"سبيكتيتور": المفاوضات بين طهران وواشنطن محكومة بالفشل وانقضى زمن الدبلوماسية مع إيران

كتبت مجلة "سبيكتيتور"، في تحليل لها، أن المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة محكومة بالفشل لأسباب متعددة؛ حيث تسعى إيران إلى أهداف أخرى من خلال هذه المحادثات، بينما وقعت واشنطن في "الفخ"، وارتكبت وخطأً كبيرًا بفصل البرنامج النووي لطهران عن أنشطتها الأخرى.

ويأتي ذلك بعد عقد الجولة الثانية من المفاوضات بين طهران وواشنطن، يوم السبت 19 أبريل (نيسان) في العاصمة الإيطالية روما.

ووصف الباحث البارز في معهد "كابدن" البريطاني، ديمين فيليبس، في مقال تحليلي للمجلة، هذه المفاوضات بأنها "محاولة محكومة بفشل آخر لكبح أكبر داعم حكومي للإرهاب في العالم"، واصفًا النظام الإيراني بنظام تبدو كوريا الشمالية مقارنة به "نموذجًا للنوايا الحسنة".

وأضاف أن الهدف الحقيقي للنظام الإيراني من الرضوخ للمفاوضات هو كسب الوقت لإعادة بناء دفاعاته الجوية.

وأشار إلى أن هذه المحادثات تحمل طابع "الديجافو" (الإحساس بالتكرار)، حيث تتولى عُمان دور الوسيط مرة أخرى، واستضافت سفارتها في روما هذه الجولة، بينما توسّط وزير خارجيتها في محادثات تصر إيران على أنها "غير مباشرة".

وتتبع عُمان منذ عقود سياسة خارجية محايدة تشبه سويسرا، تُعرف بـ "الحياد الإيجابي"، ويعود دورها الدبلوماسي السري لتخفيف التوتر بين طهران وواشنطن إلى الثورة الإيرانية عام 1979.

وأدى هذا الدور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى استضافة محادثات سرية في مسقط، أفضت في النهاية إلى الاتفاق النووي عام 2015، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 2018.

ونجحت عُمان في الحفاظ على ثقة الطرفين، وتُعد من القلائل ذوي الخبرة في هذا المجال.

وأشارت "سبيكتيتور" إلى أن هذا لا ينطبق على الوفد الأميركي، الذي أرسل كبير مفاوضيه، ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للشرق الأوسط.

"جهل" ويتكوف بإيران
حصل ستيف ويتكوف، مستثمر العقارات بنيويورك، والصديق القديم لدونالد ترامب، على لقب "المبعوث لكل شيء"؛ بسبب تنوع مهامه الواسعة التي تشمل غزة وأوكرانيا.

وأكد كاتب المقال أن هذا التنوع في المهام يمثل تحديًا كبيرًا حتى لدبلوماسي متمرس، فما بالك بويتكوف الذي يفتقر تقريبًا لأي معرفة بالدول، التي يتعامل معها، أو القضايا التي يتناولها.. مضيفًا أنه في هذا السياق لا توجد آفاق واضحة لنجاح مفاوضات طهران وواشنطن

وقال جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأميركي، دونالد ترامب: "ويتكوف لا يعرف شيئًا عن إيران، لا شيء عن الأسلحة النووية، لا شيء عن اتفاقيات الحد من التسلح الدولية، لا شيء عن التحقق من هذه الاتفاقيات وتنفيذها. أو حتى ما الذي يمكن أن يحدث بشكل خاطئ؟".

هذا وقد صنفت "سبيكتيتور" سجل ويتكوف حتى الآن بـ "الضعيف"، مشيرة إلى أن هدنة غزة، التي ساهم فيها انهارت بسرعة، ورفضت روسيا عمليًا هدنة في أوكرانيا.

وأوضح المقال أن جهله يجعله عرضة للتلاعب والاستغلال عند التعامل مع شخصيات قوية، مثل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

"تكتيكات" الحرب النفسية والمعلومات المغلوطة للنظام الإيراني
أكد كاتب المقال أن التعامل مع إيران لن يكون أسهل؛ حيث يستخدم النظام الإيراني "تكتيكات" حرب نفسية ومعلومات مغلوطة على الطريقة الروسية.

