لم يُحسم ملف الانتخابات البرلمانية الإيرانية بشكل نهائي بعد أن توجهت بعض الدوائر الانتخابية إلى جولة ثانية، نظرا إلى عدم حسم مرشحين بعينهم لتلك الدوائر، لكن هذه الانتخابات حتى الآن حملت نتائج مقلقة بالنسبة لرجال الدين الذين يحكمون إيران.
إن تسجيل أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات الإيرانية ليس بالأمر الهين الذي يمكن المرور منه مرور الكرام.
وعلى الرغم من محاولة الأجهزة الإعلامية التابعة للنظام الإيراني التقليل من حجم الفضيحة التي حلت بالنظام، وفشل العملية الانتخابية أو مزاعمهم الوقحة في وصف هذه الانتخابات بأنها "فتح الفتوح"، إلا أن الحقيقة التي لا تقبل المراء هي أن الانتخابات جلبت فضيحة مدوية للمرشد علي خامنئي.
وخامنئي الذي كان في خطبه القديمة " يُحَقِّر" بعض الدول بسبب نسبة المشاركة في الانتخابات فيها بمعدل 35 إلى 40 في المائة، ويصفها بأنها "فضيحة وعار" يلتزم الصمت الآن، في وقت يجب أن يشعر فيه بالعار بعد أن قال المواطنون كلمة "لا" في وجه دعواته الحثيثة للمشاركة في الانتخابات.
كما تجلى هذا الرفض في تسجيل العديد من الدوائر الانتخابية نسبة عالية من الأصوات الباطلة، حيث تحولت هذه الأصوات إلى منافس رئيس ضد بعض المرشحين الذين خاضوا الانتخابات بفضل تزكية مجلس الدستور لهم!
وإذا ما حذفنا الأصوات الباطلة من نسبة المشاركة التي أعلنت عنها السلطات الإيرانية والتي تناهز 40 في المائة فقط، فإن أبعاد مقاطعة الانتخابات تتجلى لنا بشكل أكبر وأكثر وضوحا، وينكشف لنا مدى الاستياء في الشارع الإيراني.
ونظرا إلى امتناع السلطات حتى الآن نشر تفاصيل وإحصاءات الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء، لا يمكن تقديم تحليل دقيق ومفصل، لكن وبشكل عام يمكن اعتبار هذه الانتخابات بأنها نموذج مكتمل الأركان للابتذال الانتخابي في نظام الجمهورية الإسلامية، الذي يجري مثل هذه الانتخابات لا لكي يشارك الناس في تقرير مصيرهم وإنما من أجل أن يُجَمِّل صورته، ويدعي أنه يتمتع بشعبية ودعم جماهيري.
والآن وبعد هذه الانتخابات أصبح من العسير على النظام الاستفادة من الأداة الانتخابية لتجميل صورته.
إن معظم الإيرانيين، وفي ظل فشل النظام وزيادة الوعي، أصبحوا غير مستعدين للمشاركة في مثل هذه المسرحيات الانتخابية التي يرعاها النظام، مسرحيات لم يقبل أن يشارك فيها حتى الرئيس الأسبق لإيران محمد خاتمي، ناهيك عن الشعب الإيراني الذي لم ينل طوال سنوات ما بعد الثورة غير البؤس والموت والمعاناة.
انطلاقا من هذا أراد الإيرانيون من مقاطعة الانتخابات أن يوصلوا رسالة مهمة للمرشد علي خامنئي والنظام برمته، وهي: "إنكم ربما نجحتم حتى الآن في إفراغ الشوارع من المتظاهرين بفعل القمع والقتل والإعدامات والسجون، لكن المقاومة المدنية الذكية من قبل الشعب لا تزال باقية، ودليل ذلك صناديق الاقتراع الفارغة!"
أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI) إخطارًا بشأن عميل وزارة الاستخبارات الإيرانية، مجيد دستجاني فراهاني، من أجل الحصول على مزيد من المعلومات لملاحقة هذا المتهم بتوظيف مرتزقة لاغتيال مسؤولين أميركيين.
وبحسب موقع "سيمافور"، فقد أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي في ميامي، الجمعة، إخطارا عاما، وأعلن أنه يبحث عن معلومات حول مواطن إيراني يدعى مجيد دستجاني فراهاني، يعتقد أنه عضو في وزارة الاستخبارات الإيرانية ويقوم بتجنيد الأشخاص لتنفيذ عمليات قاتلة في الولايات المتحدة.
