ذكرت مصادر لـ"إيران إنترناشيونال" أن الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد تعرض في 15 يوليو (تموز) الجاري لمحاولة اغتيال فاشلة من خلال عمل تخريبي داخل السيارة التي كانت تستخدم في تحركاته.
وفي مساء يوم الاثنين 15 يوليو (تموز)، كان أحمدي نجاد يستعد ومرافقيه للمغادرة إلى مدينة زنجان للمشاركة في مراسم عزاء في يوم التاسع من محرم. وقبل مغادرته، جلس فريقه الأمني كالعادة في السيارة الرئيسية للرئيس الإيراني الأسبق -التي كانت من طراز تويوتا لاند كروزر- لفحص السيارة.
وبعد فحص السيارة، طلب رئيس الفريق الأمني من أحمدي نجاد ركوب سيارة أخرى، واشتكى من عدم إصلاح مكيف السيارة.
ووفقا للمعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، فإنه على طول طريق كرج - قزوين السريع، وبعد أن قطعوا ربع الطريق، خرج جهاز التحكم في التوجيه والمكابح في السيارة (لاند كروز) التي كان من المفترض أن يستقلها أحمدي نجاد، عن سيطرة السائق بشكل مفاجئ.
وانعطفت هذه السيارة، التي خرجت عن سيطرة السائق، ثلاث مرات في المسار الذي كانت تسير فيه سيارات أخرى عابرة بسرعة عالية، وبعد أن انحرفت مرتين إلى اليمين واليسار اصطدمت بالجدار الخرساني في منتصف الطريق السريع، ثم اصطدمت بسيارة أخرى من السيارات التي كانت ضمن فريق أحمدي نجاد الأمني، ثم بعد ذلك اصطدمت بسيارة من نوع بيجو قبل أن تتوقف على الجانب الأيمن من الطريق السريع.
وبحسب المعلومات فإن أحد ركاب السيارة البيجو أصيب بجروح طفيفة وتم نقله إلى المستشفى.
عملية تخريبية داخل السيارة
وقبل يوم واحد من هذه الرحلة، قام الفريق الأمني لأحمدي نجاد بتسليم سيارة النقل الرئيسية الخاصة به، أي سيارة تويوتا لاند كروزر، إلى الوحدة المعنية في المؤسسة الرئاسية لإصلاحها بسبب خلل في المكيف.
وبحسب المعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، فإنه بعد تسليمها إلى المؤسسة الرئاسية، خلافاً للإجراءات المعتادة، بدلاً من نقلها إلى ورشة التصليح المعنية بتصليح سيارات هذه المؤسسة، تدخل "عناصر الأمن الخاص"، من الوحدة المختصة في هذه المؤسسة، ونقلت السيارة إلى جهة مجهولة.
وقالت مصادر "إيران إنترناشيونال" إن عملية تخريب تمت على سيارة لاند كروزر في هذا المكان المجهول، ومن ثم أعيدت السيارة إلى فريق حماية أحمدي نجاد تحت عنوان أنه "تم إصلاح مكيف السيارة".
ولم تحدد مصادر "إيران إنترناشيونال" المؤسسة التي ينتسب إليها "عملاء الأمن الخاص" المشار إليهم، لكن بحسب موقعهم التنظيمي، فإن القوات رفيعة المستوى التابعة لإحدى الفئات الثلاث للحرس الثوري الإيراني - منظمة استخبارات الحرس الثوري، ومنظمة حماية الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني وفيلق "ولي الأمر" - لديها القدرة على مثل هذه التصرفات، وأخذ سيارة أحمدي نجاد إلى وحدة الإصلاح الرئاسية دون التنسيق ودون خلق حساسية أمنية، والقيام بعملية تخريب ثم إعادتها إلى الورشة المذكورة.
وقد سجل محمود أحمدي نجاد نفسه للترشح للانتخابات الرئاسية هذا العام، ولكن تم استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور. ولم يدعم أيًا من المرشحين الأصوليين، ولم يصوت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وتقول مصادر "إيران إنترناشيونال" إن التكاليف التي جلبتها تصرفات أحمدي نجاد هذه على النظام دفعت عملاء النظام إلى محاولة قتله.
وبحسب مصادر "إيران إنترناشيونال"، بعد خمسة أيام من محاولة الاغتيال الفاشلة وفي 20 يوليو (تموز)، أرسل مكتب أحمدي نجاد رسالة لإخطار "السلطات المسؤولة" عن عملية الاغتيال، واشتكى من وجود حالات عديدة لهجمات ومحاولات اغتياله.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أفادت قناة على تطبيق "تلغرام" تابعة لأحمدي نجاد أن مكتبه بعث برسالة إلى القادة وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين المسؤولين "يحذرهم فيها من بعض التحركات والتصرفات المقلقة للغاية ضده، وطالبهم باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، والتعامل مع الأطراف المتورطة في هذه الأحداث".
وبعد أيام من تلك الحادثة أكد علي رضا بيغي، النائب البرلماني السابق وأحد الشخصيات المقربة من أحمدي نجاد، خبر قناة "بهار" التلغرامية، وقال لموقع "مرصد إيران": "منذ شهر أو شهرين، ازدادت محاولات اغتيال أحمدي نجاد، وتم تسليم وثائق هذه المحاولات إلى المؤسسات الأمنية".
