بسبب "التقاعس".. أجنحة طهران السياسية تهاجم الرئيس

انتقادات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لم تعد تقتصر على خصومه السياسيين، الذين سعى لاسترضائهم من خلال تخصيص العديد من المناصب الوزارية. بل حتى جناح الإصلاحيين بدأ يفقد صبره بسبب افتقار بزشكيان للتوجيه وعدم اتخاذ إجراءات فعلية.

في مناظرة على "يوتيوب" حول الحوكمة الرشيدة، انتقد كل من المحلل الإصلاحي بيام برازجاني والشخصية المحافظة المتشددة سعيد أجورلو، انتقدا الرئيس بزشكيان، بسبب تقاعسه وعدم فعاليته.

ومن المفارقات أن برازجاني وجه اللوم للرئيس لحضوره اجتماعًا حول أسعار البطاطس بدلًا من معالجة العيوب الهيكلية العميقة في النظام الاقتصادي.

وفي جزء آخر من المناظرة، علق برازجاني قائلًا: "مكتب الرئيس لا يزال يحتفظ بمروحية في مرآب بالمطار، بينما هذه البلاد مليئة بالجبال"، في إشارة واضحة إلى وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي المفاجئة في حادث تحطم مروحية العام الماضي. ويشكك البعض في أن وفاة رئيسي لم تكن عرضية، بل كانت خطوة لإبعاده بسبب عدم فعاليته.

وأضاف برازجاني أن الإصلاحيين كانت لديهم توقعات عالية من بزشكيان عندما أعلن ترشحه بعد وفاة رئيسي، لكنه خذل وأحبط الجميع.

بينما يُنظر إلى بزشكيان على أنه رئيس غير فعال وسط الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعاني منها البلاد، يرى البعض أن العقوبات الأميركية القاسية خارجة عن سيطرته، وأنه يفتقر إلى الصلاحية للتفاوض أو التوصل إلى اتفاق نووي مع واشنطن.

على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طالب بإجراء محادثات، إلا أن المرشد علي خامنئي استبعد أي مفاوضات الشهر الماضي، وذكر المسؤولون أن تهديدات ترامب هي سبب رفض طهران التفاوض.

من جهته، قال الأكاديمي في جامعة طهران، كيومرز يزدان بناه، في مقال على موقع "نامه نيوز" المحافظ، أن الجمود في المفاوضات مع الولايات المتحدة ليس مجرد نتيجة لضغوط ترامب، كما تدعي السلطات.

وأضاف يزدان بناه: "الجمود السياسي داخل إيران لا يقل أهمية عن عزلتها على الساحة الدولية"، مشيرًا إلى أن الحكومة يجب أن تبحث عن طريق بديل للخروج من الأزمة؛ طريق يتجنب كلاً من الحرب والاتفاق المفروض.

وانتقد الأكاديمي كلا من بزشكيان والسياسيين الإيرانيين الآخرين لتركيزهم على الفرص الضائعة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بدلًا من البحث عن حلول جديدة.

كما وجه اللوم للحكومة لتبنيها نهجًا تصادميًا بدلًا من الحفاظ على سعيها السابق للتقارب، الذي تم التخلي عنه بعد أن استبعد خامنئي المفاوضات مع واشنطن.

في غضون ذلك، يواصل السياسيون والتعليقات الإعلامية انتقاد مبادرة بزشكيان للمصالحة الوطنية. ويجادل البعض، بما في ذلك برازجاني وأجورلو، بأن جهوده تقتصر على المصالحة مع خصومه المتشددين.

بينما يرى آخرون، مثل المعلق الإصلاحي أحمد زيد آبادي، أن "المصالحة لم تنجح ومن غير المرجح أن تنجح، حتى بين البرلمان والحكومة".

وأشارت تقارير إعلامية يوم الاثنين إلى أن البرلمان استدعى 11 وزيرًا من وزراء بزشكيان، مطالبًا بتوضيحات حول أدائهم. وتشكل هذه الخطوة أول خطوة رسمية في أي عملية عزل محتملة.

وبحلول يوم الثلاثاء، أشارت التقارير إلى أن وزير العمل أحمد ميدري على الأقل لم يتمكن من إقناع النواب بإجاباته، مما يجعل من المرجح أن يتطور الاستجواب إلى اقتراح بعزل بعد مراجعته من قبل لجنة الاقتصاد في البرلمان.

من ناحية أخرى، قال رجل الدين الإصلاحي رسول منتجب نيا لموقع "خبر أونلاين" إن حزب "بايداري" المتشدد مصمم على إقالة بزشكيان.

ومع ذلك، كما أظهر التصويت في 2 مارس (آذار) لعزل وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، فإن المعارضة لبزشكيان في البرلمان تمتد إلى ما هو أبعد من "بايداري"، الذي لا يتجاوز عدد نوابه 100 نائب حتى في أكثر التقديرات تفاؤلاً.

وعلق النائب السابق جلال محمود زاده على "إنستغرام" قائلًا إنه بعد عزل همتي واستقالة مساعد الرئيس جواد ظريف القسرية، "أصبح خصوم الحكومة يشغلون الآن 75 في المائة من المناصب في حكومة بزشكيان، بينما يسيطر المتشددون على المؤسسات الاقتصادية الرئيسية. إذا لم تعيد الحكومة التفكير في نهجها تجاه المصالحة، فعليها أن تستعد لأيام أكثر صعوبة في المستقبل".