وأشار تقرير "سيمافور" إلى أنه ليس من الواضح سبب إصدار مكتب التحقيقات الفيدرالي إخطاره في فلوريدا، لكن فراهاني يتحدث الإسبانية وغالباً ما يسافر بين إيران وفنزويلا.
وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي، الجمعة، إن فراهاني (42 عاما) كان يوظف أفرادا للانتقام لمقتل القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وللقيام "بأنشطة مراقبة تركز على أماكن العبادة والشركات والمرافق الأخرى في الولايات المتحدة". وفي وقت سابق من شهر ديسمبر(كانون الأول) 2023، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مجيد فراهاني.
وخلال عام 2011، أدانت وزارة العدل الأميركية إيرانيا آخر يدعى منصور أرباب سير، متهم بالعضوية في الأجهزة الأمنية الإيرانية والتعاون مع عصابات المخدرات المكسيكية لاغتيال السفير السعودي السابق في واشنطن، عادل الجبير.
وفي هذه القضية، تم ذكر مواطن إيراني آخر يدعى علي (بهنام) غلام شكوري كضابط كبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وهو متهم بالاتصال والتخطيط ودفع أموال لعصابة "لوس زيتاس" لاغتيال عادل الجبير، سفير المملكة العربية السعودية آنذاك في واشنطن.
جدير بالذكر أن أميركا والمملكة المتحدة قامتا باحتجاز أو فرض عقوبات على العديد من المواطنين الإيرانيين وغير الإيرانيين لمحاولتهم ارتكاب أعمال إرهابية على أراضيهما.
وفي يناير(كانون الثاني) من هذا العام، أعلنت وزارة العدل الأميركية أن إيرانيا يدعى ناجي شريفي زندشتي، ومواطنين كنديين اثنين، أعضاء في جماعة إجرامية، متهمون بالتآمر لاستخدام منشآت تجارية في الولايات المتحدة لارتكاب جرائم قتل مقابل أجر. وقد تآمروا لقتل إيرانيين يعيشان في ولاية ماريلاند.
وخلال السنوات الأربع الماضية، قال العديد من المسؤولين في إيران، مرارًا وتكرارًا، إنهم سينتقمون لمقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
يذكر أنه في عام 2020، أمر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بقتل قاسم سليماني. وقد تم استهدافه هو وأبو مهدي المهندس، أحد قادة الحشد الشعبي، من القوات الوكيلة التي تدعمها إيران في بغداد، بهجوم بطائرة مسيرة وقُتلا.
وفي عام 2022، اتهمت وزارة العدل الأميركية الحرس الثوري بمحاولة قتل جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لدونالد ترامب.
وبحسب قول المسؤولين الأميركيين، فإن مايك بومبيو وبريان هوك، الممثل السابق للولايات المتحدة في الشؤون الإيرانية، مدرجان أيضًا على قائمة الاغتيالات الإيرانية.
وتوفر الحكومة الأميركية حاليا الأمن لهؤلاء الأشخاص، ووفقا لتقرير نشرته شبكة "سي بي إس نيوز"، فإن حكومة جو بايدن تنفق ملايين الدولارات سنويا لحماية المسؤولين الحكوميين السابقين الذين تعرضوا للتهديد من قبل إيران.
وفي يناير(كانون الثاني) من هذا العام، اتهمت وزارة العدل الأميركية ثلاثة أشخاص بمحاولة قتل الناشطة الإيرانية الأميركية في مجال حقوق المرأة، مسيح علي نجاد، في نيويورك. كما أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي في وقت سابق أنه أحبط في عام 2021 خطة النظام الإيراني لاختطاف علي نجاد في بروكلين ونقلها إلى فنزويلا بقارب سريع.
وقد فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا، في يناير(كانون الثاني)، عقوبات مشتركة على 11 إيرانياً يُزعم تورطهم في محاولات اغتيال معارضين سياسيين في الخارج.