وفي وقت سابق، وتحديدا عام 2018 ، أفادت وسائل إعلام محلية أن أحمدي نجاد قال: "قضية اغتيالي خطيرة، فهم يقتلون الشخص، وينظمون أيضًا مراسم عزاء له، ثم يتهمون الآخرين. لقد قمت بتسجيل هذه الملفات التي أعرفها ووضعتها في بعض الأماكن الآمنة".
ويعتبر بعض المراقبين أن ما نشره محمود أحمدي نجاد يوم 14 يوليو (تموز) على منصة "إكس"، والذي أدان فيه محاولة اغتياله، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة ضد دونالد ترامب، واعتبر ذلك أحد أسباب قلقه من خطط النظام المحتملة لقتله.
وبحسب هؤلاء المراقبين، فإن الشكوك التي تحيط بسقوط المروحية التي كانت تقل إبراهيم رئيسي، والاشتباه في أنه قد يكون الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ضحية لصراع على السلطة داخل النظام، يمكن أن يكون أحد الأسباب التي دفعت محمود أحمدي نجاد إلى كتابة هذا المقال.
عززت محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الفاشلة، فرصه في الفوز بانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2024؛ وقبل أربعة أشهر من انتخابات الرئاسة الأميركية، أيقنت السلطات الإيرانية تقريبًا بعودته. ومع تلك الإمكانية القوية ما الذي ينتظر النظام الإيراني؟
كان ترامب رئيسًا للولايات المتحدة من شتاء 2018 إلى شتاء 2020. وفي الوقت نفسه كان الإصلاحيون في إيران على رأس السلطة، برئاسة حسن روحاني.
وفي تلك الفترة، كان الإصلاحيون في ذروة السلطة، بالتعاون مع "كوادر البناء" والمعتدلين (تيار هاشمي رفسنجاني)، وتمكنوا من نقل قيادة المفاوضات النووية، التي كانت في المجلس الأعلى للأمن القومي، وتحت إشراف المرشد علي خامنئي، حتى رئاسة محمود أحمدي نجاد لإيران، إلى وزارة الخارجية.
وفي حكومة حسن روحاني، نجح مثلث محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، وعباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا، وعلي أكبر صالحي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية ووزير الخارجية الأسبق أيضًا، في إنهاء التوتر النووي القديم للنظام الإيراني من خلال الاتفاق النووي.
كان كل شيء يسير على ما يرام حتى أصبح ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، وانسحب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، وعلى الرغم من أن الأوروبيين مازالوا ملتزمين بالاتفاق، فإن فرض عقوبات جديدة والسعي إلى ممارسة أقصى ضغط من قِبل الولايات المتحدة أدى عمليًا إلى دخول الاتفاق في غيبوبة.
ولسوء حظ الإصلاحيين، بعد ذلك انتشر فيروس كورونا (كوفيد- 19) في هذه الفترة، أي من عام 2018 إلى عام 2021، وشهد الوضع الاقتصادي في إيران أزمة غير مسبوقة، والتي كانت لها عواقب سياسية واجتماعية؛ وكان أبرز مثال على هذه التبعات هو الاحتجاجات الواسعة النطاق التي اندلعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
معدلات عالية من التضخم
بلغ معدل التضخم في نهاية عام 2017 نحو 9.6 في المائة، وفي نهاية عام 2018، وهو العام الأول الذي انسحب فيه ترامب من الاتفاق النووي، وصل معدل التضخم إلى 26.9 في المائة. وفي عام 2019، بلغ معدل التضخم 34.8 في المائة؛ وفي هذا العام قامت حكومة حسن روحاني برفع سعر البنزين ثلاث مرات، وبلغت نسبة التضخم في العام الأخير لحكومة روحاني، أي 2020، 36.4 في المائة.
وفي نهاية العام الإيراني الماضي (انتهي في 20 مارس/ آذار 2024)، بلغ معدل التضخم في إيران 52.3 في المائة، بحسب البنك المركزي.
وإذا تكررت العملية نفسها مع عودة ترامب، فإن معدل التضخم في نهاية العام الإيراني الحالي (مارس 2025) سيرتفع إلى 69.6 في المائة بزيادة 17.3 نقطة مئوية، وفي (مارس 2026) سيصل إلى 77.5 في المائة بزيادة 7.9 نقطة مئوية، وفي (مارس 2027) سيصل إلى 79.1 في المائة.
وبطبيعة الحال، إذا فقدت العملة الإيرانية قوتها في هذا الوضع، وإذا توقف بيع النفط الإيراني، فإن التضخم المفرط ليس مستبعدًا.
سعر الدولار يرتفع لمستويات قياسية
بلغ سعر الدولار خلال مارس 2018 في السوق الحرة نحو 4 آلاف و800 تومان، وفي مارس 2019، وصل إلى 12.9 ألف تومان، وفي مارس 2020، تم تداول الدولار بنحو 15.4 ألف تومان، وفي مارس 2021، تم تداوله بـ 25.2 ألف تومان تقريبًا.
وإذا تكررت النسبة نفسها بعد وصول ترامب، فمن المتوقع أن يصل الدولار إلى نحو 154 ألفًا، في مارس 2025، وفي مارس 2026 إلى 184 ألفًا تقريبًا، وفي مارس 2027 سيصل إلى نحو 301 ألف تومان.
