتين من مخاطر التسرع في إبرام "اتفاق هش وضعيف" مع طهران.
وأعربت هيئتا التحرير في الصحيفتين، أمس الخميس 1 مايو (أيار)، عن دعمهما للمفاوضات، شريطة أن تؤدي إلى اتفاق أفضل من الاتفاق النووي السابق عام 2015.
"نيويورك بوست": اتفاق سيئ مع طهران أسوأ من عدم الاتفاق أصلاً
كتبت هيئة تحرير "نيويورك بوست" أن "الوقت عامل حاسم في كبح الطموحات النووية لإيران؛ فكل يوم تأخير يُقرّب النظام خطوة نحو نقطة الانفلات النووي".
وأضافت: "من هنا، فإن المهمة الأساسية للرئيس ترامب هي السعي بقوة نحو اتفاق يخدم فعلاً مصالح السياسة الخارجية الأميركية، ويضمن أن النظام الإيراني لن يحصل على سلاح نووي أبدًا، وليس مجرد ورقة تفاهم يلوّح بها باعتبارها إنجازًا تاريخيًا، كما فعل الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، مع اتفاق 2015 الكارثي".
وانتقدت الصحيفة فكرة أن "الضغط الأقصى" على إيران يؤدي إلى الحرب، ووصفتها بأنها مغالطة شائعة روّج لها أوباما. واعتبرت أن "خنق إيران اقتصاديًا، وتصعيد العقوبات، واستهداف وكلاء إيران العسكريين هو ما يردع طهران، لا العكس".
وأضافت أن "سلوك إيران المتحفّظ نسبيًا خلال فترة ترامب الأولى يثبت فاعلية هذه المقاربة، مقارنةً بالموجة الإرهابية، التي انطلقت بعد وصول جو بايدن للبيت الأبيض".
وذكّرت الصحيفة بأن ترامب انسحب من الاتفاق النووي، واغتال قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، دون أن تنفذ طهران تهديداتها، رغم خطابها التصعيدي.
لكنها تساءلت بقلق عن سبب انخراط فريق ترامب حاليًا في مفاوضات غير مشروطة، مشيرة إلى أن ذلك يعطي طهران إشارات خاطئة، كما انتقدت تعيين ستيف ويتكوف مبعوثًا أميركيًا، واصفة إياه بأنه رجل أعمال ناجح، لكنه لا يمتلك أي خبرة في الملفات النووية أو الدبلوماسية المعقدة، مما قد يفتح المجال لطهران لتكرار أسلوب الخداع، الذي نجح مع إدارة أوباما.
"واشنطن بوست": على ترامب إثبات أن بوسعه التوصل لاتفاق أفضل من اتفاق 2015
رأت صحيفة "واشنطن بوست"، في افتتاحيتها، أن التصعيد الخطابي بين ترامب وطهران قبل شهرين، حين هدد ترامب بقصف إيران "بمستوى لم تره من قبل"، تراجع لصالح خطاب أكثر هدوءًا، ووصفت ذلك بأنه "مؤشر مشجّع على التحول من التهديد إلى الحوار".
وأشارت إلى أن ثلاث جولات من المفاوضات غير المباشرة جرت في عُمان وروما، وركزت فقط على الملف النووي، دون التطرق إلى صواريخ إيران أو دعمها لميليشياتها الإقليمية.
وأكدت أن اتفاق 2015 لم يكن مثاليًا، لكنه فرض قيودًا حقيقية على البرنامج النووي الإيراني، ومنها:
- السماح بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3.67 في المائة.
- خفض عدد أجهزة الطرد المركزي من 19 ألفًا إلى 6 آلاف.
- إخضاع المواقع النووية لعمليات تفتيش مفاجئة من قِبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
- تمديد "زمن الاختراق النووي" من شهرين إلى أكثر من عام.
ومقابل ذلك، أُفرج عن أموال إيران المجمدة، ورفع العقوبات الدولية، ما أثار انتقادات بأن طهران استخدمت هذه الأموال لدعم عملياتها في لبنان وغزة واليمن.
ورأت الصحيفة أن الاتفاق لم يعالج تطوير الصواريخ الباليستية، التي أصبحت إيران تملك أحد أكبر ترساناتها في المنطقة، واستخدمت منها نحو 300 صاروخ في هجومي أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) 2024 على إسرائيل.
وأكدت أنه على ترامب وفريقه الآن إثبات قدرتهما في التفاوض على اتفاق يختلف جوهريًا عن الاتفاق السابق، وليس مجرد نسخة معدلة منه.
وشددت على أن الظروف الحالية تتيح فرصة أفضل؛ حيث إن إيران أضعف من عام 2015 بسبب العقوبات، وتراجع قدرة دفاعها الجوي، وتضرر وكلائها، كما أنها فقدت حليفها الإقليمي الرئيس في المنطقة، بعد سقوط نظام الأسد في سوريا.
واستدركت الصحيفة: "لكنها أيضًا أقامت تحالفات أقوى مع روسيا (عبر التعاون العسكري في أوكرانيا) ومع الصين (عبر اتفاق استراتيجي طويل الأمد)".
واختتمت "واشنطن بوست" بالتأكيد أن نجاح أي اتفاق يتطلب تنسيقًا دوليًا واسعًا، كما حدث في اتفاق 2015، الذي ضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والاتحاد الأوروبي. وأشارت إلى أن رغبة ترامب في العمل بمفرده، دون شركاء دوليين، قد تُضعف قدرته على فرض العقوبات ومراقبة التزامات إيران.
كما نبهت إلى أن إيران ستطالب هذه المرة بـ"ضمانات"، تحول دون انسحاب أميركي مستقبلي من أي اتفاق جديد، كما حدث في عهد ترامب.