بحسب موقع "سمافور"، أصدر مكتب التحقيقات الفدرالي في ميامي بالولايات المتحدة، تحذيرا عاما بشأن عميل وزارة الاستخبارات الإيرانية، مجيد دستجاني فراهاني، من أجل الحصول على مزيد من المعلومات لملاحقته حيث متهم بتوظيف مرتزقة لاغتيال مسؤولين أميركيين
أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، اليوم الاثنين 4 مارس (آذار)، في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية في فيينا، أنه لم يتم إحراز أي تقدم في حل قضايا الضمانات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وقال غروسي إن إيران لم تقدم تفسيرات فنية موثقة إلى الوكالة حول وجود جزيئات اليورانيوم من أصل بشري في موقعي "ورامين" و"تورقوز أباد"، ولم تبلغ الوكالة بالموقع أو المواقع الحالية للمواد أو المعدات النووية الملوثة.
وأشار إلى أنه لا يمكن معالجة كل هذه المخاوف إلا من خلال التعاون البناء والهادف، وطلب من إيران التعاون بشكل كامل وبشكل لا لبس فيه مع الوكالة.
وأوضح أنه مرت ثلاثة أعوام منذ توقف طهران عن بروتوكول التفتيش الإضافي، وبالتالي منعت الوكالة من إجراء أنشطتها التكميلية في المواقع الإيرانية.
وتأتي تصريحات غروسي بينما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء قبل ساعات عن مصادر دبلوماسية، أن الدول الغربية لا تنوي تصعيد خطابها تجاه إيران بشكل جدي لعدم تعاونها مع الوكالة في اجتماع مجلس محافظي الوكالة.
وقالت "رويترز" إنه وبسبب الصراع في غزة، واستمرار التوتر في الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة لا تريد تأجيج التوتر في المنطقة من خلال تمرير قرار ضد طهران في مجلس المحافظين.
وخلال الأشهر الأخيرة، وخاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) اعتبر منتقدو إدارة جو بايدن أن سياسة واشنطن تجاه طهران "متساهلة" للغاية، واتهم البعض الرئيس الأميركي باعتماد سياسة "الاسترضاء" تجاه إيران.
وحذر غروسي كذلك من أنه على الرغم من أن طهران خفضت بشكل طفيف معدل إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، إلا أن احتياطيات إيران من اليورانيوم المخصب لا تزال في ازدياد.
وكتبت "رويترز" في 16 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن التقارير السرية الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تظهر أن إيران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% لصنع ثلاث قنابل نووية، وأنها ما زالت لا تتعاون مع الوكالة في القضايا الرئيسية.
وفيما يتعلق بتصريحات علنية صدرت في إيران مؤخرا بشأن قدرة طهران التقنية على إنتاج أسلحة نووية، قال غروسي إن مثل هذه التصريحات لا تؤدي إلا إلى زيادة مخاوف الوكالة بشأن صحة إعلانات الضمانات الإيرانية.
وإشارة غروسي تعود لتصريحات الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيراني، علي أكبر صالحي، الذي قال ضمنيا إن طهران لديها الإمكانية لصنع قنبلة ذرية.
ورفض صالحي، في مقابلة متلفزة، الإجابة بشكل مباشر على سؤال حول ما إذا كانت إيران قد حققت القدرة على صنع أسلحة نووية أم لا، وأضاف: "السيارة تحتاج إلى هيكل ومحرك وعجلة قيادة وما إلى ذلك. تقول إنكم صنعتم؟ أقول نعم! ولكن كل قطعة لغايتها الخاصة".
وأعرب غروسي عن قلقه البالغ إزاء توقف طهران من جانب واحد عن تنفيذ البيان المشترك المتعلق بالتعاون مع الوكالة، وما يتصل بمنع عدد من مفتشي الوكالة من ذوي الخبرة من دخول الأراضي الإيرانية.
وفي 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، ألغت طهران ترخيص 8 مفتشين تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية يحملون الجنسيتين الفرنسية والألمانية للعمل في الأراضي الإيرانية.
بعد اليوم الثالث من الانتخابات، التي شهدت أدنى مشاركة بتاريخ نظام الجمهورية الإسلامية ونجاح دعاوى المقاطعة، لم يصدر المرشد الإيراني علي خامنئي أي رسالة بشأن ذلك والتزم الصمت حتى الآن. يذكر أن المرشد لم يصدر أيضا بيانا في الانتخابات السابقة التي شارك فيها 42% فقط من المواطنين.