تذبذب مبيعات النفط
تعتمد إيران على عائدات النفط، وقبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، في عام 2017، باعت إيران متوسط 2.14 مليون برميل من النفط يوميًا. وفي عام 2018 انخفض الرقم إلى 1.54 مليون برميل يوميًا. وكان عام 2019 من أسوأ الأعوام التي مرت بها إيران؛ حيث انخفضت مبيعات النفط إلى 420 ألف برميل يوميًا. وفي عام 2020، وبالتزامن مع نهاية إدارة ترامب الأولى وبداية رئاسة بايدن، تضاعفت مبيعات النفط الإيرانية إلى 900 ألف برميل يوميًا.
وقد نُشرت أرقام متناقضة لصادرات إيران من النفط، ولكن في المتوسط تمكنت إيران، عام 2023، من بيع 1.4 مليون برميل من النفط يوميًا. وإذا تكررت ظروف 2018 إلى 2021 مرة أخرى، ستبلغ مبيعات إيران من النفط هذا العام نحو مليون و270 ألف برميل يوميًا عام 2025، و587 ألف برميل يوميًا عام 2026.
ما الذي تغيّر؟
كان من الممكن أن تؤدي عودة ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة بالتزامن مع حكومة الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، إلى خلق وضع مضطرب، لكن وفاة "رئيسي" في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، وانتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا للجمهورية الإسلامية قد فتح بصيص أمل للنظام الإيراني.
وفي هذا السياق، ليس من المستغرب أن نجد ظريف نفسه مشغولًا بترتيب الحكومة المقبلة، في حين نشهد مسلسل حضور بزشكيان في فرق العزاء (بمناسبة عاشوراء)، وعلى الرغم من أن ظريف كان له دور في التعامل مع الغرب خلال فترة حكم روحاني، فإن الأوضاع اليوم تختلف تمامًا عما كانت عليه في ذلك الوقت.
وخلال إدارة ترامب الأولى، لم يؤثر انتشار "كورونا" على إيران فحسب، بل على جميع دول العالم؛ اليوم لا يوجد المزيد من الأخبار عن "كورونا". لكن حدث شيء آخر: "هجمات 7 أكتوبر" وعملية "الوعد الصادق".
ففي 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنت حماس هجومًا غير مسبوق على إسرائيل، وبعد نحو ستة أشهر، هاجمت إيران إسرائيل لأول مرة من داخل إيران في 13 إبريل (نيسان) 2024.
وسيواجه الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، هذا الوضع الصعب والمعقد، ورغم أن بزشكيان اعترف بأن اسمه خرج من صناديق الاقتراع فائزًا بمنصب الرئاسة بمساعدة المرشد، على خامنئي، فإنه ليس حسن روحاني، الشيخ الدبلوماسي، الذي كان يتمتع بخبرة سنوات في منصب أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي والمفاوضات.
وليس فقط ترامب، لكن هناك جي دي فانس، الذي اختاره ترامب لمنصب النائب الأول لرئيس الولايات المتحدة الأميركية، وشخصيات مشهورة في الحزب الجمهوري، تحدثوا صراحة عن الحاجة إلى التعامل بشكل أكثر حزمًا مع النظام الإيراني. ولكن أيضًا، كما قال عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في حكومة جو بايدن- على الأقل بالكلام- إنهم تبنّوا موقفًا أكثر تصلبًا تجاه النظام الحاكم في إيران.
إن مجمل هذه الظروف، والاحتمال المتزايد لاصطفاف أوروبا مع ترامب إذا فاز في الانتخابات، سيجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للنظام الإيراني مما كان عليه، عندما كان جو بايدن في البيت الأبيض، والذي حاول التوصل إلى اتفاق مع طهران من خلال تقديم تنازلات، بما في ذلك غض الطرف عن صادرات وبيع النفط الإيراني، أو الإفراج عن الموارد المالية الإيرانية المُجمدة.
تواجه إيران تحديات كبيرة في حقولها المشتركة للنفط والغاز البالغ عددها 28 حقلا مع الدول المجاورة، حيث تتخلف باستمرار في الإنتاج مقارنة بجيرانها.
ويعزو الخبراء، كما نقلت وكالة أنباء "إيلنا" في طهران مؤخرًا، التحدي الرئيس الذي تواجهه طهران في هذه الحقول المشتركة إلى "نقص الاستثمار".
إن أهم الحقول المشتركة بالنسبة لإيران هي مع العراق وقطر والمملكة العربية السعودية، وهي الدول المجاورة التي قامت بزيادة إنتاجها من النفط والغاز بشكل كبير بمساعدة الشركات الدولية، وخاصة الغربية. ولدى هذه الدول خطط طموحة لزيادة استخراج احتياطاتها.
وفي المقابل، وبسبب الاستثمار الأجنبي المحدود وضعف القطاع الخاص، تعتمد وزارة النفط الإيرانية فقط على حصة قدرها 14.5% من عائدات النفط للاستثمارات (ما يزيد قليلاً عن 5 مليارات دولار في العام الماضي).
وتشير إحصاءات مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني إلى انخفاض كبير في الاستثمار السنوي في مشاريع النفط والغاز في البلاد، حيث انخفض من حوالي 18 مليار دولار في التسعينيات إلى حوالي 7 مليارات دولار في أوائل عام 2010، ثم انخفض إلى 3 مليارات دولار منذ عام 2017.
ولم يقتصر الأمر على العقوبات الدولية والأميركية التي أدت إلى خفض عائدات تصدير النفط الإيراني في العقد الماضي، لكن البيئة المعاكسة التي خلقتها هذه العقوبات جعلت الاستثمار الأجنبي أو الاقتراض مستحيلاً بالنسبة لطهران.
