التفاوض مع واشنطن يزيد الانقسام بين المتشددين والإصلاحيين في إيران

حذر أحد أبرز المحللين المتشددين في إيران من أن التفاوض مع الولايات المتحدة سيزيد من احتمال تعرض إيران لهجوم، مشيرًا إلى أن قبول شروط واشنطن سيجعل البلاد أكثر ضعفًا.

فؤاد إيزدي، المتشدد الحاصل على تعليم أميركي والذي يُستشهد به غالبًا في وسائل الإعلام الإيرانية كخبير في السياسة الأميركية، صرّح لموقع "نامه نيوز" المحافظ أن واشنطن امتنعت عن مهاجمة إيران، لأنها ترى أن مثل هذه الخطوة ستكون مكلفة للغاية.

وقال إيزدي: "أولئك الذين لا يريدون أن تتعرض بلادهم لهجوم من قبل الولايات المتحدة يجب ألا يكرروا تصريحات ترامب"، مدعيًا أيضًا أن واشنطن تضغط على جيران إيران لقطع العلاقات الاقتصادية، بما في ذلك دفع العراق إلى وقف استيراد الكهرباء والغاز الطبيعي الإيراني.

أدلى إيزدي بهذه التصريحات قبل أن يصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيرًا لطهران في 17 مارس (آذار)، محملًا إياها مسؤولية أي هجوم ينفذه الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران.

يشار إلى أن المتشددين في دوائر الحكم الإيرانية يدافعون بشدة عن رفض المرشد علي خامنئي التفاوض مع الولايات المتحدة، رغم التحذيرات الواضحة من إدارة ترامب.

وأوضح إيزدي أن "الولايات المتحدة تسعى إلى الحد من وصول إيران إلى الأسلحة التقليدية، وبالتالي فإن التفاوض مع واشنطن من المرجح أن يزيد من احتمال شن هجوم أميركي على إيران الضعيفة".

وجهة نظر مغايرة من معسكر روحاني

في المقابل، يطرح سياسي بارز مقرب من الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، الذي يدعم المفاوضات، وجهة نظر مختلفة، حيث قال: "الولايات المتحدة تسعى بجدية إلى إيجاد حل لنزاعها مع إيران بشأن برنامج طهران النووي".

وفي مقابلة مع موقع "خبر أونلاین" صرح المحافظ المعتدل، محمود واعظي، كبير مساعدي روحاني ونائب زعيم حزب "الاعتدال والتنمية"، بأن واشنطن تسعى بصدق إلى تخفيف التوترات مع إيران وتأمل في حل النزاع النووي المستمر.

وأضاف واعظي: "رفع العقوبات الأميركية عبر المفاوضات مع واشنطن سيحقق انفراجة اقتصادية في إيران". مشيرًا إلى خطط العام الإيراني الجديد (يبدأ في 20 مارس /آذار)، وأن إيران يجب أن تتخذ قرارات صعبة لمعالجة أزمتها الاقتصادية المتفاقمة، والتي أثرت بشدة على معيشة المواطنين.

وأكد أيضًا على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتهدئة التوترات مع الولايات المتحدة ودول أخرى، معتبرًا ذلك خطوة ضرورية ضمن الإصلاحات الأوسع المطلوبة لتحقيق الاستقرار في الأوضاع المعيشية بإيران.

كما دعا واعظي المسؤولين الإيرانيين إلى العمل على إزالة العوائق أمام التجارة الدولية، وتقليل تدخل الحكومة في الشؤون الاقتصادية، وتعزيز القطاع الخاص. وأكد على أهمية خلق بيئة تنافسية عادلة لتشجيع مشاركة أكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد.

وكغيره من السياسيين في المعسكر الإصلاحي، بما في ذلك روحاني، شدد واعظي على أن خامنئي لم يستبعد تمامًا فكرة التفاوض مع الولايات المتحدة. كما حاول تسليط الضوء على التناقضات في تصريحات وأفعال ترامب.

دعوة إلى دور دبلوماسي أكثر فاعلية

وفي تطور آخر، اقترح الأكاديمي الإيراني وخبير القانون الدولي مهدي زكريان، في مقابلة مع صحيفة "شرق" الإصلاحية، أن يتولى وزير الخارجية عباس عراقجي دورًا أكثر نشاطًا في كسر الجمود الدبلوماسي الإيراني.

وأشار إلى أن الأزمة الحالية في السياسة الخارجية لا تبرر الجمود، قائلًا: "فن الدبلوماسية يكمن في تقديم حلول للأزمات. الدخول في وضع مثالي والتوقيع على اتفاقية مكتوبة مسبقًا سيكون أمرًا سهلًا لأي شخص".

وأعرب زكريان عن أسفه قائلًا: "لقد أضاعت إيران العديد من الفرص لحل نزاعاتها مع الدول الأخرى والمساهمة في حل النزاعات الإقليمية".

وضرب أمثلة على ذلك بقوله: "كان بإمكان إيران اتخاذ قرارات بناءة خلال الحروب التي شهدها قطاع غزة ولبنان العام الماضي".