تظهر تحقيقات أجرتها "إيران إنترناشيونال" أنه بعد هزيمة النظام الإيراني أمام حملة المقاطعة واسعة النطاق، قام مقر الانتخابات ومجلس صيانة الدستور بمصادرة وإدارة عملية التصويت والإعلان عن النتائج.
وسبق أن بحثت "إيران إنترناشيونال" في تقارير منفصلة، تفاصيل التلاعب في العملية الانتخابية وهندستها، بما في ذلك استخدام وسائل الإعلام والأحزاب، فضلا عن تلفيق الأرقام والإحصائيات. ومع انتهاء عملية التصويت، التي تمت بإجراءات غير عادية، نفذت سلطات النظام الإيراني عملية فرز الأصوات وإعلانها بطريقة غير شفافة ومتناقضة.
لكن نتائج هذه العملية المهندسة وغير الشفافة لها أبعاد كبيرة، وتشير إلى تشكيل برلمان صوري يعتمد نوابه على أقل عدد من الأصوات.
الإحصائيات الإجمالية غير كاملة ومتناقضة
لقد كان فرز الأصوات وإعلانها هو المرحلة الأخيرة من الانتخابات المهندسة، والتي كان من المتوقع أن تكون أسرع قليلاً وأكثر دقة مع التقنيات الجديدة والموارد البشرية المستخدمة فيها، لكنها لم تكن كذلك.
ومنذ انتهاء التصويت منتصف مساء الجمعة 1 مارس (آذار)، وبعد عدة تمديدات غير مبررة، رغم عدم وجود ناخبين، كانت وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري الإيراني هي التي أعلنت نسبة المشاركة، وإجمالي الأصوات بدلاً من المؤسسات الرسمية.
ومن خلال دراسة الدورات الانتخابية السابقة والأخذ في الاعتبار تدخلات المؤسسات العسكرية، يمكننا أن ندرك أن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.
وبحسب الإعلان الرسمي الصادر عن المسؤولين الحكوميين، فقد جرت عملية التصويت باستخدام شبكة الإنترنت الوطنية والكمبيوتر.
في هذه العملية، تم استخدام الرقم الوطني للناخبين من قبل نظام الكمبيوتر "للتحقق من هويتهم". ويعني ذلك أنه بمجرد انتهاء التصويت، يمكن لمسؤولي مقر الانتخابات الإعلان عن إجمالي الأصوات التي تم الحصول عليها والإحصائيات المنفصلة للمحافظات من خلال الرجوع إلى الإحصائيات المسجلة، لكنهم لم يفعلوا ذلك.
وبدأ مسؤولو مقرات الانتخابات على المستوى الوطني والمحافظات في نشر نتائج الانتخابات بشكل تدريجي وغير شفاف، كما تم نشر الجدول الأول لإحصائيات المشاركة في المحافظات بشكل غير كامل عبر وكالات الأنباء الحكومية بعد يومين.
وكانت وكالة أنباء "فارس"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، أول مؤسسة تابعة للنظام تعلن مشاركة 25 مليون مواطن، وذكرت أن إجمالي عدد الأصوات التي تم الحصول عليها بلغ حوالي 42 في المائة.
ومع مرور الوقت، تغيرت الإحصائيات التي أعلنتها وكالة أنباء "إيرنا" الرسمية، إلى نحو 41 في المائة.
وفي اليوم الثاني بعد انتهاء عملية التصويت، لم يعلن مسؤولو مقار الانتخابات في البلاد والمحافظات الإحصائيات الدقيقة للأصوات التي حصل عليها المرشحون، وتم تأجيل ذلك فعلياً إلى اليوم الثالث، أي يوم الاثنين 4 مارس (آذار).
خلال هذه الفترة، كان الجدول الذي نشرته وكالة أنباء "إيرنا" يحتوي على العديد من الأعمدة الفارغة.
محاولة إعلان النصر والتسرع في إعلان العدد
منذ بداية عملية التصويت وحتى ما بعد الانتخابات، وبدلاً من التركيز على الدقة والشفافية في إجراء وإعلان الإحصائيات، صرف المسؤولون ووسائل الإعلام جل طاقتهم في إعلان "انتصارهم" و"هزيمة" أنصار مقاطعة الانتخابات.
وقال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور يوم الانتخابات إن نسبة المشاركة "أفضل" من الدورة السابقة.