وتمثل الحقول المشتركة 20% من النفط الإيراني القابل للاستخراج و30% من احتياطيات الغاز. وعلى الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطي للغاز ورابع أكبر احتياطي للنفط في العالم، بواقع 33 تريليون متر مكعب و157 مليار برميل على التوالي، تواجه إيران تحديات في استغلال هذه الموارد بشكل كامل بالتعاون مع جيرانها.
إيران والمملكة العربية السعودية
وتشترك إيران في العديد من حقول النفط والغاز مع المملكة العربية السعودية، وتنتج حوالي 35 ألف برميل يوميا فقط من حقل مرجان (المعروف باسم فروزان في إيران). في المقابل تنتج السعودية من النفط 14 ضعفا، وتستهدف زيادة الإنتاج اليومي بنسبة 60% إلى 800 ألف برميل، وإنتاج الغاز بمقدار 70 مليون متر مكعب بموجب عقد بقيمة 12 مليار دولار مع شركات عالمية.
وتشترك طهران في حقل غاز كبير آخر، وهو الحصبة (يُسمى فرزاد في إيران)، حيث لم تسفر المفاوضات مع الشركات الهندية التي اكتشفت الحقل عن نتائج منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وتفتقر إيران نفسها إلى القدرة الاستثمارية المطلوبة لتطوير هذا الحقل البالغة 5 مليارات دولار، في حين طورت المملكة العربية السعودية وبدأت إنتاج الغاز من هذا الحقل المشترك منذ عام 2013، وتنتج حاليًا أكثر من 30 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، مع خطة "أرامكو" المستمرة لزيادة الإنتاج اليومي بسرعة إلى 75 مليون متر مكعب.
وتشترك المملكة العربية السعودية والكويت أيضًا في حقلين للنفط والغاز، هما اللولو (إسفنديار) والدرة (آرش)، مع إيران، حيث قامتا بتطوير حقل "اللولو" لسنوات وتخططان لتطوير الأخير قريبًا.
لكن هاتين الدولتين ترفضان حصة إيران في حقل الدرة (آرش)، وتطالبان بحقوق حصرية في استخراج الغاز، وهو موقف لا تقبله طهران. ولم تبدأ إيران أي تطوير في هذه المجالات.
حقول النفط مع العراق
وتقع أكبر حقول النفط الإيرانية المشتركة مع العراق، حيث يستخرج العراق من هذه الحقول ما يزيد بأربعة أضعاف عن ما تنتجه إيران. وقد أبرمت بغداد عقوداً كبيرة مع شركات صينية وروسية وغربية لتعزيز جهود الاستخراج.
في عام 2013، أنتجت إيران 90 ألف برميل من النفط يوميًا من هذه الحقول، وتهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 1.2 مليون برميل يوميًا بمساعدة صينية، مع التركيز على حقول مثل ياداوران، وأزادكان، وآذر، وجنكوله، وأبان، وبيدار.
ومع ذلك، لم تف الشركات الصينية إلا بجزء بسيط من التزاماتها، مما دفع إيران إلى تحقيق "طاقة اسمية" لإنتاج النفط، تصل إلى 350 ألف برميل يوميا من حقول غرب كارون المشتركة مع العراق.
وفي المقابل، ارتفع إنتاج النفط العراقي بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا منذ عام 2013، مدفوعا في المقام الأول بالتطورات في حقول النفط المشتركة مع إيران.
وتشير تقديرات طهران إلى أنها تحتاج إلى استثمارات بقيمة 11 مليار دولار لتطوير خمسة حقول نفط رئيسية مشتركة مع العراق، وهو مبلغ يعادل شهرين فقط من عائدات البلاد النفطية قبل العقوبات.
ومع ذلك، فإن الهيكل المعقد ونوع النفط الثقيل السائد في هذه الحقول يعني أن التكنولوجيا الحالية في إيران لا يمكنها سوى استخراج 5 إلى 10% من الاحتياطيات الموجودة في الموقع البالغة 64 مليار برميل.
وبالتالي فإن إشراك الشركات الغربية المتقدمة في تطوير هذه المجالات يبدو أمراً لا مفر منه.
الجيران الجنوبيين
وتشترك إيران في حقلين نفطيين مع الإمارات هما "سلمان" و"نصرت". ويستخرج البلدان 50 ألف برميل من النفط يوميا من حقل "سلمان". ومع ذلك، تواجه إيران تحديات بسبب عدم وجود مرافق لتجميع الغاز، مما أدى إلى حرق 11 مليون متر مكعب من الغاز المصاحب يوميًا.
وفي المقابل تنتج الإمارات الغاز بكفاءة من طبقات هذا الحقل. وبالإضافة إلى ذلك، تنتج الإمارات 65 ألف برميل من النفط يومياً من حقل "نصرت"، وهو ما يزيد 20 مرة عن إنتاج طهران من نفس الحقل.
وتشترك إيران أيضًا في حقل نفط "هنكام" مع عمان، حيث ينتج كلا البلدين 10 آلاف برميل يوميًا. وأكبر حقل للغاز في إيران هو "بارس جنوبي" (القبة الشمالية)، وهو مشترك مع قطر التي بدأت استخراج الغاز قبل عقد من إيران، وقد أنتجت ضعف كمية الغاز.