ووفقًا لقول الكاتب، فإن فريق التفاوض الإيراني يقوده وزير الخارجية، عباس عراقجي، وهو "مفاوض ماهر"، استغل بالفعل مواقف ويتكوف "المتضاربة" بشأن البرنامج النووي الإيراني.

واقترح ويتكوف الأسبوع الماضي أن الاتفاق مع إيران قد يعيدها إلى مستوى تخصيب 3.67 في المائة، وهو عمليًا عودة إلى الاتفاق النووي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما.

وتراجع ويتكوف بعد أيام عن هذا الموقف، وقال إن على إيران وقف برنامج تخصيب اليورانيوم وصنع الأسلحة النووية فورًا، وتفكيكه بالكامل.

هدف طهران من المفاوضات هو كسب الوقت
ذكرت "سبيكتيتور" أنه بغض النظر عن الرسائل المتضاربة وقلة الخبرة، حتى لو عاد "هنري كيسنغر العظيم" من قبره لقيادة المفاوضات، فلن تنجح واشنطن.

وأرجع كاتب القال فشل المفاوضات إلى مبدأ بسيط، وهو أن إيران لم تدخل هذه المحادثات بنية صادقة.

ووفقًا لـ "سبيكتيتور"، فإن إيران لا تسعى لتقليص برنامجها النووي أو التخلي عنه؛ فالمفاوضات بالنسبة إليها مجرد تكتيك لكسب الوقت، حتى يتمكن النظام من إعادة بناء أنظمة دفاعه الجوي، التي تضررت أو دُمرت في الهجمات الجوية الإسرائيلية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ولم يغب هذا عن دونالد ترامب، الذي يقول إن طهران تتعمد إبطاء المفاوضات، وهدد باللجوء إلى العمل العسكري، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وأكد كاتب "سبيكتيتور" أنه نظرًا لعدم إظهار النظام الإيراني أي حُسن نية، بل يسعى علنًا لكسب الوقت، فإن مواصلة هذه المفاوضات تبدو بلا جدوى.

انتهى زمن الدبلوماسية
لم تتغير استراتيجية طهران الأساسية، المتمثلة في "مزيج من الإرهاب والقوة العسكرية" لتحقيق الهيمنة الإقليمية، منذ أن صنفتها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، في عام 1984 كـ "راعية للإرهاب".

وحتى بعد توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، واصلت إيران إنفاق مليارات الدولارات لتمويل وكلائها في الشرق الأوسط، بمن في ذلك حماس وحزب الله والحوثيون والميليشيات العراقية، واستخدامهم في الحرب ضد الغرب وحلفائه.

وخلال تلك الفترة، نفذت إيران خططًا متعددة للاغتيال والاختطاف ضد معارضيها في الخارج، واستهدفت مسؤولين أميركيين، بمن فيهم ترامب نفسه، الذين حاولوا مواجهة النظام.

وأكد كاتب "سبيكتيتور" أن هذه ليست أفعال نظام يسعى للخروج من العزلة الدولية. عندما تُواجه إيران بهذه الخطط، تنفي تورطها بشكل قاطع رغم وجود أدلة دامغة.

وكتبت "سبيكتيتور" أنه إذا لم يكن بالإمكان الوثوق بتصريحات النظام الإيراني بشأن أفعال تُعتبر أعمالًا حربية، فلماذا نتوقع أن يتصرف بصدق بشأن برنامجه النووي؟

وخلص المقال إلى أن مفاوضات أميركا وإيران محكومة بالفشل؛ لأن واشنطن وقعت في "فخ" فصل تطوير برنامج إيران النووي عن أنشطتها الأخرى، في جين أن جميع أنشطة النظام الإيراني، بما في ذلك برنامجه الصاروخي، جزء من استراتيجية خبيثة ينتهجها نظام أظهر مرارًا أنه لا يسعى للسلام.

ووفقًا لـ "سبيكتيتور"، فإنه كلما أدرك الغرب هذه الحقيقة مبكرًا، كان بإمكانه اتخاذ إجراءات للقضاء على القدرة النووية لإيران ونظام طهران نفسه بشكل أسرع.

وأكد الكاتب أن زمن الدبلوماسية مع إيران قد انتهى.