وفي الوقت نفسه، زعم رئيس مقر الانتخابات في إيران أن مشاركة الشعب في الانتخابات كانت "أكثر كثافة".
وكان الإعلان عن هذه الإحصائيات الكاذبة بمثابة نوع من هندسة الأجواء الانتخابية يوم التصويت، وخداع الرأي العام.
الاعتراض بأصوات باطلة
وتم تسجيل أدنى إحصائيات مشاركة في تاريخ انتخابات نظام الجمهورية الإسلامية في هذه الدروة، إلا أن الأدلة تشير إلى أنه حتى بين الذين شاركوا، فقد أدلى جزء كبير منهم بأصوات باطلة.
وحتى يوم الاثنين، لم يعلن أي من مسؤولي مقر الانتخابات رسميا عن حجم الأصوات الباطلة، التي يمكن أن تكون علامة على تحركات المواطنين الاحتجاجية، بطريقة دقيقة وشفافة.
وفي الجدول الذي نشرته وحدثته وسائل الإعلام الرسمية، لا توجد معلومات حول إجمالي عدد الأصوات والأصوات الباطلة، وتم فقط تسجيل أسماء المرشحين وعدد أصوات بعضهم.
ومع ذلك، تشير التقارير الرسمية إلى أن حجم الأصوات الباطلة في بعض الدوائر الانتخابية، بما في ذلك "يزد"، احتل المرتبة الثانية.
وفي طهران، ومع انتهاء عملية فرز الأصوات، أعلنت وسائل الإعلام التابعة للنظام، أنه تم فوز 14 شخصاً فقط بعضوية البرلمان من أصل 30 مقعداً، فيما سيتم تحديد الفائزين بالمقاعد الـ16 المتبقية بالعاصمة في الجولة الثانية.
وبحسب قانون الانتخابات، يحتاج كل مرشح إلى أكثر من 20% من الأصوات الصحيحة في دائرته ليتأهل مباشرة في المرحلة الأولى.
ووفقاً لإحصائيات النهائية لدوائر طهران، وري، وشميرانات، وإسلام شهر، فقد شارك في الانتخابات حوالي 24% من إجمالي 7.7 ملايين شخص مؤهل، أي ما يعادل حوالي 1.86 مليون صوت.
ومن خلال حساب نفس الأرقام التي ذكرتها وسائل الإعلام الرسمية ومساعد محافظ طهران، يمكن ملاحظة أن نصف المرشحين يجب أن يذهبوا إلى الجولة الثانية.
وكان نحو 15 في المائة من الأصوات في دائرة العاصمة باطلة، أي ما يعادل 296 ألف صوت، حسب الإحصائيات الرسمية. وبهذه الطريقة يتم وضع الأصوات الباطلة في المركز السادس عشر، وهي أكثر من أغلبية المرشحين الذين ذهبوا إلى الجولة الثانية من الانتخابات.
زيادة عدد المؤهلين للمشاركة في الانتخابات لم تساعد
رغم تركيز النظام على إحصائيات العدد الإجمالي للمشاركين في الانتخابات، إلا أنه لا يوجد ذكر لتفاصيل أعداد المشاركين وذلك من أجل التغطية على الفشل الكبير.
ويأتي ذلك في حين أن عدد الأشخاص الذين يحق لهم التصويت قد زاد في السنوات الأخيرة.
وفي الدورة الـ11 من الانتخابات البرلمانية، وبحسب إعلان مقر الانتخابات في حكومة روحاني، بلغ عدد المؤهلين للتصويت أكثر من 57.9 مليون شخص، وقد وصل هذا العدد في هذه الدورة إلى أكثر من 61.1 مليون شخص؛ ويعادل ذلك نحو 3.2 ملايين شخص، وهو ما يمثل زيادة في عدد المواطنين الذين يمكنهم التصويت يوم الجمعة.
إلا أن النتائج الرسمية في هاتين الدورتين تظهر أن عدد المشاركين ارتفع من 24.5 مليوناً إلى نحو 25 مليوناً فقط.
المرشحون الذين لا يمثلون الناخبين
وحتى مع افتراض صحة الانتخابات، فإن عدد أصوات العديد من المرشحين للبرلمان أقل من عُشر العدد الإجمالي للناخبين المؤهلين في الدائرة الانتخابية.
وفي طهران، أدى تأثير مقاطعة الانتخابات إلى حصول محمود نبويان، الفائز الأول، على 597 ألف صوت فقط، أي أقل من 8 في المائة من الأصوات.