وفي حين دخل الجانب الإيراني من حقل غاز "بارس جنوبي" نصف عمره الثاني في عام 2023، ويشهد انخفاضات سنوية في الإنتاج قدرها 10 مليارات متر مكعب، فقد وقعت قطر مؤخرا عقودا بقيمة 29 مليار دولار مع شركات عالمية لزيادة الإنتاج بنسبة 40% بحلول عام 2027. و60% بحلول عام 2030. وحالياً، تنتج كل من إيران وقطر 180 مليار متر مكعب سنوياً من حقل "بارس جنوبي".
وتكمن خيارات إيران لزيادة الإنتاج في تركيب منصات سعة 20 ألف طن مجهزة بضواغط كبيرة، وهي تكنولوجيا تهيمن عليها الشركات الغربية. وجميع المراحل الـ24 من الجانب الإيراني من حقل "بارس جنوبي" تعمل حاليًا، مما يترك مجالًا محدودًا لإدخال مراحل جديدة لتعزيز الإنتاج أو تعويض انخفاض الإنتاج من المراحل الحالية.
كما تستخرج قطر 450 ألف برميل من النفط الخام من الطبقة النفطية لحقل غاز "بارس جنوبي"، وهو ما يزيد 13 مرة عن إنتاج إيران من نفس الطبقة.
بالإضافة إلى ذلك، تشترك إيران وقطر في حقل "الرشادات" النفطي، حيث تنتج كل دولة ما بين 10000 إلى 15000 برميل يوميًا.
والخيار الوحيد أمام إيران هو التوصل إلى اتفاق مع الغرب بشأن برنامجها النووي، الذي يُنظر إليه على أنه يؤدي إلى اكتساب القدرة على صنع الأسلحة.
كما تحتاج طهران إلى تغيير سياسة الهيمنة في المنطقة. وبدون حدوث تحول كبير في سياستها الخارجية، فإن الطاقة والقطاعات الأخرى في اقتصادها المنهك سوف تعاني.
أثارت مزاعم الرشوة، وضعف الأداء، وخيانة الأمانة الانتخابية، ضد عمدة طهران المتشدد، علي رضا زاكاني، اضطرابات في مجلس مدينة العاصمة الإيرانية، وأدت إلى مطالبات بإقالته.
ويريد عشرة من أصل أربعة وعشرين عضوًا في المجلس إقالة زاكاني، ويُقال إنهم يضغطون مع الآخرين للحصول على الأغلبية المطلوبة لإطاحته.
وأصبح خطاب نرجس سليماني، ابنة قائد فيلق القدس الراحل في الحرس الثوري، قاسم سليماني، في جلسة المجلس يوم الأحد، محور الخلافات.
وشككت "سليماني"، التي تترأس لجنة المراقبة في المجلس، أثناء كلمتها، في أداء زاكاني، خلال السنوات الثلاث الماضية، وفي إشارة إلى ترشحه في الانتخابات الرئاسية المبكرة الأخيرة، قالت إن العاصمة بحاجة إلى رئيس بلدية "لا يُتوق باستمرار إلى البقاء في مكان آخر".
وأصبح الصراع بين أعضاء بلدية طهران متجذرًا بعمق، نظرًا للتنافس السياسي بين رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، والمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، سعيد جليلي، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع جبهة الصمود (بايداري) المتشددة، وحليفتها جبهة "صبح إيران".
سحب زاكاني ترشيحه لصالح جليلي قبل الانتخابات؛ مما تسبب في توجيه اتهامات له بأنه أصبح مرشحًا فقط لمساعدة جليلي؛ باعتباره "كلبه المهاجم" ضد المرشحين الآخرين في المناظرات.
وادعى زاكاني مرارًا وتكرارًا، قبل الانتخابات وأثناء المناظرات، أنه أنهى الفساد المستشري في بلدية طهران، والذي ازدهر خلال فترة ولاية أسلافه.
ومع ذلك، ظهرت مزاعم جديدة حول الفساد المستشري في إدارة زاكاني؛ حيث قالت سليماني، مشيرة إلى مزاعم الرشوة، إن "رئيس البلدية فشل بشكل خطير في معالجة الفساد المتجذر في المجلس". وكانت قد صرحت في وقت سابق لصحيفة "هم ميهن" الإصلاحية بأن هناك تقارير عديدة عن رشوة وأن المجلس فتح تحقيقًا في الأمر.
وفي الأسبوع الماضي، نشر صحفي مؤيد لرئيس البرلمان الإيراني، قاليباف، مقطع فيديو، اتهم فيه مدير البلدية، والذي عُرف باسمه الأخير فقط، أفسوني، مستشار زاكاني، سعيد صدر زاده، بالمطالبة بـ 400 عملة ذهبية و450 ألف دولار لتأمين منصب نائب التنمية له. المنطقة الأولى من طهران، وهي الأكثر ثراءً في المدينة.
وأثار هذا الادعاء، الذي لم ينكره أي مسؤول في البلدية حتى الآن، موجة جديدة من الدعم الشعبي لعريضة أُطلقت في مارس (آذار) الماضي تطالب بإقالة زاكاني، وعريضة مضادة من أنصاره تحثه على "عدم الاستسلام" لضغوط المنافسين السياسيين.
وقد ابتُليت فترة ولاية زاكاني رئيسًا لبلدية العاصمة، بالعديد من الخلافات الكبرى في الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك الغضب بشأن خططه لبناء مساجد في الحدائق العامة، واتفاق تم إبرامه سرًا بقيمة ملياري دولار مع شركة صينية لاستيراد معدات مراقبة النقل والمرور، وكان سليماني من بين أعضاء المجلس، الذين انتقدوا الصفقة بشدة.
وزعم بعض المنتقدين أن هذه المساجد تهدف إلى أن تكون بمثابة قواعد لميليشيات "الباسيج" وتسهيل قمعها للمتظاهرين في جميع أنحاء العاصمة. ويصر زاكاني على أنه لا يمكن نشر تفاصيل الصفقة الصينية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
وتعرضت نرجس سليماني، المتزوجة من رئيس التحرير السابق لصحيفة "طهران إمروز"، المملوكة لبلدية طهران، أبو ذر خزائي، الحليف المقرب من قاليباف، لانتقادات شديدة من أنصار زاكاني، واتهمها البعض بـ "خيانة" والدها، بعد وقوفها إلى جانب قاليباف.
وترشحت سليماني، التي لم تكن سياسية، لانتخابات المجلس عام 2020، على الرغم من الاعتراض الشديد على ما يبدو من بعض أفراد الأسرة، بمن في ذلك أختها وشقيقها وعمها، واحتلت المركز الثالث بنحو 350 ألف صوت.
ومنذ عام 2012، أصبحت "سليماني" عضوًا في مؤسسة خيرية، أسستها زوجة قاليباف، زهرة مشيروليستخاره، وكانت تلك المؤسسة الخيرية المثيرة للجدل، والتي يشغل زوج "سليماني" منصب الرئيس التنفيذي لها، هي نفسها في قلب قضية الاستيلاء على الأراضي والفساد عام 2021.
"عندما أعلن المالك أننا بحاجة إلى إضافة 50 مليون تومان إلى الرهن، و3 ملايين إلى الإيجار، كانت الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نفكر بها هي البحث في جميع أنحاء طهران للعثور على منزل بإيجار مناسب، لكن أموالنا لم تكن كافية".
"مينا" هو الاسم المستعار لامرأة تبلغ من العمر 32 عامًا، تعيش بشكل مستقل ومع شريكها في منازل مختلفة في شارع "نامجو" في طهران لسنوات عديدة.
وفي إشارة إلى ضغوط المالك لإخلاء منزله السكني الذي تبلغ مساحته 65 مترًا، قالت لـ"إيران إنترناشيونال": "يجلب المالك عملاء جدد كل يوم، ولكن بما أن المنزل لم يبدو جيدًا، فإن عددا قليلا من الناس يوافقون على دفع رهن يبلغ 200 مليون، و11 مليون تومان كإيجار. بعد شهر، وافق زوجان شابان لديهما ابنة تبلغ من العمر 3 سنوات على استئجار المنزل، لكن لم يكن لديهما ما يكفي من المال".
وقالت هذه الشابة، التي لم تفكر قط في تقاسم المنزل مع زوجين آخرين في منزل مساحته 65 متراً: "بما أن ميزانيتهما كانت منخفضة، قررنا بموافقة صاحب المنزل تقاسم أموال الرهن العقاري والإيجار. وأعطيناهم الغرفة الأكبر لأنه كان لديهما طفل".
وهكذا بدأ خمسة أفراد بالعيش معًا في منزل برهن قدره 200 مليون تومان، وإيجار شهري ارتفع إلى 13 مليون تومان. وكانت مينا بائعة في محل لبيع الملابس بشارع "هفت تير" حتى قرر صاحب العمل فصل بعض مندوبي المبيعات، وكانت هي واحدة منهم.
وتحدثت مينا عن محاولتها الحصول على راتب آخر شهرين من عملها، وتابعت قائلة: "لم أجد وظيفة جديدة بعد، وعلينا أن نعيش براتب شريكي الذي يعمل في أحد المطاعم، وهو 8 ملايين تومان".
وقالت لـ"إيران إنترناشيونال" عن صعوبات العيش في منزل مشترك مساحته 65 متراً: "من المشاجرات العائلية وحقيقة أنه لا يمكننا استقبال ضيوف أبداً لأنه ليس لدينا مساحة شخصية". والمشكلة أخرى للعيش المشترك هي محدودية مرافق المنزل والاستخدام المشترك للأدوات عندما تحتاجها كلتا العائلتين، وفي بعض الأحيان تسبب هذه المشكلة خلافات".
وأشارت مينا إلى أن الغرفة التي تعيش فيها هي وشريكها لا تحتوي على أنابيب غاز لتركيب مدفأة، وقالت: "خلال فصل الشتاء، كنت أنا وشريكي نضطر لاستخدام مدفأة كهربائية ودفع ثمنها، وهذه مجرد واحدة من آلاف الحجج التي نتشاجر بسببها".
وقال محسن مسعوديان، الباحث والمحاضر الجامعي، في حديث لموقع "ديده بان" في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 حول البيوت المشتركة في طهران: "إن اختيار البيوت المشتركة ما هو إلا شكل من أشكال الإكراه الذي يضطر الناس إلى اختياره بسبب القضايا والمشكلات الاقتصادية".
وفي إشارة إلى أن أنماط الحياة هذه في بعض البلدان تعتبر اختيارية تمامًا، قال: "في إيران، اختيار نمط الحياة هذا يرجع إلى قضايا ومشكلات اقتصادية؛ وهذا يعني أن الناس مجبرون على التحول إلى أنماط الحياة هذه".