وفي دائرة تبريز، وآذرشهر، وإيسكو، باعتبارها أكبر دائرة انتخابية في البلاد بعد طهران، بحسب الإحصائيات الرسمية، لم يحصل المرشح الأول سوى نحو 100 ألف صوت، وهو ما لا يتمكن حتى من تمثيل عُشر الأشخاص الذين يحق لهم التصويت في دائرته.
وفي مركز محافظة فارس، فإن وضع أصوات المرشحين أسوأ، فالشخصان اللذان سيدخلان البرلمان في الجولة الأولى فازا بنحو 5 و4 في المائة من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، والبالغ عددهم 1.3 مليون نسمة في دوائر شيراز، وزرقان على التوالي.
وفي منطقة قزوين، وأبيك، وألبرز، فاز شخصان حصلا على أقل من 8 في المائة من إجمالي الأصوات المؤهلة في المرحلة الأولى.
وفي دائرتي رشت، وخمام، حصل الأشخاص الثلاثة الذين دخلوا البرلمان على أقل من 7% من الأصوات.
ومن ناحية أخرى، دخل عدد من المرشحين إلى البرلمان بحصولهم على 10 آلاف صوت أو أقل. ومن بينهم محمد جلالي في "محلات" بحوالي 5 آلاف صوت، ونصف أصوات المركز الأول في الدورة السابقة، وإلهام آزاد في "نائين" بحوالي 6 آلاف صوت، وأقل بألفي صوت عن الفترة السابقة.
ونتيجة نسبة التصويت هذه هي يمكن تسمية تشكيل أعضاء البرلمان بـ"الأقليات" (ذوي الأصوات المنخفضة).
خبراء بأقل قدر من الشرعية لـ"اختيار" المرشد
كما تشير نتائج انتخاب خبراء القيادة إلى أن المواطنين لم يبدوا اهتماماً كبيرا بهذه المؤسسة. وبينما اعتبر المسؤولون في إيران، مراراً، مجلس الخبراء على أنه علامة على أن منصب المرشد في النظام الإيراني هو "انتخابي"، فإن الإحصائيات الانتخابية تظهر أن مقدار الأصوات التي حصل عليها المرشحون أقل بكثير مما يمكن تسميتهم بـ"ممثلي الشعب".
على سبيل المثال، حصل رجال الدين الذين دخلوا هذا المجلس من محافظة خوزستان على ما بين 8 إلى 15 في المائة من الأصوات المؤهلة، وحصل أولئك الذين دخلوا المجلس من محافظة أصفهان على 8 إلى 16 في المائة من الأصوات المؤهلة.
وفي محافظة خراسان رضوي، باعتبارها المركز الديني للنظام، دخل هذا المجلس مرشح حصل على حوالي 12% من الأصوات المؤهلة، وهو أحمد علم الهدى، الذي تعرض للسخرية بوصفه حاكما لـ"أرض خراسان المستقلة" بسبب فرض إرادته على سياسة وثقافة المنطقة، ولم يكن معه سوى أصوات حوالي 16% من الأصوات.
ولم يفز أحمد خاتمي، عضو مجلس الخبراء الحالي والمؤيد القوي للنظام، إلا بحوالي خُمس الأصوات المؤهلة في محافظة كرمان.
ومع هذا الرصيد المنخفض للغاية من الأصوات، يقترب هذا المجلس من المرحلة المحتملة لتحديد المرشد المستقبلي للنظام؛ المجلس، الذي بالإضافة إلى افتقاره إلى الشرعية في لغة الأصوات، فقد نفى العديد من أعضائه، في الآونة الأخيرة، دوره الرقابي على المرشد.
التلاعبات التي لم تجد
يأتي العدد المنخفض جدًا من المشاركة في الانتخابات في حين قام المسؤولون في النظام الإيراني، من أجل "هندسة" الانتخابات، بتوزيع الامتيازات على بعض الفئات، بما في ذلك الجنود والتلاميذ، لتحفيزهم على المشاركة في الانتخابات.
وتشير الإحصائيات النهائية إلى أن الهندسة لم تتمكن من إضافة رقم ملموس إلى عدد الناخبين، وأخيراً مني النظام بهزيمة انتخابية كبيرة أمام المعارضة.