تزايد الطلب على المنازل المشتركة
ومن الأمور التي أشار إليها علماء الاجتماع مراراً في السنوات الماضية، هو تأثير التضخم على تقلص الطبقة الوسطى وسقوط هذه الطبقة تحت خط الفقر، وهو ما يتجلى بشكل أوضح في سوق الإسكان.
وعن زيادة عدد الأزواج الذين يرغبون في استئجار شقق بمساحة 150 إلى 200 متر بشكل مشترك لأنه ليس لديهم ما يكفي من المال لدفع الرهن والإيجار، قال صاحب مكتب عقاري في منطقة "طهران بارس" لـ"إيران إنترناشيونال": "نواجه عددا كبيرا من الأزواج الشباب الذين ليس لديهم القدرة المالية على دفع الرهن العقاري وإيجار المنزل. أحيانا نقدمهم لبعضهم البعض، وأحيانا يجدون زوجين آخرين بأنفسهم".
وأشار إلى أن "بعض هؤلاء الأزواج يعملون كممرضين في المستشفيات أو يعملون في مصانع وشركات في ضواحي طهران، لكنهم غير قادرين على دفع إيجار المنزل كاملا". ووفقا لقول صاحب هذا المكتب العقاري: "عادة ما يتم إنفاق راتب أحد الشخصين على الإيجار، وعلى الآخر توفير الضروريات من طعام وملبس، وهو أمر صعب مع التضخم الذي لا يمكن التنبؤ به".
وقال صاحب المكتب العقاري إن رد فعل أصحاب المنزل على استئجار منزل لأسرتين، مختلف، وأضاف: "ليس لدى المالك الذي ظل منزله فارغًا منذ أشهر خيارًا سوى قبول هذه المشكلة، لأنه هو نفسه بحاجة إلى هذا المال. بالطبع، هناك أوقات يقع فيها زوجان في مشكلة ويجبران المالك على إلغاء عقدهما بتكلفة كبيرة".
وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، قال داود بيكي نجاد، نائب رئيس اتحاد الاستشاريين العقاريين في طهران، لوكالة أنباء "إيلنا" عن الزيادة في المنازل المشتركة في طهران: "المنازل المشتركة لا تحدث في الشقق، وحتى الآن لم يتم الإبلاغ عن أي تقرير عن لإيجارات المشتركة في الشقق".
ونفى بيكي نجاد هذا الأمر تمامًا، وذكر أننا لم نواجه طلبا لاستئجار شقة واحدة لأسرتين، وقال: "إذا شوهدت هذه المسألة، فسوف يتم الإبلاغ عنها على الفور".
أفادت منظمات حقوق الإنسان بتزايد عمليات إطلاق النار المميتة على العتالين الأكراد من قبل قوات الأمن في إيران. ويحاول هؤلاء العتالون الذين ينقلون البضائع من العراق كسب المال من أجل البقاء على قيد الحياة.
ووفقا لمنظمة حقوق الإنسان "الاتحاد من أجل إيران"، أطلقت قوات الأمن الإيرانية النار في عام 2023 على 507 أكراد، كانوا يحملون بضائع من العراق، وقتلت 44 منهم.
وبحسب تقرير هذه المنظمة الحقوقية، منذ بداية هذا العام، تم إطلاق النار على 111 كردياً على الحدود لهذا السبب.
وقال محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، ومقرها النرويج، إن "وصول العتالين الأكراد إلى العدالة محدود".
وأضاف مقدم: "عندما يراهم حرس الحدود يطلقون النار عليهم. نسمع عن أشخاص قُتلوا، لكن أشخاصا هناك أيضًا فقدوا أطرافهم. أو أصبحوا مشلولين بسبب إصابة الحبل الشوكي".
وأشارت شقايق نوروزي، من منظمة "الاتحاد من أجل إيران" إلى أن "كثيرا منهم من الصبية الذين يبلغون من العمر 13 عامًا، لكن البعض الآخر من الرجال والنساء المتعلمين تعليمًا عاليًا، وبعضهم يصل عمره إلى 77 عامًا. إنهم يعتمدون على حمل الأحمال الثقيلة على الأراضي الخطرة والجبلية كوسيلة للبقاء".
وقالت نوروزي لـ"إيران إنترناشيونال": "يمكنكم العثور بين العتالين على حاملي شهادة الدكتوراه الذين تخرجوا للتو وعادوا من طهران، ولا يمكنهم العمل في كردستان".
وعادةً ما يتم الدفع للعتالين بناءً على وزن ونوع البضائع التي يحملونها.
وبحسب التقارير، فإنهم غالباً ما يحملون عشرات الكيلوغرامات من البضائع لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات فوق التضاريس الجبلية.
وتعبر سلع مثل الشاي والإلكترونيات والمنسوجات ومنتجات التجميل والسجائر الحدود لبيعها على الفور.
وعادة ما يتم تجنب حمل المشروبات الكحولية لأنها تنطوي على عقوبة أشد.
الضغط على القوميات
تيمور إلياسي، ممثل مجموعة حقوق الإنسان الكردستانية الإيرانية في الأمم المتحدة في جنيف، وصف عمليات إطلاق النار هذه بأنها "عمليات إعدام خارج نطاق القانون" واعتبرها "استهدافًا ممنهجًا" لإحدى المجموعات العرقية الأكثر تهميشًا في إيران.
وأضاف: "للناس الحق في الغذاء، والحق في العمل، والحق في الصحة، والحق في الحياة".
وقال لـ"إيران إنترناشيونال": إطلاق النار على العتالين يحدث منذ عقدين من الزمن، والفقر هو العامل الرئيسي الذي يدفعهم للقيام بذلك.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، تم زرع حوالي 20 مليون لغم في كردستان الإيرانية.
وأشار إلياسي إلى أن زراعة هذه الألغام جعلت الأرض غير صالحة للزراعة، وخلقت ظروفا مميتة للعمل في الأرض.
وتابع: "لدينا الكثير من الأشخاص الذين يعيشون في هذه المنطقة ولا يستطيعون العمل في أراضيهم، إضافة إلى أنه لا توجد أي استثمارات ومشاريع تنموية في المنطقة".
ونشرت "هيومن رايتس ووتش" تقريرا عن تزايد إطلاق قوات الأمن الإيرانية النار على العتالين.
وتمت مقابلة 13 عتالاً كرديًا نجوا أو شهدوا عمليات إطلاق نار بين أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وأبريل (نيسان) 2024 لإعداد هذا التقرير.
وقال شهود لـ"هيومن رايتس ووتش" إن حرس الحدود والحرس الثوري الإيراني نفذوا هذه الهجمات على العتالين.
وبحسب تقرير المنظمة، الصادر يوم الاثنين 8 يوليو (تموز)، فقد أخبر 6 أشخاص هذه المجموعة الحقوقية أن قوات الأمن الإيرانية استهدفتهم، وشاهدوا آخرين يُطلق عليهم الرصاص.
وقال اثنان آخران إن قوات الأمن الإيرانية أطلقت النار وقتلت أقاربهما الذين كانوا يعملون كعتالين. وفقد أحدهم ساقه بعد أن داس على لغم.
وقد راجعت "هيومن رايتس ووتش" الوثائق الطبية ووثائق المحكمة في هذا الصدد.
قضية أمنية
وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها أن حكومة إبراهيم رئيسي اقترحت على الأكراد الإشراف على عمل العتالين. ومع ذلك، غالباً ما تعتبر السلطات في إيران هذه المسألة أمنية.
يذكر أن محيي الدين إبراهيمي، سجين سياسي كردي، كان عتالاً وتم إعدامه في مارس (آذار) 2023 بتهم أمنية. وفي عام 2017، تم القبض عليه على الحدود بعد أن كان يحمل مشروبات كحولية.
وكان قد كتب في رسالة نُشرت على موقع حقوق الإنسان الإيراني: "لدي عائلة مكونة من 12 فردًا وأعيش في مدينة أشنويه، وأعمل عتالا منذ عدة سنوات. في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، كنت أعبر الحدود من كردستان العراق بحصانين و4 صناديق كرتونية في ظلام الليل. كان عدد قليل من الأشخاص الآخرين يتحركون أمامي على بعد بضع مئات من الأمتار، فأطلقت قوات حرس الحدود فجأة النار على الأشخاص الذين كانوا في المقدمة، وبدأ هؤلاء الأشخاص في الفرار، وأصبت بجروح خطيرة، وخلال تفتيش فوج الحدود، تم ضبط ومصادرة الحصانين و4 صناديق من المشروبات الكحولية من نوع البيرة".
وأضاف إبراهيمي: "بسبب إصابات خطيرة، تم نقلي إلى أشنويه من قبل عناصر فوج الحدود وبعد أيام قليلة من العلاج في المستشفى، تم نقلي من المستشفى إلى مركز احتجاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني. لقد واجهت اتهامات كاذبة وغير قابلة للتصديق في مركز احتجاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني؛ في حين أنه، بحسب تفتيش حرس الحدود، لم يكن هناك سوى 4 كراتين [من المشروبات الكحولية]".
وحُكم عليه رسمياً بالإعدام بتهمة "البغي" (التمرد المسلح) لعضويته في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.
وأشار أميري مقدم من منظمة حقوق الإنسان الإيرانية إلى قضية أخرى مماثلة، وقال إنه في الشهر الماضي، حُكم على إدريس آلي، وهو عتال كردي، بالإعدام بتهمة ملفقة وهي: "التجسس لصالح إسرائيل".
وأكد أن هذا الاتهام جاء على أساس الحصول على اعتراف من العتال "تحت التعذيب"، وأن عمله الوحيد كان "تهريب الكحول".
العمل مقابل 10 دولارات
وقال أميري مقدم إن النظام الإيراني يستهدف أيضًا الأشخاص الذين ينقلون البضائع في بلوشستان.
وأكد أن "استهداف الأقليات العرقية مثل الأكراد والبلوش هو وسيلة للسيطرة عليهم واضطهادهم، وهذا يظهر نظامًا لا يقدر حياة الإنسان ويريد خلق الخوف".
وأشار تيمور إلياسي، ممثل مجموعة حقوق الإنسان الكردستانية الإيرانية في الأمم المتحدة في جنيف، أيضًا إلى أنه بالإضافة إلى الفصل العنصري على أساس الجنس والدين، يرتكب النظام الإيراني أيضًا فصلًا عنصريًا عرقيًا.
واستناداً إلى البيانات المتوفرة، قال إلياسي: ما بين 84 ألفا و160 ألف شخص يعملون يوميا كعتالين، ولا يتقاضون سوى "10 دولارات" مقابل حمل أحمال ثقيلة في الثلج والطقس البارد، مع احتمال تعرضهم للقتل أو الإصابة أو السجن.